صفحات سوريةفلورنس غزلان

صقيع في علاقات الكبار، ينذر بجحيم في الشرق الأوسط

null
فلورنس غزلان
زخات الحرب الباردة ترفع من  حرارة  الشرق الأوسط بشكل  يجر معه المنطقة  لأخطار تطال نواته الأهم ” سورية ولبنان” ،خاصة حين تقف بعض الديوك الصغيرة في حلبة الصراع بين ديوك شرسة تعودت على الاستحواذ واستقطاب النفوذ وتقاسم المصالح  على حساب الدول الضعيفة المتباهية بالالتحاق والمعتقدة أنها تستطيع الوقوف في صفوف الكبار! فحشر الأنف في عملية الشد والجذب الغربي ــ الروسي المنتشي في تخطيه الحدود الجورجية وموافقته على استقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية،  منوها ومذكرا الغرب بتأييده لاستقلال كوسوفو الذي رفضته روسيا دون أن يعير اهتماماً حتى لعقد وزراء خارجية كلا من فرنسا، ألمانيا، إنكلترا،  ايطاليا، اليابان، كندا والولايات المتحدة( البارحة 27/08/2008 )،  وتصريحاتهم الأخيرة الصادرة عن” صحيفة الدبلوماسية الفرنسية”،  والمعترضة على اعتراف روسيا بهذا الاستقلال باعتباره خرقا فاضحا للقرارات الدولية التي وقعت عليها روسيا وتعتبره اغتصابا لوحدة أراض جورجيا وسيادتها ” في الوقت الذي يُبرز فيه الإعلام الروسي تصريحات الرئيس السوري المؤيدة لموقف روسيا والداعمة له، بل وصلت لحد إعلان هذا الإعلام ــ الذي كذبه السوريون ــ أن سورية موافقة على نشر صواريخ ” اسكندر ” فوق أراضيها ولا ننسى أنها وافقت سابقا على إقامة قواعد روسية على الساحل السوري، هذا وقد زارت حاملة الطائرات الروسية ( الأميرال كوزنتسوف ) مرفأ طرطوس منذ أيام ويصرح بعض الناطقين الروس عن تكثيف تواجدهم في البحر المتوسط ورسو قطعهم الحربية في دول صديقة!! ، لن يفوتنا أن من بنى المفاعل النووي الإيراني هي روسيا، ومن يدافع عن موقف إيران ويحاول إجهاض العقوبات عليها هي الصين وروسيا، وذلك من أجل وضع اليد ـ وقد حصل ــ على الذهب الأسود الإيراني والعراقي أيضا، من خلال تحالفات أقامتها إيران مع بعض المتنفذين من زعماء الميليشيات ، فقد أعطي حق التنقيب لروسيا في العراق في موقع هام منذ أيام ويقدر بثلاثة مليار دولار!، بالإضافة لعقد وقع مع الصين لبناء مصفاتين من أكبر وأهم المصافي على الأرض الإيرانية، كل هذا يتم تحت عين وبصر الدول الغربية، …الأمر هو نفوذ ومصالح تتضارب هنا وتتفق هناك، لكن ما مصلحتنا نحن بين الطرفين ؟.
عندما يهدد قائد الحرس الثوري الإيراني ( محمد علي جعفري) ، أن إسرائيل تقع في مرمى صواريخ إيران البالستية ، وأن العالم الإسلامي والشيعي في المنطقة سيقف مع إيران بحالة العدوان عليها وسيلحق بالمصالح الأمريكية وإسرائيل ضربات قاصمة!، وفي الوقت نفسه  تصدر تهديدات مماثلة عن السيد حسن نصر الله، واحتمالات الرد على اغتيال مغنية!. نسأل فقط: من هي القوى الإسلامية والشيعية في المنطقة ، التي ستقف مع إيران؟ ألا يعني بها رئيس الحرس الثوري سوريا ومن ورائها حزب الله؟، لكن كيف يوازن النظام السوري بين مفاوضات سلامه مع إسرائيل من أجل إعادة الجولان ويسعى جاهدا لكسب ثقة ورعاية واشنطن لعملية السلام،  وبنفس الوقت يريد الإبقاء على حرارة العلاقة مع إيران وعلى استمرار التسليح لحزب الله عن طريق الحدود السورية ، حسب تصريحات  هيئة الأمم المتحدة؟ علماً أن هذا الموقف لا يبدي حسن نية تجاه الاستقرار اللبناني، بل يعني دس السم في عسل الحكومة الجديدة،  ثم كيف يوازن بين ما تناقلته الصحف من تصريحات الدعم لروسيا وبين استقباله لكوشنير وبعد أيام رئيسه ساركوزي المعترض الأول والساعي لكف يد روسيا عن جورجيا؟!
هل تحلو للنظام السوري لعبة الكشاتبين هذه؟ أم اللعب مع الكبار لاعتقاده أنه سيصيب مغنماً؟!
مع أننا نستشف من تصريحات زعماء فرنسا التي تفتح أمام النظام السوري أبواب الغرب المقفلة عليها منذ حين، بأنها تسعى من خلال هذا اللقاء لتحييد سورية ودفعها نحو مفاوضات مباشرة مع إسرائيل وإقامة علاقات حسن جوار مع الشقيقة لبنان، علما أن ماتم في لبنان حتى الآن مجرد لعبة أحجار شطرنج داخل إطار حكومة سميت حكومة وحدة وطنية ولم توحد حتى الآن سوى الشكل فكل وزير يعتصم في موقعه مشكلا دولته المرسومة والتابعة لطائفته وزعيمها، وتنذر الأحداث غير المستقرة بعواقب وخيمة يمكن أن تقع على لبنان وتجرفه نحو الحضيض أكبر وأخطر من حروبه السابقة، فيعود ليكون ساحة حرب إيرانية سورية وإسرائيلية أمريكية، أو حرب طائفية تفتت لبنان وتأخذه مع المنطقة إلى حتفها.
أليس في النظام السوري من مستشار عاقل، يعيد صواب الرأي لحكومة لا تقوى شوكتها إلا بتضييق الخناق على المواطن في عيشه وحريته وقمعه وإهانة كرامته وعزله عن الفعل في الحياة العامة، وفي نفس الوقت تقيم تحالفات لا تجلب على الوطن إلا الوبال وحروب يمكنها أن تفني ولا تعيد أرضا ويعلم أنه غير قادر على ردع أي عدوان ولا يعرف إلا ردع الشعب السوري ومن ورائه اللبناني ؟!

ــ باريس 28/08/2008

خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى