صفحات ثقافية

الكاتبات السوريات : الديكتاتوريات العربية أعجز من أن تفعل شيئا لغزة

null
دمشق-مايا جاموس :الكاتبات والاكاديميات السوريات يكدن يجمعن وان اختلفت تحليلاتهن للوضع الراهن أن الديكتاتوريات العربية أعجز من أن تفعل شيئا لغزة وأن ما تقدمه الأنظمة العاجزة ليس اكثر من رصاصة رحمة تطلق على جراح الفلسطينيين النازفة
وقد استطلعت صحيفة الهدهد الدولية آرائهن واراء مجموعة اخرى من المثقفين السوريين والفلسطينيين حول السؤال المركزي للمرحلة :ما الذي يمكن فعله ازاء ما يجري في غزة ؟ وفي ما يلي أجابات الكاتبات السوريات وتليها في الحلقة الثانية اجابات المثقفين والنشطاء حول السؤال ذاته
الكاتبات السوريات : الديكتاتوريات العربية أعجز من أن تفعل شيئا لغزة
بما تكون الساحة الفلسطينية الداخلية ومسألة الانقسام في الصف الفلسطيني (غياب الوحدة الوطنية)، هي أهم الساحات باعتبارها ساحة القوى التي تتصدر الفعل في الشارع العسكري والسياسي، تليها ساحة الشعوب تحديداً العربية وما قامت به من مظاهرات واحتجاجات واسعة بشكل خاص في ساحات الطوق: الأردن، ومصر وسورية، والعراق، ثم ساحة حقوق الإنسان وجماعات الضغط المدنية وما يمكن لها أن تقوم به من وقف المجزرة، أو لمنع الاستفراد بالساحة الفلسطينية. وكل ما أتى من ردود أفعال أو مبادرات سواء إيقاف المباحثات السورية الإسرائيلية أو خطاب حزب الله، أو الدور التركي أو حتى الاحتجاجات الواسعة التي حصلت في العديد من دول العالم الغربي، كلها تأتي في سياق الضغط والاحتجاج.
أمام كل ذلك الدم والموت والألم الذي نراه، يحاصرنا السؤال: ماذا يمكن أن نفعل أويُفعل لإيقاف أو لتخفيف هذه المجازر والحصار. ما الذي يجب فعله تجاه ما يحدث في غزة؟ هنا في الحلقة الاولى من هذا التحقيق الميداني اجابات كاتبات واعلاميات واكاديميات سوريات عن سؤال المرحلة

– سمر يزبك (روائية وإعلامية سورية):
أعتقد أن الأنظمة العربية غير معنية بما يحدث في غزة، نحن كحالة أو مجموعة عربية، قبائل وطوائف، مرجعيتها سياسية، غير وطنية، طائفية ودينية، ومن قبل كانت ديكتاتورية. ليس لدي أمل بأن الحكومات يمكن أن تقدم لفلسطين أو لغزة أي شيء.
بالنسبة للمؤسسات فإن بعض المؤسسات التي تحاول أن تقدم مساعدات فإن هذه المساعدات تشبه طلقة الرحمة. برأيي ليس هناك إمكانية لأي تحرك، سوى الأشياء المخدرة، كتقديم المساعدات وخروج الناس في مظاهرات، وكتابة المقالات، ولكن هذا لا يقدم أي شيء أبداً، لأن ما يحدث في غزة هو شيء ممنهج وموافَق عليه من قبل الحكومات العربية والمثقفين العرب. وبالنسبة للمثقفين السوريين فمنذ زمن يعيشون على الهامش ودورهم هامشي في الحياة، وعلى مستوى حياتنا لا نستطيع الفعل فكيف الأمر إن كان على مستوى قضية هي كانت مركزية دائماً في حياتنا.
والمسألة الثانية وهي هامة للغاية إذ يوجد إحساس لدى غالبية العالم العربي أن القضية الفلسطينية كانت حجة لدى كل الحكومات لفكرة الاستبداد. إذاً هناك نوع من الخيبة ومن الإحساس بعدم الجدوى.
وأنا شخصياً لست ضد المقاومة حتى لو تحولت من مقاومة وطنية وتقدمية وتحررية، إلى مقاومة إسلامية، فالشارع يتسع للجميع. لكن ما يحدث الآن باسم المقاومة هو عبارة عن محاولة لإعادة الوطن العربي- أو المكان لأنني لم أعد موافقة على فكرة الوطن العربي أصلاً- إلى الوراء، فما قامت به حماس مؤخراً من ضرب صواريخ كله غير محسوب، المقاومة ليست أن يتم قتل شعب بكامله وإبادته بالطائرات، وان يُرد عليه بصاروخ أو صاروخين. ما يحدث هو أفعال ارتجالية غير محسوبة، بعيدة عن منطق المقاومة. أنا يائسة جداً، ونحن ميتون سريرياً.
نحن كمثقفين يمكننا من موقعنا أن نكتب ما يحدث بصيغته، وألا ننساق وراء الدعاية العالية التي تحدث الآن أن نكتب عن عملية الإبادة التي تحدث للشعب الفلسطيني دون أن نكون مخدوعين بأية أوهام، لا بالديكتاتوريات والحكومات العربية ولا المقاومة الإسلامية ولا أي شيء، نحن موجودون في مكان تتم إعادة رسمه بطريق جديدة كما تم رسمه قبل 100 سنة ونحن بشر جعلونا قوميات ويريدون الآن أن ينزعوا هذه القوميات من روحنا بطريقتهم والبديل الذي زرعوه ويحاربونه الآن هو الدين.

– د.ميّة الرحبي (طبيبة- كاتبة وناشطة في قضايا المرأة والمجتمع في سورية):
الأنظمة العربية الموجودة قسم منها متواطئ وقسم آخر متخاذل، والقليل منها يدعم بعواطفه فقط، وربما بشاحنتين أو ثلاث من المساعدات، وأكثر من ذلك لا يوجد ولا يمكن التعويل على النظام العربي الرسمي.
كما لايوجد مؤسسات مجتمع مدني عربية على الإطلاق وعلى هذا المستوى لا يمكن فعل شيء لعدم وجودها.
كما لا يمكن حالياً عمل شيء على أرض الواقع، ولكن يمكن العمل لأجل المستقبل على النهج المقاوم. هنالك مشروع أمريكي صهيوني واضح للسيطرة المباشرة على المنطقة ومقدراتها وشعوبها وهذا لا يمكن مواجهته إلا بنهج مقاوم ولا يكون وليد الساعة وإنما يجب أن يكون هنالك نهج للمقاومة بكل أشكالها سواء السلمية عن طريق المقاطعة، أو الإعلامية أو المسلّحة، ولكن هذا يتطلب إعداداً وليس ردود أفعال على حوادث وتنتهي بعد ذلك، كما يتطلب مناهضة النهج الاستسلامي.
نحن كتجمعات مدنية دائماً لنا أصدقاء من مناهضي العولمة ومناهضي النظام العالمي المتوحش حالياً، وهذه المنظمات تقف دائماً معنا ومع قضايا شعوبنا، ويمكنها أن تعطينا الدعم المعنوي وربما المساعدات، ولكن لا تستطيع فعل الشيء الذي نحن عاجزون عن فعله. الآن لا يمكن فعل أي شيء، نحن بحالة عجز مطلق، والأنظمة متخاذلة ولا يوجد مؤسسات مجتمع مدني يمكن أن تطلق طاقات الشعوب، وهذا لا يعني ألا نفعل شيئاً، وإنما بناء ثقافة مقاومة وهذا يتطلب سنوات من العمل. والقضية يجب ألا تُنسى بل يجب أن يتم تقييمها دائماً بغض النظر عن الوضع اللوجستي الحالي، فالحق يبقى حقاً مهما طال الزمن ولا بد إن تبنّينا نهج المقاومة أن يأتي يوم تستطيع الشعوب أن تقول كلمتها.

– حسيبة عبد الرحمن (روائية وناشطة سياسية سورية):
على المستوى العربي المواقف مخزية وعلى المستوى الدولي أيضاً المواقف مخزية، الدم مستباح ولا قيمة له ومجاني. إنه من المؤسف والمؤذي بالمعنى الأخلاقي والإنساني والوجداني أن يموت الأطفال في غزة وكأنه لا يعني أحداً في العالم سواء على الصعيد العربي أو الدولي.
أول وأهم حقوق الإنسان هو حق الحياة، وهو يُنتهك في غزة، الآن يُعرّض شعب لأكبر مجزرة في تاريخ الإنسانية وهي أكبر ما صار في التاريخ. العامل الأخلاقي والعوامل الإنسانية كلها تتوقف حين تصل لعند حقوق الشعب الفلسطيني.
على المستوى العربي فإن الأنظمة العربية بالأساس هي غير شرعية ووصولها للسلطة غير شرعي ووجودها بحد ذاته انتهاك لحقوق الشعب، وهي لا يهمها سوى بقائها على سدّة الرئاسة أو الحكم وتحكّمها بالمال والسلطة على مستوى العالم العربي كله، وهي يمكن أن تبيع كل شيء لأجل مصالحها، مقطوع الأمل منها.
وعلى مستوى الشارع العربي لا يمكن إلا القيام بالاحتجاجات في الشارع إذ يبدو أنه لا جماعات حقوق الإنسان ولا حق تقرير المصير ولا أي بند من الشعارات العالمية سيكون فعالاً من أجل فلسطين. المستوى العالمي مثله مثل العالم العربي غير معني بفلسطين.
المجتمع المدني الأوروبي والأمريكي وبعض الحركات اليسارية يمكن أن تتحرك لأجل فلسطين إضافة للتيارات اليسارية ذات التوجه الإنساني على شكل حركات اجتماعية، يمكنهم أن يحاولوا الوصول إلى غزة لفك الحصار والتظاهر داخل دولهم والضغط على حكوماتهم والبرلمانات لتأخذ مواقف أكثر أنسنة.
عندنا في الدول العربية حركات اجتماعية ضد الأنظمة العربية وهذه يمكنها على أضعف الإيمان أن تأخذ مواقف لكسر الحصار ضد قطاع غزة.
في اجتياح 1982 كان يمكن المساعدة بالجسد والمقاومة، أما هنا فللأسف الأمر مغلق ومتروك ليذهب أهل غزة وربهم ويحاربوا.
ماذا يمكن الفعل؟ إنه حركة جماهيرية شعبية احتجاجية عالية للضغط على الأنظمة لاتخاذ مواقف من أجل غزة.
أما الأمم المتحدة والمجتمع الدولي فهو كلام بالهواء. يبدو أن كل ما هو لصالح الشعب الفلسطيني غير ممكن لدى المجتمع الدولي والأمم المتحدة.
أما بالنسبة للنخبة الثقافية فمطلوب منها أن تحتج ولو بالحد الأدنى لما يجري، أي بإشعال الشموع.
—————
السبت 03 يناير 2009
مايا جاموس
الهدهد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى