ما يحدث في لبنان

مواجهة السعودية لسوريا اميركية

null
سركيس نعوم (النهار) ، السبت 10 أيار 2008
علّق المسؤول المهم والعليم نفسه في “الادارة” الاميركية الثالثة البالغة الاهمية على قولي ان سوريا ستبقى تشعر بالاطمئنان ما دام ان احدا لا يريد “الدق” بنظامها او على الاقل يهددها بذلك، قال: “هذا صحيح،
لكن ذلك لا يعني ترك سوريا تتصرف على انها القوة الاقليمية الوحيدة وان لا احد اقوى منها في المنطقة او في العالم. سنضغط عليها. على كل حال لا تظن ان سوريا قوية كثيرا. لقد شعرت بالقلق بعد اغتيال عماد مغنية. ذلك انه قتل على ارضها، وفي دمشق التي كان يزورها مرات ومرات آمناً مطمئناً. وذلك يعني ان دمشق، او بالأحرى سوريا، لم تعد آمنة او ان خلافاً ما قد حصل”.
ما تقوله صحيح. لم يكن ممكنا ان يُقتل مغنية في دمشق من دون مساعدة ما من داخل سوريا. وربما هناك اختراق لا احد يعرف اذا كان افقياً او عمودياً وعلى اي مستوى. ماذا عن اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين الى سوريا؟ وهل تعتقد ان القاتل قد يكون منهم؟ لم يعلق.
فانتقلت الى موضوع آخر سائلا اياه: الى اي مدى ستذهب السعودية في مواجهة سوريا؟ اجاب: “السؤال الحقيقي هو: الى اي مدى ستذهب اميركا في مواجهة سوريا؟ ذلك ان مواجهة السعودية لسوريا تعتمد، او بالاحرى تتوقف الى حد كبير على مواجهة اميركا لها. وهذا امر لا نستطيع الخوض فيه الآن على الاقل. لكن السعودية خلافا لكل توقعاتنا وتاريخها، تواجه ولا تتراجع سواء نتيجة ضغط او ابتزاز. وهي تواجه تحديداً سوريا التي ابتزتها مرارا وطردتها من لبنان وستستمر في محاولة ابتزازها واقصائها عنه. اتى وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الى واشنطن وبحثنا معه في الوسائل التي تجعل المواجهة اكثر استراتيجية، وتالياً اكثر فائدة وانتاجياً. طبعا هناك خطوات عدة يمكن ان تتخذها السعودية مثل قطع المساعدات عن سوريا، والتشدد مع العمالة السورية فيها، ومنع الاستثمارات السعودية عنها وفي مقدمها استثمارات الامير الوليد بن طلال بن عبد العزيز، ومنع رجال الاعمال السعوديين من العمل فيها. ولكن قد لا يكون امراً حكيما اعادة السوريين العاملين في السعودية الى بلادهم لأن ذلك يقوي النظام ولا يضعفه، ولأن الناس هم اقل الفئات تاثيراً على النظام في سوريا. المملكة ستقاطع القمة العربية التي ستعقد في دمشق او تتمثل فيها على مستوى متدن (حصل ذلك). ونحن ننسق في هذا الامر مع العرب في الخليج. نحن نريد والسعودية تريد اعطاء العالم كله فكرة ان هناك موقفا عربيا شبه اجماعي مؤيد للبنان وسلبي حيال تدخل سوريا في شؤونه. انه موقف يريد اصحابه ان يسألوا سوريا لماذا لا تريد رئيسا لجمهورية لبنان يحضر القمة العربية، وان يضغطوا عليها من اجل انتخاب رئيس جديد له يحضر القمة”.
هناك مصر. مواقفها دائما مترجحة. يجب ان تتحدث معها السعودية وكذلك انتم كي تحزم امرها في موضوعي لبنان والقمة. وهناك ايضا دول المغرب العربي. كلما ازداد عدد الدول العربية ذات التمثيل المتدني في القمة ربما كان ذلك افضل. علما ان ما يهم سوريا في النهاية هو انعقاد القمة بالحد الادنى من التمثيل الرفيع، وتوليها رئاسة القمة على مدى سنة، والاستمرار في ما تريد تنفيذه في لبنان استنادا الى موقعها القوي فيه وعلاقاتها الجيدة جدا مع ايران واطمئنانها الى مصير نظامها. على كل حال، لماذا لا تتدخلون مع الزعيم الليبي معمر القذافي ليقاطع او ليخفض تمثيل بلاده بعدما صار معكم؟ ان حضوره، ورغم انكشافه، يوفّر زخما للقمة بسبب تاريخه “القومي المجيد” وإن بعد تخليه عنه.
علّق المسؤول المهم والعليم اياه في الادارة الأميركية الثالثة البالغة الاهمية نفسها على ذلك، قال: “القذافي يشكو دائما اننا لا نحدد له موعدا لزيارة واشنطن. واننا لا نفي بما وعدناه به. وهو يحب الاستعراضات والتحرش بالسعودية. تصور او تخيّل انه سيأتي بخيمته الى حديقة البيت الابيض مع جماله، في حال دعوناه الى زيارة الولايات المتحدة. على كل حال السعوديون ماضون “الى الآخر” ضد سوريا بشار الاسد. ولكن ما هو هذا الآخر؟ لا نعرف”.
ثم انتقل المسؤول نفسه في حديثه الى لبنان، قال: “على اللبنانيين ان يقوموا بدورهم وكذلك بالنسبة الى الحكومة وفريق 14 آذار”.
ما هو رأيك في انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان بالغالبية المطلقة من اعضاء مجلس النواب، اي نصفهم زائدا واحدا؟ سألت. فاجاب: “لقد عاد الى هذا الطرح اطراف لبنانيون في 14 آذار. الدكتور سمير جعجع مع هذا الطرح، النائب سعد الحريري مرتبك وقلق. ربما هذا امر يعود اليهم تقريره. نحن لم نتخذ موقفا من ذلك. لكننا قد نؤيده اذا وافق فريق 14 آذار عليه واعتمده حلا ونفذه. انت ضد هذا الطرح على ما قلت لنا في السابق، اي في تشرين الثاني الماضي”. رددت: نعم. ولا أزال. ولموقفي سببان: الاول، انه غير دستوري. والثاني، انه يعطي الفرصة لسوريا وايران للطلب من حلفائهما اللبنانيين بدء زعزعة الامن او الانطلاق في ضربة كبرى للواقع القائم او محاولة السيطرة على البلاد وقلب الاوضاع فيها وهم اقوى من 14 آذار. لكن البلاد قد تدمر وتغرق في حرب داخلية تُنهي كل شيء. فسوريا وايران ستواصلان دعم حلفائهما بالمال والسلاح، وربما الرجال. اما حلفاء 14 آذار فماذا سيقدمون؟ السعودية لا تستطيع تقديم سوى المال. وعرب الاعتدال الدعم الكلامي. اما اميركا والمجتمع الدولي فيقدمان الى لبنان او شرعيته المتمثلة بـ14 آذار بيانات رئاسية او اعلامية، او قرارات من مجلس الامن لا احد يعرف كيف يمكن تنفيذها. هل سترسلون “المارينز” او قوات ضخمة لحماية لبنان وشرعيته؟ لا أتصور ذلك. على كل حال قد يحصل الاسوأ في لبنان بعد قمة دمشق. فعلّق: سائلا “لماذا يقف جعجع مع اقتراح انتخاب الرئيس بالنصف زائدا واحدا”؟” فاجبت: لا اعرف. لكنه يحارب على اكثر من جبهة. يدافع عن رأسه، ورأس من يمثل. لا خيارات كثيرة عنده، في حين ان حليفه تيار المستقبل مثلا سيبقى قائما بدعم سعودي ومصري ربما حتى وإن ربح 8 آذار وإن لفترة قبل انتقال السنة اللبنانيين وزعاماتهم الى الاصوليين السنة”. ما هو تقويمك لقائد الجيش العماد ميشال سليمان الذي صار مرشحا توافقياً للرئاسة في لبنان؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى