صفحات الحوارقانون الاحوال الشخصية الجديد

حوار مع ياسين الحاج صالح حول قوانين الأحوال الشخصية

null
سوسن زكزك، باحثة في رابطة النساء السوريات
1. برأيكم، كيف أمكن ببساطة سن قوانين مدنية في جميع الميادين، ومعظمها قائم على المساواة في الحقوق بين النساء والرجال، دون أن يلقى ذلك احتجاجا من المؤسسات الدينية المختلفة، بينما هناك إصرار على أن تبقى القوانين التي تنظم حياة الأسرة، وبشكل خاص النساء، قوانين مستندة إلى ما يصطلح على تسميته ب”المقدس”، وهي قوانين تمييزية بالكامل؟
أرجح أن الأصل في ذلك يعود إلى ملابسات تكون الدولة الوطنية الحديثة في بلداننا. ككيان وكمؤسسة حكم، نشأت هذه الدولة من فوق، دون عملية تشكل ذاتية وشاملة، تتكون بموجبها الأمة والدولة في إطار قانوني وسياسي وثقافي ومؤسسي واحد. الدولة، خلافا للأمة التي تحكمها، تكونت في سياق تعميم قسري لنموذج الدولة الأوربية الحديثة. هذا معطى أول، أسّس لنظرة نخب الدولة إلى المجتمع الذي تحكمه بوصفه ناقص التشكل أو “متخلفا” (بدل أن تعمل على بناء أمة مواطنين حديثة)، ونظرة نخب المجتمع (الإسلامية منها بخاصة) إلى الدولة ككيان وكمؤسسة غير شرعيين. ولم يتحقق لأي من نخب الحكم في سورية قدر من الشرعية يمكنها من التدخل في حصن النخب الاجتماعية الدينية، أعني هيمنتها على المجال الذي يحدد وضع المرأة والعلاقات بين الجنسين والصيغة القياسية للحشمة في المجتمع (الحجاب، فصل الذكور والإناث). تدخل كهذا يحتاج ثقة بالنفس وشرعية مضمونة وفكرا تحديثيا متسقا. هذا فوق طاقة وفوق مستوى نخب الحكم السورية المتعاقبة (خلافا للنخبة التركية في عشرينات القرن العشرين: تكريا لم تقع تحت احتلال، بل حققت انتصارات كبيرة على الفرنسيين واليونانيين..). في مرحلة لاحقة، تمركز تفكير نخبة السلطة على الخلود في الحكم، وهذا يدفع تلقائيا إلى تجنب تدخلات اجتماعية وثقافية ربما تثير احتجاج النخب الاجتماعية الدينية أو قطاعات منها. بصورة عامة يبدو لي أن مطلب الحكم الأبدي يتوافق مع تشكل أهلي أو مللي للمجتمع المحكوم. ستترك نخب السلطة للنخب الأهلية والدينية مجالا مستقلا لا يعكر صفو سلطتها، وإن كان يتسبب في نقص التشكل الوطني.
من جهتها تحرص النخب الدينية على صون أوضاع اجتماعية وحياتية تضمن نفوذها، فتضفي طابعا تحريميا على علاقات تمييزية موروثة باسم “الشريعة”، من باب تثقيل وزنها في التنافس على السلطة العمومية. وهكذا تلتقي مصالح الأجهزة والسلطات الدينية مع قصور نخب الحكم وتدني مستواها لتثبّت حالة ثنائية اجتماعية وقانونية وتشريعية، تقع وطأتها القصوى على الفئات الأضعف في المجتمع: النساء، الأطفال، الشرائح الأفقر والأقل تنظيما.
أريد من ذلك وضع القضية في سياق عام واسع، لغرض تحليلي، لكن لغرض عملي أيضا. فقوانين الأحوال الشخصية وجه واحد من وجهين مترابطين لما أسميه النظام السلطاني المحدث، المكون من حكم مؤبد ومن مجتمع منتظم مِلَليّا، يحوز رؤساء الملل فيه دورا عاما كبيرا ويشكلون جزء من النخبة العليا في الدولة. والخلاصة البسيطة لذلك أن العمل ضد أحد الوجهين يخذل ذاته إن لم يندرج في سياق عمل أوسع لتجاوز النظام ككل.
والخلاصة العامة أن موقع العام الوطني شاغر لدينا: ولاء أهل الحكم لحكمهم أوّلاً، وولاء أهل الدين لدينهم أولا، والمجتمع منقسم (والمثقفون أيضا).
2. لماذا لا تشغل قضية المساواة بين النساء والرجال، وبخاصة في قوانين الأحوال الشخصية، الحيز المطلوب من اهتمام المثقفين، وبخاصة العلمانيين والليبراليين؟ وعلى سبيل المثال هل يعرف المثقفون أين يكمن التمييز ضد المرأة في قوانين الأحوال الشخصية؟ وإن كان يوجد فرق بين هذه القوانين أم لا؟
بسبب سيطرة الانشغال السياسي على مثقفي جيلنا والجيل الأكبر منا حتى وقت قريب. “المثقف النهضوي”، من رفاعة الطهطاوي إلى طه حسين، اهتم بالقضايا الاجتماعية والثقافية والتعليمية والتشريعية. “المثقف الثوري” أو التغييري الذي هيمن طوال النصف الثاني من القرن العشرين كان منشغلا أكثر بقضايا الثورة والتغيير الاجتماعي والسياسي. وكان للطغيان السياسي المنفلت في الربع الأخير من القرن نفسه أن ضيق نطاق الاهتمام بالقضايا العامة إلى حد كبير، ووجه اهتمام القلة النشطة الباقية بصورة تكاد تكون حصرية نحو السياسة.
وسمة المثقف التغييري أنه يعتقد أنه يكفي تغيير النظام (أو ذات يوم: البنية التحتية) حتى يتغير كل شيء آخر. أو هو على الأقل يمنح أولوية قصوى للتغيير السياسي، ويرهن به أية تغيرات أخرى لازمة. وهو ما انعكس في إهمال الجوانب غير السياسية من الحياة الوطنية، وتاليا في تضاؤل معرفتنا بها. لذلك، بلى، لا يكاد يعرف أحد منا شيئا عن مواطن التمييز ضد المرأة في قوانين الأحوال الشخصية. ولست شخصيا خارج هذا الشرط.
ويبدو لي أن هذا النموذج الأخير في أزمة منذ سنوات. ربما منذ عقدين من السنين. وأبرز وجوه الأزمة انقسام هذا المثقف إلى شخصين: واحد منهما يهتم حصرا بقضايا السياسة، وواحد يعنى حصرا بقضايا الدين. لكن انفصام الشخصية هذا قد يكون جانبا من ظاهرة انقسامية أوسع تتمثل اليوم في تجزؤ حقل العمل العام وظهور تخصصات منفصلة عن بعضها أو جزر اهتمام منعزلة. من يهتمون بالقضايا الحقوقية لا يهتمون بالقضايا السياسية، ومن يتجه تفكيره إلى قضايا الدين لا يفكر بقضايا الدولة، ومن يركزون على مسائل “السياسة الخارجية” يتعامون عن هياكل “السياسة الداخلية”، والذين يتابعون قضايا الاقتصاد يديرون ظهرهم لقضايا الثقافة. وهكذا… الأحزاب السياسية ذاتها تبدو مستسلمة لتقسيم العمل هذا. ويظهر المثقفون امتثالا لهذه القسمة مؤسفا.
هذا التطور مناسب جدا للاستبداد السلطاني، ولدوام الأوضاع الراهنة الواعدة بمزيد من التجزؤ.
3. يدافع الكثير من الشخصيات الدينية والاجتماعية والناشطات الإسلاميات عن فكرة أنه يمكن الوصول إلى المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء انطلاقا من قراءة فقهية تجديدية صحيحة وفقا لمسألة المتغير والثابت، ما هو رأيكم أنتم، وبخاصة مع وجود أحكام قطعية في الإرث والنفقة وتعدد الزوجات …؟
الأهم من تجديد التفكير الفقهي، وهو مرغوب دوما، هو تجديد التفكير في مقاصد الشريعة، أي في معنى الإيمان الإسلامي ومراميه الاعتقادية المؤسِّسة. هذا حيوي لأسباب تتجاوز مقتضيات ضمان المساواة الحقوقية بين الرجال والنساء التي لا أرى أن الدين، أي دين، يمكن أن يضمنها. هو حيوي من أجل تحرير التفكير وإعادة بناء الدين على أسس روحية وأخلاقية متجددة. وهو ما قد يزجُّ النصوص التي تبدو ثابتة وقطعية في خضم عمليات ثقافية وفكرية وروحية تضفي عليها النسبية أو التاريخية أو الخصوصية، وتدير وجهها نحو العقيدة لا الشريعة، وتقيم فجوة بين النص المقدس وبين استثماره الفقهي أو القانوني الضيق، فتحرره أو تفتح أبوابا لتحرره.
أما ضمان المساواة الحقوقية (أمام القانون) بين الجنسين فهي وجه من وجوه مؤسسة المواطنة التي تشمل أيضا المساواة السياسية (وراء القانون، أي المساواة في صنع القوانين)، والمساواة السيادية إن صح التعبير (أي في صنع السياسة). هذه المؤسسة لا تستند في أي مكان إلى الدين أو الأمة الدينية، بل تكونت في إطار الأمة السياسية، أمة المواطنين.
ثمة سؤال هنا عن العلاقة بين مبدأ المواطنة المتساوية وبين رغبة قطاع من المواطنين المفترضين في الانضباط بشرائعهم أو تقاليدهم الدينية.
سألاحظ في هذا الشأن أن هناك منظومتان تشريعيتان تنالان من مؤسسة المواطنة. واحدة دينية وواحدة دولتية. تتمثل الأولى بخاصة في قوانين الأحوال الشخصية. والثانية في حالة الطوارئ وملحقاتها القانونية والجهازية. ورأيي أن التخلص من المنظومة الثانية يوفر مناخا أفضل للصراع ضد المنظومة الأولى. المسألة في النهاية ليست مسألة نصوص وقراءات وتأويلات بل مسألة صراع اجتماعي وثقافي وسياسي، تتعزز فرص الفوز فيه بقدر ما نعمل على توحيد حقل العمل العام، ونتقدم على طريق بناء أكثرية اجتماعية حديثة، أكثرية مواطنين. ضمن هذه الأكثرية تتحول أية تشريعات دينية إلى مجال روابط المجتمع المدني، أي مجال الطوعية والجزئية، بينما تدين العمومية والإلزامية للقوانين المدنية.
4. هل ترى أن قوانين الأحوال الشخصية القائمة ما زالت تلبي احتياجات التطور وتنسجم مع الدور الفعلي الحالي الذي تلعبه المرأة السورية في حياة أسرتها ومجتمعها؟
لا تلبي. ولم تكن تلبي. أظن أن رهانها موجه أصلا نحو المحافظة على شيء (أدوار أسرية وجنسية موروثة وثابتة) وليس نحو تطوير شيء (تحرير المرأة أو تعزيز دورها العام..). وهي كما أشرت فوق سلاح بيد قطاع من النخبة الاجتماعية لضمان نفوذه وتثقيل وزنه في الحقل العام.
5. هل ترى أن وجود 8 قوانين للأحوال الشخصية يؤثر بهذا الشكل أو ذاك على بناء دولة المواطنة؟ كيف ذلك؟
يؤثر طبعا. قوانين الأحوال الشخصية تفكر في السوريين كمنسوبين لهذا الدين أو ذاك لا كمواطنين. هي أصلا تقع في عالم آخر غير عالم المواطنة، عالم الأديان والملل والمؤمنين والمؤمنات… وتسهم بذلك في تجزئة وإضعاف البنية الوطنية للمجتمع السوري، أو في الحد من فرص هذه البنية في الرسوخ.
6. برأيكم، ما هي المواقف التي ستظهر في المجتمع السوري فيما لو طرح قانون أسرة مدني يشمل بأحكامه جميع السوريين والسوريات بصرف النظر عن انتمائهم/هن الطائفي أو المذهبي، وينطلق من حقوق المواطنة المتساوية؟
سوف يثير مقاومات من السلطات الدينية، الإسلامية والمسيحية.
لكن لا أحد يشغل موقعا عموميا في وارد “طرح قانون أسرة مدني”. السلطات لا تعتزم القيام بذلك، وإن فضلت أن تختبئ وراء الاعتراضات المتوقعة والمؤكدة للمتدينين. أقول ذلك كيلا تكون لدينا أوهام على مستوى التفكير أو العمل أو التوقع، وكيلا نقول شيئا بينما نسكت على شيء أو أشياء، بوعي أو بنصفه أو من دونه.
من يمثل بصورة متسقة “فكرة قانون أسرة مدني يشمل بأحكامه جميع السوريين والسوريات بصرف النظر عن انتمائهم/ هن الطائفي أو المذهبي، وينطلق من حقوق المواطنة المتساوية”؟ أخشى أنهم ليسوا كثرة. من متابعتي للنقاش حول نسختي المشروع الأولى والثانية، بدا لي أن معظمه يبث انطباعين مضللين جدا. أولهما أن ما يحول دون المواطنة والمساواة الحقوقية والسياسية بين السوريين هو الدين وأهله فحسب، وأنه لولاه ولولاهم لكنا مواطنين ومواطنات متساوين. هذا غير صحيح قطعا. والثاني أن الدين المقصود هو الإسلام حصرا، والمذهب السني بخاصة. هذا غير صحيح بدوره. ولا أرى سببا وجيها لمجاملة نقاش مضلل. إن لم تكن الأمانة للحقيقة تحدونا، فإن اعتبارات الوطنية والمواطنة تكفي وحدها لعدم السكوت على هذا الضرب من التضليل.
أعلم أنه لا يقال كل شيء في سورية لأسباب يمتزج فيها قلق مشروع من التبعات الأمنية مع قلق مشروع بدوره من آثار سلبية محتملة لما قد يقال على التفاهم الوطني. لكن لا أفهم أن تقال أشياء تخذل إرادتنا في الفهم، وتمس فوق ذلك بمقتضيات التفاهم الوطني، لمجرد أنها آمنة التبعات. هذا يعطي فكرة سيئة عنا. وقد يعني أنه لا بأس بالتعريض بمن يأمن المرء تبعات التعريض بهم. معنى ذلك ببساطة استبطان علاقات السلطة الراهنة واعتبارها معطيات نهائية والتسليم بممنوعاتها ومحرماتها. لكن هذه أوضاع انقسامية وتمييزية بدرجة لا تقتضي نقاشا طويلا لإثبات ذلك. وهو ما يلقي ضلالا كثيفة من الشك على اتساق تمثيل “فكرة قانون أسرة مدني” في بيئتنا.
7. عند طرح مشروع قانون الأحوال الشخصية ما قبل الأخير ظهرت حركة مجتمعية مناهضة لهذا المشروع الظلامي، وكذلك عند طرح المشروع الأخير. برأيكم ما سبب هذا النشاط المجتمعي “الاستثنائي”، وهل يمكن المراهنة على هذه المواقف من أجل إقرار قانون مدني؟
أخمن أنه التقت مجموعة أشياء لتفسر هذا “النشاط المجتمعي الاستثنائي”. من جهة كل ما يتصل بالشأن الديني السياسي يثير في السنوات الأخيرة متابعة محمومة. من جهة ثانية يبرز أكثر وأكثر نوع من النشاط العام غير السياسي، أو حتى المعادي للسياسة، يجد في القضايا الحقوقية والاجتماعية الثقافية محور اهتمامه. هذه بصورة ما ظاهرة عالمية، مرتبطة بأزمة السياسة وإيديولوجياتها ومشاريعها التغييرية (وما سبق ذكره من أزمة “المثقف التغييري”…). ثالثا الطابع الاستفزازي والسفيه لمشروع القانون في صيغته الأولى. لذلك تلاحظين أن الاهتمام بالنسخة الثانية أدنى بكثير في الواقع. وهناك عنصر رابع، أضحى قديما بعض الشيء، هو شبكة الانترنت ودورها في تسهيل التواصل والتعبئة وتشكيل التجمعات الافتراضية. وبخاصة في كسر المحرم الديني. يمكن أن أضيف أننا لا نتوفر في سورية على ساحة نقاش عامة وتنافسية، تحتل القضايا فيها حيزا يتناسب مع أهميتها الذاتية. من المحتمل أن بعض القضايا تكتسب أهميتها من التكوين المنحاز للحقل السياسي والإيديولوجي في سورية، وبعضها من كونها تندرج ضمن هذالا الحقل دون إشكال، وبعضها لوجود أناس مهمين وراءها. بالمقابل هناك قضايا تعتبر “إشكالية”، فتطمس لأسباب لا تتعلق أيضا بقيمتها الخاصة، بل لكون طرحها غير مرغوب من وجهة نظر القيمين على الحقل العام في البلد.
ورأيي أن “المراهنة على هذه المواقف من أجل إقرار قانون مدني” مفرطة وغير عادلة. لا يصح إثقال كاهل هذه الأنشطة بإنجاز مهمة كبيرة كهذه. مقياس نجوعها بالأحرى هو مخاطبة الرأي العام وإطلاعه بصورة أمينة وواضحة على مجمل أوجه هذا الشأن، وطرح بدائل أكثر عدالة وإنصافا.
من المهم، تاليا، أن نكوَن فكرة أولية واضحة عما نتوقع: هل نتوقع “إقرار قانون مدني” كما تقولين، أم إدخال بند في أجندة العمل العام، السياسي والثقافي والمجتمعي، حول قانون أسرة جديد، يلتف حوله طيف واسع من المهتمين السوريين؟ أرجح التقدير الأخير. وأرى أنه تحقق شيء منذ الآن على هذا الطريق.
بالمناسبة، أفضل الاعتقاد بأن ذلك النشاط الواسع أسهم في سحب المشروع السابق، وإن كنت أرجح أن السبب الأقوى لسحبه هو احتجاجات أرباب شعائر دينية ووجهاء مجموعات دينية ومذهبية أخرى (أعني غير مسلمة سنية). وأظنك تعلمين أن النسخة الثانية من المشروع عرضت، أول ما عرضت، على رؤساء الطوائف المسيحية لأخذ رأيهم فيها. هذا يؤشر على نوعية الجهات التي تنشغل السلطات بردود فعلها المحتملة.
8. رغم تغيير خطاب الإسلام السياسي، بغض النظر عن عمقه، إلا أن موقفه من المرأة مازال هو ذاته، محافظا ومرتبطا بثوابت الشريعة…، برأيكم لماذا لم يطل التغيير حتى شكل خطاب الإسلام السياسي حول المرأة؟ (مثل الميثاق الوطني للإخوان المسلمين).
لا علم لي بوجود وثيقة للإخوان المسلمين السوريين اسمها “الميثاق الوطني…”. ربما تقصدين “المشروع السياسي لسورية المستقبل”. في هذه الوثيقة يعبر الإخوان عن موقف محافظ اجتماعيا من النوع المتوقع من جهتهم. الشأن الذي ربما يُلمس تطور في موقف الإسلاميين حياله هو الشأن السياسي. لماذا؟ ببساطة لأنه لا يسعهم القفز فوق أطراف سياسية أخرى فرضت نفسها بقوتها، أو بكفاحها وتضحياتها، سواء النظام أو معارضين من أمثالنا. أعني أنهم مضطرون لتطوير موقفهم على هذا الصعيد. وهذا ليس مأخذا سلبيا بالضرورة. في النهاية لا أحد يغير مواقفه وتوجهاته إلا مضطرا. وإن كان عليه في لحظة ما أن يختار اضطراره هذا كي يكون مؤكدا أنه لن ينكص على عقبيه.
وما يمكن ترتيبه على ذلك أن تطورا محتملا في موقف الإخوان (وعموم الإسلاميين) حيال قوانين الأحوال الشخصية مرهون بظهور مقاومات واعتراضات وأصوات أخرى، لا تكسر التطابق المزعوم بين المجتمع السوري و”الإسلام” فقط، وإنما كذلك بينه وبين مجموع الأديان والمذاهب القائمة في البلد.
لكن هناك أيضا حاجة إلى طفرة في حال الروح العامة في البلد، أو ارتفاع كبير في معنويات السوريين وإقبالهم على شأنهم المشترك بروح من الثقة والشجاعة والتعاون. لا أرى كيف يمكن أن نحقق قفزة في تنظيماتنا الاجتماعية والسياسية والقانونية دون دفقة كبيرة من الاندفاع والثقة والعزم، دون قضية واضحة ومتفوقة أخلاقيا، ودون استعداد للتضحية من أجلها. المقاربات الإدارية والحقوقية المحض لا تجدي حتى في تصور هذه الحاجة. ومثلها المقاربات السياسية الضيقة.
قد يبدو هذا الكلام على غير صلة بالسؤال. لكنه متصل فعلا.
من يتوقع منا أن ينافس نظم معنى عريقة، تنظم الحياة اليومية للملايين، وتسيطر على الموت ذاته، وتوفر أطرا اجتماعية حيوية يتعارف فيها الناس ويتبادلون عرض أحوالهم و”أموالهم”، … من يتوقع أن ينافسها بعتاد فكري هزيل، أو بحلول إدارية وقانونية وسياسية، إنما يوهم نفسه. وهو أشد وهما بقدر ما يجزم بأن بضاعته الدرويشة هذه متفوقة.
تبقى نقطة عامة. لست ضد الاختصاص ولا مع التسييس الشامل. هناك ميادين للعمل العام مختلفة ولا تنضبط بمنطق واحد. لكن حالنا اليوم ليست حال تخصص، بل حال تجزؤ وتفتيت. يتحول كثيرون منا من التشكك المحق في تسييس كل شيء إلى رفض رؤية السياسة والتفكير فيها وقول شيء عنها. هذه غفلة في أحسن الأحوال، وتواطؤ في أسوئها.
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. في كل تسويد الصفحة الذي نقيأتموه لم تذكروا مرة واحدة الله ولا شرع الله ولا نظام الاسلام الذي اقره النبي عليه الصلاة والسلام والذي صنع الحضارة للعرب وللمسلمين التي سعى اجدادكم من اليهود الى هدمها وهيهات
    انتم حتما بدون جذور لأن ماذكرته هي جذور مجتمعنا واصولنا شئتم ام ابيتم
    وان كون النساء شقائق الرجال كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام لا يعني هذا ان تخرج المراة عن عفتها وان تمشي والاغراء يفوح منها سواء أكانت متعلمة ام امية ..هذا فعل الحيوانات الغير عاقلة . فلو اراد ربنا ان نعيش كالحيوانات ما كان شرع لنا شرعا مضبوطا بقواعد هو ادرى منكم بمناسبتها للواقع
    كل امرأة تعمل تاخذ اجرا لتنفقه على منتجات المكياج اليهودية العالمية وكل امرأة تعمل تسبب البطالة لرجل يعول اسرة فتنشأ اسرته في الحاجة والعوز بدون تعليم ولا حياة كريمة بسبب الفقر ويزيد التخلف اضعافا
    التي تعمل فتأخذ راتبها لتنفقه على روب بعشرين الف وروج بخمسة الاف
    ولتخانق زوجها وتعيره بانها ليست مسؤولة عن مصروف البيت فيطلقها وينشا الجيل الفاشل في بيوت المشاكل
    لعن الله من لم يرض بشرعه بعد ان قال :
    (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا )
    وقال( اتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزيي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يرد الى اشد العذاب )
    سنوات قليلة وستكونون تحت التراب ثم ستكونون الى الأبد مقيدون بخزيكم وعاركم

    انتم تتناقضون وهذا يضحك كثيرا من القراء منكم
    تقولون انكم لا تعارضون الدين اذا لماذا تحاولون تغيير الأحوال الشخصية ..اليست موضوعة على اساس الشريعة ووضعها اكابر الحكماء سابقا وحاضرا ام انكم اولى بوضعها ؟؟
    انتماآتكم الثقافية ليست لمجتمعاتكم ..لذلك امصصوا بظر اللات ودعوا الناس تمارس دينها على الاقل ..وان شئتم ان تتحللوا من ربقة الاديان والعادات والاعراف فامريكا جامعة لشذاذ الآفاق فعليكم بها ..
    انتم شرذمة قليلون …فانطحوا في الجدار ..بعدما تعهد ربنا بانه سيتم نوره ولو كره الكافرون
    يمكن ان تقوم قائمتكم بعد ان يموت المتدينون عندها سيصبح مجتمعكم مجتمع مادي حيواني فعلا ..لن تستطيعوا الوصول الى التقدم الذي احرزته اوروبا لان غوغائيتكم تجعلكم لا ترقون الى مستوى البشر ..الاحزاب الدينية المسيحية تحكم ثلاثة ارباع اوروبا وادارة بوش هي جماعة دينية مقبولة في الوسط الامريكي واليهود نجحوا لتمسكهم بدينهم فهو رمز وحدتهم فنهض بهم .
    مافي الا بهايم شذاذ آفاق شحاذون في مولات امريكا ومراقص اليهود وبارات موسكو لايكفيهم انحدارهم الى مستوى البهائم بل يريدون تعميم الحيوانية والشذوذ والزنا والعهر على بقية الناس
    ان غوغائيتكم اجهضت كل محاولات المخلصين للرقي بالامة وستكونون همجا بدون دين او عرف يحكمكم عند ذلك لااسف عليكم اذا ما عشتم كالانعام
    اما ونحن احياء فهذا بعيد عن انوفكم وستظل بلاد الشام الى يوم القيامة والى نزول المسيح رمزا للتدين والتمسك بالاصول
    ارتباطاتكم بالماسونية واضحة ومكشوفة وخياناتكم لتقاليدكم ومجتمعاتكم معروفة
    كل المدعين انكشفوا ..شيوعيين ناصريين بعثيين اخوان ..الكلمة النهائية لضمير الشعب وليس لعدد من العاهرات والقوادين الذين يناطحون مقابل خشيتهم ممن سيفضح اسرارهم اذا لم يمشوا على اجنداتهم
    ولا دمتم بخير
    وان كنتم شجعان فانشروا كلامي ولا تبتروا منه شيئا لنرى المعلقين عليه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى