صفحات العالمما يحدث في لبنان

“أخشى حرباً أهلية في لبنان”!

سركيس نعوم
عن احتمال عدم فك الرئيس السوري بشار الاسد ارتباط بلاده بايران وضربه “حزب الله” وحركة “حماس” في مقابل تسوية سلمية مع اسرائيل تلبي مطالبه، تحدث الديبلوماسي والمسؤول الاميركي المخضرم نفسه صاحب التجربة الغنية في المنطقة الذي قرر انه “ادى قسطه للعلى” كما يقول العرب، قال: “هذا صحيح. في الماضي كانت الأمور مختلفة. اثناء المفاوضات كانت هناك فكرة ان يتبادل الفريقان، اي سوريا واسرائيل، بعد توقيع المعاهدة السلمية بينهما رسائل – ضمانات او بالأحرى ان يودعاها الولايات المتحدة. ويتعهد كل منهما في رسالته عدم الحاق الضرر بالآخر في مجالات عدة متنوعة ولكن بلغة ديبلوماسية. هذا الامر لم يعد ممكناً الآن”. قُلتُ: قبل اسابيع اعلن الرئيس الاسد في مقابلة صحافية ان سلامه مع اسرائيل قبل الفلسطينيين لن يكون سلاماً بل إنهاء لحال الحرب معها. فعلّق: “هذا امر لا يمكن ان تقبله اسرائيل الآن. انتهى هذا الامر من زمان. اثناء ولاية الرئيس السابق كلينتون اعلن العاهل الاردني (الراحل) الملك حسين ورئيس وزراء اسرائيل (الراحل) اسحق رابين من البيت الابيض انهاء حال الحرب بين بلديهما ووقّعا اعلانهما هذا. ثم تفاوضا بعد ذلك وتوصلا الى معاهدة سلام ووقّعاها. وكان هناك نوع من الاتفاق سبق الخطوتين المذكورتين. هذا الامر ليس ممكناً اليوم. المهم ماذا تفعل اميركا”؟ سأل. فأجبت: تنطلق في الحوار مع سوريا وايران، وتفهم سوريا ان الحوار معها ليس على حساب لبنان ولن يكون على حسابه وتفهم اسرائيل ان عليها ألا تسمح لالتقاء المصالح بينها وبين سوريا بسيطرة الاخيرة على لبنان. فعلّق: “هذا صحيح. كان لبنان في الماضي، وربما في التسعينات، خاضعاً لادارة سوريا بموافقة اميركا. وكانت اسرائيل موافقة على ذلك ايضاً. وكان بعض قادتها يقول: شو بدنا بلبنان. لندع سوريا تتكفل به وخصوصاً بعدما “فرّخ” “حزب الله” وصارت له انياب”.
قُلتُ: قد يكون كلام الاسد على انهاء حال الحرب مع اسرائيل رسالة الى ايران “المتشددة” تفيد انه غير مستعجل ولا يريد سلاماً بأي ثمن، ورسالة الى اميركا واسرائيل تفيد انه لا ينوي او لا يستطيع فك ارتباطه بايران ولا القيام بأمور صعبة يفرضها السلام بأي ثمن، علماً اني لا اعتقد ان اسرائيل لا تعرف ان نفوذ ايران في لبنان صار اكبر من نفوذ سوريا فيه. هل تضرب اسرائيل ايران وخصوصاً في ظل إحجام الرئيس اوباما عن التصريح علناً ان الخيار العسكري مع ايران لا يزال على الطاولة كما كان يقول سلفه الرئيس بوش في استمرار؟ سألت. فأجاب: “لا اعرف حقيقة. طبعاً الخيار العسكري على الطاولة، لكن هل تلجأ اليه اسرائيل؟ لا اعرف”. قُلتُ: على اميركا ان تفرض تسوية سلمية بين الفلسطينيين واسرائيل لأنها بذلك تنزع حجة مهمة من ايدي “الارهابيين” الاسلاميين سنّة وشيعة، وتساعد الانظمة العربية على الانضمام اليها فعلياً في الحرب على الارهاب. اذا لم يحصل ذلك، ومع نتنياهو لا اعتقد انه سيحصل، ستكون المنطقة والعالم امام حل من اثنين. الاول، انتهاء حل الدولتين وبقاء الفلسطينيين تحت الاحتلال وتحوّلهم مع الوقت (عقود) اكثرية في دولة اسرائيل والضفة وغزة. ومن شأن ذلك اعادة السيناريو الذي حصل في دولة جنوب افريقيا. وهو قطعاً في غير مصلحة اسرائيل. اما الحل الثاني، فهو تحوّل الاردن دولة فلسطينية مع بعض مناطق من الضفة الغربية وخصوصاً بعدما بدأت “الاسلاموية” تطغى على النزعة “الاقليمية” عند الفلسطينيين والاردنيين معاً. فعلّق: “لا اعرف اذا كان اوباما يستطيع ان يفعل شيئاً مهماً في الخارج قبل الانتهاء من حل الازمة الاقتصادية داخل بلاده، وكذلك مشكلات العناية الصحية وغيرها. وهذه قضايا قد تستغرق السنوات الاربع لولايته. ولا اعرف اذا كان يستطيع احتواء النزاعات الخارجية خلال هذه المدة. ماذا يحصل في لبنان؟” سأل. وأضاف: “ماذا يحصل في افغانستان وايران؟ ماذا يحصل في الخليج او ماذا يحصل في مصر التي تعيش ما يمكن ان يسمى مرحلة نهاية نظام؟ قد يعيش الرئيس حسني مبارك طويلاً. لكن مشكلاته كثيرة ومستمرة مع اسرائيل والفلسطينيين ومع غزة حيث هناك الأنفاق بينها وبين مصر والتي تستخدم لتهريب السلاح والمال والرجال. وهناك مشكلة الوراثة ولا يبدو ان هناك وراثة سياسية له. وهناك مشكلة “الاخوان المسلمين”. وهناك مسؤولان عسكريان مهمان قد يكون احدهما في مواجهة الآخر، عمر سليمان وطنطاوي”.
ثم دار حديث مع الديبلوماسي والمسؤول الاميركي المخضرم نفسه الذي قرر انه “ادى قسطه للعلى” عن لبنان وخصوصاً عن العماد ميشال عون و”شخصيته” والضرر الذي الحقه بـ”ثورة الارز” بعد الاتفاق على عودته الى لبنان والذي اجراه مع الرئيس اللبناني في حينه وعبره مع السوريين. وتطرق الحديث الى الرئيس ميشال سليمان فقال: “كان في احاديثه السابقة معي (اثناء قيادته الجيش) حذراً جداً. كان تقريباً لا يتكلم، واذا تكلم كان يحكي في العموميات موحياً ربما ان هناك تنصتاً عليه. في آخر الامر امتنعت عن زيارته. ماذا عن الانتخابات النيابية؟ من يربح فيها ومن يخسر؟ وما هي انعكاسات ربح اي منهما؟ من هم الذين سيكونون وزراء في حال فوز 8 آذار؟ ومن سيكون رئيس الحكومة؟ ما رأيك في الرئيس فؤاد السنيورة؟”. اجبت: فاجأ الجميع. اظهر انه رجل دولة وصلب وهادئ في الوقت نفسه. فعلّق: “فاجأني انا ايضاً”. ثم سأل: “ماذا يفعل السنّة اذا حكم “حزب الله” والشيعة؟ هل يُقاتل السنّة في حال تلقوا اسلحة؟”. اجبت: لا اعرف، ولا اعرف اذا كان هناك من يوصل اسلحة اليهم. لكن لدي انطباعاً ان السعودية التي صارت مضطرة الى مواجهة خطر ايران على حدودها، وربما داخل حدودها بعدما امتنعت عن مواجهتها في لبنان خلال اكثر من عقدين، قد تحتاج الى لبنان من جديد ساحة لهذه المواجهة. واذا حصلت المواجهة على ارضه، فان ذلك قد يفتح الباب امام تنامي الاصولية السنّية المتشددة على حساب الاعتدال السنّي الذي شجعته السعودية في الماضي ورعاه الرئيس الشهيد رفيق الحريري. فختم معلقاً: “لذلك اخشى حرباً اهلية في لبنان”.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى