صفحات ثقافية

دفاعا عن الشاعر والمفكر أدونيس: دفاعا عن حرية الفكر والتعبير والحق في نقد الدين والمقدسات الإسلامية

null
يقف المفكر والشاعر الكبير ادونيس هذه الأيام أمام هجمة شرسة يقودها رموز القوى الظلامية المتخلفة في الجزائر وعموم العالم العربي ردا على التصريحات التي أدلى بها إلى صحيفة النهار الجديد الجزائرية، في عددها الصادر يوم 16/10 وكذلك في محاضرته التي ألقاها في المكتبة الوطنية بالجزائر. وفي نفس الوقت فأن محكمة  أردنية قد أمرت بتوقيف الشاعر الأردني أسلام سمحان بعد اتهامه بالمس بالذات الإلهية والملائكة والرسول.. وكذلك تعرض ديوان الشاعر المذكور( برشاقة ظل) إلى المصادرة بعد إيعاز من دار الإفتاء الأردنية بمصادرة الديوان وتوقيف الشاعر..!!!. أن ما تعرض له أدونيس وإسلام سمحان يعيد إلى الأذهان ما تعرض له نصر حامد أبو زيد والشهيد فرج فودة ونوال السعداوي وحلمي سالم واحمد الشهاوي وموسى حوامدة ومارسيل خليفة وقاسم حداد والكثير غيرهم الذين لم تكتف الجماعات الإسلامية ِالمتطرفة أو المؤسسات الدينية الرسمية بتهديدهم فقط , بل وإحالتهم إلى المحاكم  لتحصل على أحكام ضدهم مما يؤكد وجود تواطؤ كبير بين الأنظمة الحاكمة والمؤسسات الدينية.
لقد نعت رئيس ما يسمى “جمعية علماء المسلمين” في الجزائر، الشاعر والمفكر أدونيس  بأنه ” شاعر اباحي وملحد يدعي بغير اسمه”.  هذه الاتهامات تعيد إلى الأذهان هرطقات رجال الدين في عهود الدول الإسلامية الشرقية السالفة ومحاكم التفتيش في العصور الوسطى في أوروبا وتذكر بالدور البشع الذي مارسوه من اجل إيقاف حركة التنوير ومراجعة ونقد النصوص الدينية . إذ أصبحت كلمة في قصيدة ما أو لقطة من فلم أو فكرة تنويرية في محاضرة أو كتاب تهز أركان عالمهم الأسود الذي لا يستطيعون الدفاع عنه بالجدل وصراع الأفكار والحوار الحضاري ، بل أن تهم التكفير والزندقة والتهديد بالقتل أو الإحالة إلى المحاكمات هي الأسلحة الخائبة التي تكشف عن مدى خوائهم وعجزهم وإفلاسهم.
أن الاتهامات التي أطلقها رئيس جمعية علماء المسلمين في الجزائر تمهد الطريق أمام العجلة الاجراميه للقوى الظلامية لتتخذ من الدين والمقدسات والعدالة الإلهية ذريعة لاغتيال وتكفير أدونيس وكل مفكر أو شاعر وفنان وباحث يسعى إلى نقد المقدسات الدينية أو الكشف عن ما هو مستور فيها أو إطلاق العنان للفكر الحر والمبادرة والإبداع للتعبير عن رغبات وطموحات الإنسان في عالمنا المعاصر.
إن تاريخ الجماعات الإسلامية و الأصولية المتطرفة والمؤسسات الدينية الرسمية كالأزهر أو دور الإفتاء والمرجعيات المختلفة حافل بفتاوى التكفير والمصادرة وحرق الكتب ، مثلما هو حافل بملاحقة المبدعين التي تنتهي في أحيان كثيرة بالقتل العمد استناداً على تلك الفتاوى.
إن الإنسان في العالم العربي والإسلامي يعيش تحت طائلة الانتهاكات والمصادرة الفظة لكل مبادئ الحقوق والحريات الأساسية الواردة في لائحة حقوق الإنسان والعهود الدولية السياسية والاقتصادية وغيرها ، بينما يتمتع بها الناس في سائر أنحاء المعمورة أو يتطلعون إليها. وتقف جمهرة كبيرة من شيوخ الدين سادرين في صلفهم وجهلهم واستبدادهم ومسلحين بما شاءوا من الأحاديث والآيات . لينتهوا بالتعامل مع المرأة كسلعة في سوق النخاسة وليجعلوا حياة الملايين من البشر رهينة التخلف الديني والفكري والسياسي والحضاري.
نحن الموقعين أدناه ندعو الأحرار في جميع أرجاء العالم إلى الدفاع عن  ومساندة المفكرين والشعراء والفنانين والأدباء وكافة المثقفات والمثقفين في العالمين العربي والإسلامي الذين يتعرضون إلى حملات تكفير وتهديد ومحاربة بالرزق مستمرة صادرة عن الجماعات الإسلامية الأصولية والمتطرفة أو من قبل المؤسسات الدينية الرسمية التي تحيل حياتهم إلى جحيم لا يطاق. إننا في الوقت الذي نشجب ونستنكر وندين مثل هذه الاتهامات الباطلة التي تريد إسكات صوت الإنسان وحريته في التعبير , ندعو   جماهير  و شعوب المنطقة إلى الدفاع عن مطالب القوى المتحررة والمتنورة والمبدعة من المثقفات والمثقفين والتي نشير إليها فيما يلي :
** إيقاف جميع القرارات المجحفة الصادرة عن دور الإفتاء والمؤسسات الدينية والحكومات العربية بشأن تحريم أو منع هذا الكتاب أو هذا الفلم أو اعتقال  هذا الكاتب أو تلك الكاتبة , والتصدي لأصحاب الفتاوى ومحاسبتهم على إشاعة الفوضى والكراهية والتشجيع على القتل في صفوف المجتمع.
** أن تكون العلمانية القاعدة الأساسية في العلاقة بين الدين والدولة في مجتمع مدني ديمقراطي يحترم ويصون كرامة الإنسان.
** محاسبة مصدري الفتاوى التي جعلت من المجتمعات العربية والإسلامية أضحوكة بين مجتمعات العالم. فتاوى التحريم والتكفير والقتل التي لم يسلم منها حتى الشخصية الكارتونية الشهيرة ميكي ماوس.
** العمل وبشكل جاد وحثيث من اجل تبني منظومة فكرية حداثية في العالم العربي لتجاوز حالة التراجع الفكري والثقافي والحضاري السائدة حاليا، تستند إلى التراث التقدمي والعقلاني وترفض تقديس المقدسات الدينية التي لا بد وان تصبح كأي شيء في الوجود والحياة قابل للنسخ والنقد والمراجعة.
** أن يكون الدين شأنا روحيا وشخصيا يخص الأفراد ولا دخل للدولة أو أي مؤسسة أخرى به.
الحوار المتمدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى