صفحات سورية

التقرير السنوي لعام 2009

null
مركز “سكايز” للدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية: التقرير السنوي لعام 2009 – لبنان وسورية وفلسطين الأردن –
سكايز
أصدر مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية “سكايز” (عيون سمير قصير) تقريره السنوي الذي يرصد القضايا المرتبطة بحرية الإعلام والثقافة في لبنان وسوريا وفلسطين والأردن في العام 2009.
وارتكز التقرير على الأخبار والملفات التي أصدرها “سكايز” في العام 2009 استناداً إلى المعلومات التي جمعها، سواء من مراسليه الصحافيين في البلدان الأربعة أو من مصادر صحافية وحقوقية معتمدة.
في لبنان، رصد “سكايز” ست حالات اعتداء على صحافيين على الأقل، وقع معظمها قبل الانتخابات النيابية التي جرت في حزيران/يونيو، أي في النصف الأول من العام 2009 الذي شكّل امتداداً للأعوام السابقة في انعكاس التوتر الأمني والسياسي في البلاد على عمل الصحافيين والمراسلين الصحافيين على وجه الخصوص. وبعد انتهاء الانتخابات والتوجه لتشكيل حكومة وحدة وطنية وتهدئة الخطاب السياسي شهدت الساحة الإعلامية ارتياحاً ونوعاً من الاستقرار، وهو ما أكده مسؤولون إعلاميون في بيروت.
غير أن النصف الثاني من العام أقفل على ظاهرة الصرف الجماعي لمئات من الصحافيين والعاملين في مؤسسات إعلامية لبنانية. وقد أثارت هذه الظاهرة جدلاً واسعاً، بين المتفهمين للدوافع المالية للمؤسسات الصارفة، وبين المشيرين إلى دوافع سياسية للصرف في بعض الحالات، والمتخوفين من أن تشكل هذه الاجراءات أسلوباً غير مباشر في ترويض الصحافيين.
وعلى الصعيد القضائي، تحفل أدراج المحاكم بالعشرات وإن لم يكن المئات من القضايا المرفوعة بحقّ صحافيين، ويتركز معظمها على “القدح والذمّ”، ويتصّل بالخلاف السياسي الداخلي، وقد صدر حكمان بالسجن على صحافيَيْن لبنانيَيْن في 2009 ولم يجر تنفيذهما حتى صدور التقرير.

وثقافياً، يشير تقرير “سكايز” إلى استمرار الرقابة اللبنانية في التضييق على الثقافة، من حيث منع فعاليات أو افلام أو اقتطاع أجزاء منها. ويمارس الرقابة الرسمية في لبنان جهاز الأمن العام اللبناني في الشؤون السياسية، ويتعاون مع مرجعيات روحية في ما يتصل بالشؤون الدينية “الأخلاقية”، إضافة إلى الرقابة التي تنجح قوى لبنانية في فرضها من خلال قنوات مختلفة.
يذكر أن قتلة الصحافيَيْن سمير قصير وجبران التويني (2005) والمتورطين في محاولة اغتيال الصحافية مي شدياق (2005) ما زالوا خارج إطار المحاسبة……
في سورية، يسلّط تقرير “سكايز” الضوء على محورين أساسيين متصلين بحرية الرأي والتعبير. أولهما استمرار الضغط الكبير على الصحافة وحرية التعبير منذ إعلان حالة الطوارىء في البلاد في ستينيات القرن الماضي، وثانيهما الضغط المنظّم الذي تتعرّض له الثقافة الكردية بمختلف أشكالها.
ففي المحور الأول يشير تقرير “سكايز” إلى مواصلة السلطات السورية اعتقال صحافيين وكتّاب أو الحكم عليهم بالسجن (10 حالات على الأقل من بينها حالة ترحيل صحافي أجنبي في 2009)، ومنع العديد منهم من السفر خارج البلاد. وتجري معظم عمليات الاعتقال على نمط “الاختطاف” قبل أن تعود السلطات إلى الإقرار بوجود الصحافي أو الكاتب في عهدتها. كما تتركز التهم الموجهة للموقوفين على “إضعاف الشعور القومي” و”وهن نفسية الأمة”.
ورصدت في سورية عشرات الحالات التي منعت فيها صحف محلية وأجنبية عن التوزيع، إضافة إلى منع برامج تلفزيونية وإقالة القيِمين عليها وإغلاق محطات تلفزيونية خاصة تبثّ من داخل الأراضي، والتشويش على أخرى تبثّ من الخارج.
وفي أيلول/سبتمبر أقفلت الأجهزة الأمنية “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” وهو المركز السوري الوحيد المتخصص بمراقبة قضايا الإعلام من داخل البلاد.
وعلى صعيد الرقابة الإلكترونية، واصلت السلطات في سورية حجب مواقع إلكترونية سياسية وحقوقية عن المتصفحين السوريين. وقد تمّ حجب موقع “سكايز” في أيلول/سبتمبر 2009 لينضم إلى المئات من المواقع المحجوبة (244 موقعاً) التي تتربع على صدارتها المواقع الكردية وتليها مواقع المعارضة السورية ومواقع عربية وأجنبية تنتقد السلطات السورية. كما يتواصل أيضاً حجب مواقع تواصل اجتماعية عالمية مثل الـ”فايس بوك”، و”يوتيوب”، إضافة إلى الآلاف من المدونات الشخصية.
وفي المحور المتعلق بالثقافة الكردية، يشير “سكايز” إلى مواصلة السلطات منع الأكراد (10% من السكان) من إصدار أي مطبوعة أو صحيفة بلغتهم، ومنع تدريس اللغة الكردية في البلاد، وقمع المشاركين بالأعياد والمناسبات القومية الكردية وتفريقهم بالقوة واعتقال العشرات منهم، ومنع العديد من حفلاتهم الفولكلورية واعتقال فنانيهم. كما أجبرت السلطات السورية أصحاب المحال التجارية الكردية على تغيير أسمائها تحت طائلة المسؤولية، في إجراء وضعته السلطات في إطار “تمكين اللغة العربية”.
في الأردن، يتحدث تقرير “سكايز” عن وجود 5 حالات على الأقل جرى فيها الاعتداء على صحافيين أو التعرض لهم على يد أجهزة أمنية أو مجهولين في 2009. وتبدي السلطات الأردنية رغبة بتحصين العمل الصحافي في أراضيها من حيث وقف التعرّض للصحافيين وإحالة المعتدين عليهم على القضاء، في توجه يثمنه بعض المراقبين ويرجعونه إلى توجهات ملكية بهذا الشأن فيما يعتبره آخرون شكليّاً ضمن جوّ مسيطر يمنع التطرّق إلى الخطوط الحمر في المملكة.
وفي مجال منع الكتب الذي طبع المشهد الثقافي في الأردن في الأعوام الأخيرة، يبدو أن جهود رابطة الكتاب الأردنيين حققت تقدماً في “تحويل دائرة المطبوعات والنشر إلى دائرة صديقة” بحسب تعبير مراقبين.
وقد اتخذت إجراءات قضائية بحقّ ثلاثة كتب ومؤلفيها على الأقل في 2009، وصدر حكم قضائي بسجن الشاعر إسلام سمحان على خلفية ديوان شعري اعتبر مسيئاً للإسلام في حزيران/يونيو. إضافة إلى العديد من القضايا التي صدرت في معظمها أحكام بالتغريم وتركزت تهمها على الإساءة والقدح والذم.
في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يشير التقرير إلى تعرض أكثر من ثلاثين صحافياً فلسطينياً وأجنبياً في 2009 لإطلاق النار عمداً أو الاستهداف المباشر بالقنابل المسيلة للدموع أو الضرب المبرح على يد القوات الاسرائيلية أو وحدات المستعربين الذين يتخفون بزّي مصورين صحافيين ويندسون بين المتظاهرين، أو المستوطنين. وجرى معظم هذه الانتهاكات في التظاهرات الاحتجاجية على الاستيطان وبناء الجدار العازل واقتحام المسجد الاقصى وقضم الأراضي.

كما اعتقلت القوات الاسرائيلية اكثر من 20 صحافياً أثناء قيامهم بعملهم، وتعرض معظمهم لمعاملة سيئة ومصادرة المواد الصحافية.
وشددت السلطات الاسرائيلية الخناق على الثقافة العربية في الأراضي التي تحتلها، حيث منعت معظم أنشطة “القدس عاصمة الثقافة العربية عام 2009” وتعرّضت لفنانين فلسطينيين وأجانب بالضرب والملاحقة والمضايقة.
في مناطق الضفة الغربية الخاضعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، طغى احتجاز الصحافيين على سواه من انتهاكات على الساحة الإعلامية فيها في 2009، ولا سيما لناحية احتجازهم على أيدي عناصر الأجهزة الأمنية المختلفة، حتى أن منهم من تخطى عتبة الخمس عشرة مرة في “بورصة” عدد مرات الاحتجاز، كما حصل مع مدير مكتب فضائية “الأقصى” في الضفة الصحافي محمد إِشتيوي . كما أن منهم من تخطى عتبة العشرين مرة في الاستدعاء للتحقيق كما جرى مع مراسل صحيفة “فلسطين” التابعة لحركة “حماس” الصحافي مصطفى صبري.
وقد سجل في 2009 اعتقال ما لا يقلّ عن 20 صحافياً تعرّض معظمهم لسوء المعاملة والاعتقالات المتكررة، وتشكّل هذه الاعتقالات بمعضمها انعكاساً للخلاف الفلسطيني الداخلي بين حركتي “فتح” و”حماس”.
كما سجّلت حالات متفرقة من مداهمة مؤسسات إعلامية ومصادرة صحف وحجب مواقع ومنع من القيام بالعمل الصحافي.
في قطاع غزّة الخاضع لسيطرة حركة المقاومة الإسلامية “حماس” منذ حزيران 2007، وقعت خمسة أعمال عنف على الأقل على صحافيين (اعتداء جسدي، تخريب) على يد عناصر أمنية أو مدنيين. واحتجزت القوى الأمنية التابعة للحكومة المقالة ثمانية صحافيين على الأقل لمدد متفاوتة. كما رصدت العشرات من الانتهاكات والمضايقات المختلفة بحق صحافيين في القطاع من استدعاءات ومصادرة أوراق ثبوتية إلى الفصل من العمل والمنع من السفر.
وقد أعلنت وكالة “رامتان” في شهر تشرين الأول/أكتوبر وقف عملها في فلسطين “بعد تراكم عدة عوامل لها علاقة بانتهاك القانون وحرية التعبير والصحافة، ومضايقات تتعرض لها، توَجها اقتحام مقر الوكالة (في غزّة) في شكل غير قانوني”.
في الشأن الثقافي، يشير تقرير “سكايز” إلى وقوع اعتداءين على الأقل على فنانين (مغنيَيْن فولكلوريَيْن) على يد مسلحين مقنَعين في حادثين منفصلين، وتفجير بعض مؤسسات المجتمع الاهلي والاماكن التي تُعد ملتقى للمثقفين من دون ان يتم كشف أي من المعتدين، وقرار وزارة الداخلية عدم السماح للنساء بالمشاركة في العروض الرسمية لفرق الدبكة الشعبية، وقرار إلزام المحاميات بارتداء زي خاص يشمل غطاء يحجب الشعر، وكذلك ملاحقة المتنزهين والمتنزهات على الشاطىء في وضح النهار.
ولعلّ اللافت في هذا السياق كان منع أي مظاهر احتفالية بالذكرى الخامسة للرئيس الراحل ياسر عرفات في جميع محافظات القطاع.
أولاً: لبنان
المشهد الإعلامي والثقافي في لبنان عام 2009
صرف جماعي للصحافيين والثقافة تبقى في دائرة استهداف الرقابة
لعلّ أبرز ما ميّز العام 2009 في مجال القضايا المرتبطة بالواقع الإعلامي والثقافي في لبنان، استمرار انعكاس التوترات السياسية المتنقلة على الصحافيين في النصف الأول من السنة، بعدما ترك العامان 2007 و2008 بصمات أليمة في الإعلام اللبناني من حيث الاعتداء على مؤسسات إعلامية وعلى مراسلين صحافيين. كما شهد العام 2005 اغتيال الصحافيين سمير قصير وجبران التويني ومحاولة اغتيال الصحافية مي شدياق، فيما بقي الفاعلون خارج إطار الملاحقة والمحاسبة.
صحيح أن التوترات السياسية وانعكاساتها على الصحافيين انحسرت بعيد الانتخابات التشريعية التي جرت في حزيران/يونيو 2009، إلا أن النصف الثاني من العام أقفل على تطور جديد في المشهد الإعلامي اللبناني، تمثّل في ظاهرة الصرف الجماعي للصحافيين والعاملين في مؤسسات إعلامية مختلفة. يُذكر أن أدراج القضاء اللبناني حافلة بعدد كبير جداً من الدعاوى القضائية ضد صحافيين ومؤسسات إعلامية تتركز عموماً على “القدح والذمّ”.

أما في ما يتعلق بالمشهد الثقافي اللبناني، فإن الرقابة اللبنانية لا تبدو اليوم أضعف مما كانت عليه في السابق، رغم محاولات بعض المسؤولين الرسميين تغيير هذا الواقع أو خرقه.
وما زالت الرقابة على الكتب والأنشطة الثقافية من صلاحيات جهاز الأمن العام اللبناني، وليس من صلاحيات وزارة الثقافة. فيما يطالب أوساط ثقافية وحقوقية وهيئات مدنية بالغائها بالكامل. أما في ما يخص الرقابة السياسية على الافلام، فهي تخضع لرؤية الامن العام ولتدخلات السياسيين.
والمعلوم أن الرقابة السياسية في لبنان يمارسها الأمن العام، فيما يفوّض الرقابة الدينية و”الاخلاقية” إلى مؤسسات دينية رسمية.
ومن ناحية القوانين، يشير “سكايز” إلى استمرار القوانين والاجراءات النقابية الصحافية على ما هي عليه، فما زال قانون تحديد عدد الصحف اليومية السياسية في لبنان سارياً مما يؤدي إلى ارتفاع هائل بأسعار الرخص وإلى خطر احتكار الصحف رغم تعدديتها. وتعدّدت المحاولات التي جرت مؤخراً، من أجل إنشاء نقابة جامعة للإعلاميين اللبنانيين، إلا أن الجهود لم تثمر حتى الآن، في وقت يتحدث فيه أكثر من صحافي عن إستنسابية ومحسوبيات في فتح جدول الانتساب لجميع الصحافيين بالمساواة إلى النقابة الوحيدة (“نقابة المحرّرين”)، وهو شرط أساس لإجراء انتخابات نقابية ديمقراطية.
ورغم هذا الواقع، حلّ لبنان في المرتبة الثانية في الشرق الأوسط بعد الكويت، في التصنيف السنوي لترتيب الدول بحسب حرية الصحافة للعام 2009، الذي أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود”.
1- اعتداءات ومضايقات بحقّ صحافيين:
تعرّضت الصحافية هبة نصر (قناة “الحرّة”) إلى مضايقات غير قانونية من قبل دورية لقوى الأمن الداخلي كادت ان تمنع بثها لتقرير تلفزيوني مباشر(29/3)، إلا أن تدخّل وزير الداخلية والبلديات بشكل مباشر وفوري أعاد الامور إلى نصابها، في حادث يستبعد ان تكون خلفياته سياسية.
وفي الاحداث المرتبطة بالتوترات السياسية التي شهدتها البلاد، تم رشق فريق قناة “المنار” التلفزيونية التابعة لـ “حزب الله” بالحجارة وإطلاق عيار ناري على سيارته، إثر توتر ساد عقب انتهاء مباراة رياضية في الملعب البلدي في بيروت (26/4).
وتعرّضت الصحافية لوسي برسخيان (مراسلة صحيفتي “الشرق” و”البلد”) للتهجّم والشتم من طرف شبان محتشدين حاولوا كذلك تحطيم سيارتها في بلدة سعد نايل في منطقة البقاع أثناء تغطيتها عمليات دهم نفذتها القوى الأمنية، قبل أن تتدخل مجموعة أخرى من شبان البلدة المتجمهرين لإنقاذ الموقف وفتح الطريق أمامها للمغادرة (18/ 5).
وأفاد الصحافي والمحلّل السياسي عقاب صقر (النائب الحالي)، المرشح آنذاك للانتخابات النيابية عن دائرة زحلة، أنه تعرّض للتهديد بالقتل والاعتداء اللفظي والمعنوي ومحاولة التهجّم الجسدي عليه، من قبل النائب عن دائرة زحلة حسن يعقوب ومرافقيه، إثر انتهاء مناظرة تلفزيونية جمعتهما كمرشحَيْن متنافسَيْن (19/5).
ويوم الانتخابات النيابية (12/6) جرى الاعتداء على فريق “المؤسسة اللبنانية للإرسال”، المكوّن من المراسلة الصحافية تانيا مهنا والمصوّر سعيد بيتموني، من قبل مجموعة أشخاص، إثر تصويرهما مكان الاعتداء على مختار منطقة البسطا مصباح عيدو الموالي لـ “تيار المستقبل”، وقد حطّم المعتدون كاميرا الفريق الصحافي وضربوا المصوّر ووجهوا كلمات نابية إلى المحطة، ولم يتمّ توقيف أي من المعتدين (7/6).
واعتدى مجهولون على سيارة الصحافية سناء الجاك (صحيفة “الشرق الأوسط”) أمام منزلها الكائن في منطقة بربور غرب العاصمة بيروت (9/6).
وتعرّض الصحافي عاصي عازار (موقع “المستقبل” الإخباري) للاعتداء بعد خروجه من عمله من قبل مجموعة كانت تستقل سيارة ودراجة نارية اعترضته عند تقاطع بشارة الخوري وسط بيروت وأبرحته ضرباً، مسببة له جروحاً وكدمات ورضوضاً قوية (28/6).
ومنع الصحافي عماد بزي من إجراء تحقيق صحافي في ضاحية بيروت الجنوبية على يد عناصر حزبية، وجرت ومصادرة آلة التصوير الخاصة به وإتلاف محتواها ثم إعادتها إليه (3/7).

• وقال مدير الأخبار في قناة “المستقبل” عماد عاصي لـ”سكايز” إن “الإعلام يعكس صورة الواقع السياسي، والارتياح أو التشنج يبدو واضحاً على الشاشة وفي حركة المندوب والمراسل”.
واعتبر أن العام 2009 حمل ارتياحاً أكثر للمراسلين في محطته، غير أنه أضاف أن “بعض المناطق ظلت مغلقة على مراسلينا، فالدخول إلى بعض الأحياء من الضاحية الجنوبية مثلاً يتطلب تصريحاً للإعلام وحتى للأجهزة الأمنية”. وأشار إلى أن “حدة التوتر بدأت تنحسر منذ توقيع اتفاق الدوحة في صيف 2008 وما تلاه من تهدئة في الخطاب السياسي، لأن القاعدة تتأثر عادة بخطاب المسؤول، فالانفتاج والحوار انعكسا على العلاقات بين الناس وتأثر بهما الإعلام ايضاً”.
وأسف عاصي من تصنيف المراسل الصحافي بحسب المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها، ما يجعل المراسلين الصحافيين “كبش محرقة” للتوتر السياسي في البلاد.
• وأكدت مديرة الاخبار والبرامج السياسية في تلفزيون “الجديد” الصحافية مريم البسام أن العام 2009 كان أكثر راحة للصحافيين من الأعوام السابقة، وأن الخلاف بين التيارات السياسية ينعكس مباشرة على عمل المراسلين “لأن الناس يعرفون وجوههم والمحطات التي يعملون فيها، وبالتالي يصبح تصنيفهم في خانة المعادين أو الموالين أسهل، ويكون رد فعل الجمهور حسب هذا التصنيف”.
واشارت إلى أن مراسلي محطتها “تعلموا من التجربة، وعارضوا دخول المناطق التي سبق وتعرضوا فيها للضرب أو تكسير الكاميرات أو الإهانات”. واعتبرت البسام أن من أبرز الانتهاكات التي تعرض لها فريق المحطة “الانتهاك الصارخ الذي نفذته إسرائيل بحق المراسلة أوغاريت دندش، التي تعرضت للاعتقال من قبل جنود الاحتلال أثناء تغطيتها رحلة سفينة السلام إلى غزة”، وأسفت للأحكام القضائية بحقّ زميلتها غادة عيد.
2- أحكام قضائية بحبس صحافيين:
أصدر القضاء اللبناني حكمين بسجن صحافيين، فقد حكمت محكمة المطبوعات غيابياً على الصحافي فارس خشان (جريدة المستقبل”) بالسجن لمدة سنة وإلزامه بدفع مبلغ عشرة ملايين ليرة (7000 دولار) تعويضاً للقاضي عبد الرحيم حمود لإدانته بالقدح والذم بحقه، حين علّق خلال حديث تلفزيوني على مسألة ملاحقته وغيره من الصحافيين أمام القضاء (29/7). كما أحيلت الصحافية غادة عيد (تلفزيون “الجديد”) وصدر بحقها لاحقاً حكم بالسجن ثلاثة أشهر وبدفع غرامة 20 مليون ليرة (14 الف دولار) في الدعوى المقامة من القاضي عفيف شمس الدين ضدها وضد محطة تلفزيون “الجديد” ومديرة البرامج السياسية مريم البسّام، بجرم القدح والذم والتحقير، من خلال البرنامج التلفزيوني الذي تقدمه عيد.
وفي حالات الحكم بالحبس على الصحافيين اللبنانيين من قبل محكمة المطبوعات، يتم التخلي عنها واستبدالها بإلزام المدعى عليه بالتعويض المادي إلى المدعي.
3 – موجة صرف عاملين من مؤسسات اعلامية:
صرفت صحيفة “النهار” نحو خمسين محرراً وموظفاً من الخدمة ومن بينهم صحافيون لهم حضور كبير في الصحافة اللبنانية (27/9). ثمّ صرفت محطة “MTV” عدداً من الموظفين (30/9)، وفيما تحدثت معلومات صحافية عن ان عدد المصروفين منها بلغ 60 موظفاً، أوضح مسؤول في المحطة لـ”سكايز” ان محطته صرفت 8 فقط من العاملين فيها، وأن باقي المصروفين هم من فريق “استوديو فيزيون” للانتاج وليس من فريق “MTV”. كما قامت ادارة “المؤسسة اللبنانية للارسال LBC” بصرف العشرات من الصحافيين والتقنيين العاملين لديها في خطوة ردها المصروفون إلى اعتبارات سياسية على خلفية النزاع على ملكية المؤسسة بين حزب “القوات اللبنانية” ورئيس مجلس ادارة القناة بيار الظاهر (7/10)، وبعد ذلك صرفت محطة “ANB” عشرين موظفاً بينهم عدد كبير من الصحافيين (15/10).
• وقال المحامي جميل جبران لـ”سكايز”: “شهدنا صرفاً جماعياً يشترط توفر عوامل عدة كي يكون قانونياً وغير تعسّفي”. وتابع: “يجب وجود سبب جدي اقتصادي يبرر الصرف، وعلى المؤسسة التصريح لوزارتي العمل والشؤون الاجتماعية، وعليها أيضاً وضع برنامج لإعادة توظيف المصروفين في مكان آخر ان استطاعت ذلك”، لافتاً إلى أن “الافضلية في التوظيف في السنة اللاحقة يجب ان تكون للمصروفين”.

• وتخوّفت أوساط صحافية في لبنان من ان يشكّل التلويح بصرف الإعلاميين لأسباب مالية تهديداً غير مباشر أو ضغطاً مبطناً لممارسة رقابة على التوجهات السياسية للعاملين في المؤسسات الإعلامية اللبنانية.
4 – الثقافة في مرمى الرقابة:
منع الامن العام اللبناني بطلب من المركز الكاثوليكي للإعلام عرض فيلم “هيلب” للمخرج مارك أبي راشد (16/2) بعدما سبق وأجاز عرضه. وجرى قطع حلقة تلفزيونية مع ابي راشد على تلفزيون لبنان الرسمي تحدّث فيها عن الفيلم (3/ 3).
ورفض الامن العام اللبناني منح تأشيرة دخول للكاتب التونسي منصف المرزوقي المهتم بقضايا حقوق الإنسان (4/3) للمشاركة في ندوة بحثيّة في لبنان.
ومنع كرنفال السامبا الفولكلوري البرازيلي في صور(جنوب لبنان) من قبل “علماء صور للتوجيه والارشاد الديني” (1/10)، كما منع فيلمان سينمائيان (The wedding song- Il Compleanno) من العرض في مهرجان بيروت للسينما (7/ 10)، وجرى حذف 5 دقائق من فيلم “سمعان بالضيعة”.
كما ألغى الفنان المغربي جاد المالح مشاركته في أنشطة “مهرجانات بيت الدين للعام 2009” بسبب “المظاهر العدائية والدعوات المناهضة لمشاركته، حفاظاً على أمنه الشخصي وحسن سير المهرجان” (29/6)، والمالح من عائلة يهودية مغربية، وقد جرت اشاعة اخبار في بيروت عن ارتباطه بالجيش الاسرائيلي وتعاطفه مع الدولة العبرية، وهو ما نفاه المالح.
3- أحداث ذات صلة:
وتجدر الاشارة إلى ثلاثة أحداث جرت خارج الأراضي اللبنانية وكان لها انعكاس على الإعلام اللبناني.
فقد اعترضت البحرية الاسرائيلية (5/2) سفينة “الاخوّة” التي توجهت من لبنان إلى غزة وعلى متنها عدد من الناشطين والصحافيين، ودهتمها واعتدت على عدد ممن كانوا على متنها، وحققت معهم قبل ان تطلق سراحهم في اليوم التالي.
وصدرت عن القضاء السوري استنابات قضائية (7/12) بحقّ عدد من الصحافيين اللبنانيين والشخصيات السياسية في الدعوى المقامة من المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيّد بإشاعة أخبار كاذبة حول قضية اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري أدت إلى توقيفه من طرف القضاء الدولي.
وتبنى مجلس النواب الأميركي بأغلبية ساحقة (7/12) مشروع قانون يطالب بإجراءات عقابية بحق مالكي الأقمار الصناعية الذين يسمحون لمحطات تلفزيونية ببث افكار ذات “طابع ارهابي”، ومن بين المحطات التي أشار اليها مشروع القانون خصوصاً محطة “الأقصى” التابعة لحركة “حماس”، ومحطة “المنار” التابعة لـ “حزب الله” في لبنان.
• وتعلّيقا على القضايا التي رصدها “سكايز” في تقريره السنوي اعتبر الكاتب والمحلل السياسي سليمان تقي الدين ان “الإعلام اللبناني يعاني غياب الضمانات وعدم احترام القوى السياسية لمبدأ الحريات، وتطييف وسائل الإعلام مما يقيّد الحرية ويؤدي إلى رقابة ذاتية من دون وجود رقابة مباشرة”. وتابع “مع كل تسوية سياسية كنا نلحظ بنداً بوقف الانتهاك بحق الصحافيين وحرية الرأي. والحراك السياسي السائد أرخى بظله على الصحافة المكتوبة بشكل خاص، ونقل مستوى الكتابة الصحافية إلى الانخراط في المعمعة السياسية وأثّر في الفكر السياسي السائد”.
وأشار إلى إسهام “الهياج الطائفي للجمهور” في قمع الصحافيين المختلفين برأيهم عن محيطهم. ولفت تقي الدين إلى انه “لا يمكن تحميل القانون وزر ما حدث، رغم ثغراته، لاننا لسنا في دولة القانون، والحاكم الفعلي هي سلطات الأمر الواقع، التي تهيمن على كل مقومات الدولة وتسير امورها”.
وتخوّف تقي الدين على مضمون الإعلام اللبناني في المستقبل “لأن نخب الطوائف عاجزة عن نقد طوائفها وقادتها، وعاجزة أيضاً عن نقد الطوائف الأخرى وقادتها، كما أشار إلى “محرمات” يمنع المساس بها مثل “فساد المؤسسات الدينية وادارة الاحزاب الداخلية”.
وخلص إلى القول ان “اتفاقية الدوحة (التي شكلت مخرجا بعد مهاجمة “حزب الله” بيروت في 7 أيار 2008) دقت اسفيناً في الدستور ورسمت سقفاً للتفكير في لبنان، فلجمت الأزمة الأمنية، لكنها لجمت ايضاً حرية التفكير ومنعت على الصحافي التطرق إلى مواضيع باتت تعد تعكيراً للسلم الأهلي”.
ثانياً: سورية

ارتفاع وتيرة الاعتقالات في النصف الثاني
سورية “مسرح” لقمع الحريات والثقافة الكردية عام 2009
استمر مسلسل الاعتقالات في صفوف الكتّاب والصحافيين والمثقفين وناشطي المجتمع المدني وحقوق الإنسان في سوريا عام 2009 على خلفية كتاباتهم وآرائهم السياسية أو انتقادهم للفساد في إدارات الدولة، وكذلك منع الناشطين والمثقفين من السفر خارج البلاد، إضافة إلى فرض المزيد من القيود على الصحافة المحلية والعربية المطبوعة والإلكترونية، وحجب المزيد من المواقع الإلكترونية، في الوقت الذي واصلت السلطات السورية قمع كافة أشكال الثقافة الكردية في البلاد.
1- مضايقات واعتقالات وأحكام:
أ‌- اعتقلت السلطات السورية العشرات من الصحافيين والكتاب وناشطي المجتمع المدني، وأصدر القضاء السوري من خلال محكمة أمن الدولة العليا الاستثنائية أحكاماً قاسية تركزت على تهمة “نشر أنباء كاذبة من شأنها وهن نفسية الأمة”. كما جرت بعض المضايقات بحق سجناء الرأي داخل معتقلاتهم.
فقد جرى توقيف مديرة مكتب قناة “الفيحاء” العراقية في دمشق هيفاء الحسيني (2/3) قبل أن تستعيد حريتها بالكامل (9/3). وحكم على الكاتب حبيب صالح (15/3) بالسجن ثلاث سنوات بتهمة “نشر أنباء كاذبة ترمي إلى إضعاف الشعور القومي وإيقاظ النعرات العنصرية والمذهبية” على خلفية مقالات نشرها على الانترنت. واعتقل الكاتب الكردي فاروق حجي مصطفى (5/7) على خلفية لقاءاته مع صحافية ألمانية زارت سورية بالتزامن مع عيد النوروز الكردي الذي تحظر السلطات الاحتفال به، وحكم عليه بالسجن خمسة أشهر. وجرى نقل الكاتب والصحافي علي العبد الله إلى السجن الانفرادي (23/6) ليوم واحد على خلفية تصريحات له عن الانتخابات اللبنانية والإيرانية جرى نقلها إلى خارج السجن. واعتقل الناشط عبد الحليم حسين (14/7) للاشتباه فيه بكتابة مقال في دورية محليّة وأحيل على القضاء العسكري.
وجرى إبعاد الصحافي العراقي سلام شمّاع (31/7) بعد أربعة أيام على احتجازه بعد وصوله إلى سوريا من البحرين.
وأصدرت محكمة أمن الدولة العليا (19/9) حكماً بسجن المدوّن كريم أنطوان عربجي ثلاث سنوات، بتهمة “نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة” على خلفية كتاباته لمقالات انتقد فيها السلطات السورية ونشرها في منتدى أخوية الإلكتروني. وصدر بحق الكاتب والناشط الحقوقي هيثم المالح (3/11) قرار يقضى باتهامه بجناية “نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة” وفقاً للمادة 286 من قانون العقوبات السوري، والظن فيه بجرم “ذمّ إدارة عامة” وذلك على خلفية كتابته لمقالات وإجراء لقاء على قناة بردى المقربة من تجمع إعلان دمشق المعارض.
واعتقلت الأجهزة الأمنية السورية (22/10) الشيخ عبد الرحمن الكوكي لدى عودته إلى سورية قادماً من قطر بعد مشاركته في حلقة عن قضية النقاب وموقف شيخ الأزهر منه ضمن برنامج “الاتجاه المعاكس” الذي تبثه قناة “الجزيرة” القطرية وأحيل على القضاء في ما بعد بتهم “النيل من هيبة الدولة” و”الإساءة إلى شخص رئيس الجمهورية” و”إثارة النعرات الطائفية والمذهبية”.
وجرى اعتقال الكاتب والمفكر الإسلامي يوسف ذيب الحمود (5/11) من منزله من دون أن تُعرف خلفية الاعتقال والجهة التي قامت به.
واعتقلت إدارة أمن الدولة (22/11) الصحافي في جريدة “الثورة” الحكومية الرسمية معن عاقل، وجرى فصله من جريدة “الثورة” وجرائد محلية أخرى يكتب فيها خلال أقل من 48 ساعة على اعتقاله، ويعتقد أن خلفية الاعتقال هي تحقيق قام به عاقل عن صناعة وتجارة الأدوية في سورية.
واعتقل الكاتب الكردي مصطفى اسماعيل (12/12) بعد استدعائه إلى فرع الأمن الجوي في حلب، ويعتقد أن يكون الاستدعاء على خلفية كتاباته ومشاركاته في بعض برامج القناة الفضائية الكردية “ROJ.TV” التابعة لحزب العمال الكردستاني التي تبث من بلجيكا.
وبتاريخ 19 أيار/ مايو 2009 أطلق سراح رئيس مركز “حريات” للدفاع عن حريات الصحافيين الكاتب والصحافي السوري ميشيل كيلو، بعد أن أنهى حكماً بالسجن ثلاث سنوات، وقد اتهمته محكمة الجنايات الثانية بدمشق بإضعاف الشعور القومي، وإيقاظ النعرات الطائفية والمذهبية. وكان كيلو اعتقل بتاريخ 14 أيار/مايو 2006 بعد أن وقّع مع مجموعة من الناشطين السوريين واللبنانيين على وثيقة سمّيت بإعلان “بيروت – دمشق، دمشق – بيروت” دعت إلى تصحيح العلاقات اللبنانية- السورية، وترسيم الحدود بين البلدين وتبادل العلاقات الدبلوماسية بينهما، واعتقل على أثرها العشرات من الناشطين السوريين وحكم على العديد منهم.
ب – ويستمر اعتقال كل من الكاتب والسياسي علي العبد الله، والصحافي فايز سارة، والناشط والكاتب السياسي الكردي مشعل التمو، والكاتب والسياسي د. كمال لبواني. كما يلف الغموض مصير مئات السجناء في سجن صيدنايا العسكري بعدما استخدمت سلطات السجن (5/7/2008) الأسلحة النارية للسيطرة على الأحداث التي اندلعت فيه، في ظلّ تكتم رسمي عن هذه الأحداث ومنع نزلاء السجن من التواصل مع الخارج.
وكان من المفروض إطلاق سراح الناشط الحقوقي نزار رستناوي بتاريخ 18/4/2009 بعد أن أمضى حكماً بالسجن أربع سنوات، بتهمتي “نشر أنباء كاذبة” و”ذم رئيس الجمهورية”.
كما اعتُقل الشاعر فراس سعد بتاريخ 30/7/2006 بسبب مقالة نشرها على الانترنت بعنوان “أين الجيش السوري من الحرب الإسرائيلية على لبنان؟”، انتقد فيها عدم تدخل الجيش السوري لمساعدة لبنان أثناء حرب تموز 2006، فحكمت عليه محكمة أمن الدولة العليا (04/2008)، بالسجن أربع سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة من شأنها وهن نفسية الأمة.
وكذلك الحال بالنسبة إلى المدوِّن السوري طارق بياسي الذي اعتقل بتاريخ 7/7/2007 من قبل المخابرات العسكرية بسبب انتقاده لسلوك الأجهزة الأمنية، عبر تعليقات أرسلها لمنتديات إلكترونية، حيث حكمت عليه محكمة أمن الدولة بالسجن ثلاث سنوات في أيار/مايو 2008، وذلك بتهمتي “إضعاف الشعور القومي” و”وهن نفسية الأمة”.
• واعتبر الكاتب والناقد السوري المعارض صبحي حديدي في حديث مع “سكايز” أن السلطات الحالية تمارس القمع نفسه الذي مارسته أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد ولكن بإخراج مختلف، وقال: “في الماضي كان الأسد الأب يزجّ المعارضين في السجون بدون محاكمة، أما تنويع الأسد الابن فهو مهازل إحالة المعارضين على القضاء بسبب “إضعاف الشعور القومي”، أو “النيل من هيبة الدولة” أو “إثارة النعرات العنصرية والمذهبية”، وسواها من التهم التي أجزم ان القضاة أنفسهم لا يفقهون لها دلالة ملموسة”.
2- منع من السفر:
تلجأ السلطات الأمنية السورية إلى منع المئات من ناشطي السياسة وحقوق الإنسان، إضافة إلى صحافيين وكتّاب بارزين من السفر خارج البلاد، في خطوة ازدادت في عام 2009 كإجراء لمواجهة نشطاء الحراك المدني والسياسي، ولمعرفة تحركات بعض النشطاء خارج سورية، من خلال وضع بلاغات مراجعة بحقهم من دون معرفتهم لدى دائرة الهجرة والجوازات.
فقد منعت السلطات الأمنية السورية الروائي والناقد نبيل سليمان من السفر إلى الكويت لحضور ندوة أقيمت برعاية مجلة “العربي” الكويتية (1/3).
كما منعت في وقت سابق المخرج السوري المعروف محمد ملص من السفر بسبب نشاطه في المجتمع المدني.
• وأصدر المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في أيار/مايو 2009 تقريراً عن سياسة منع السفر بحق نشطاء المجتمع المدني في سورية بعنوان “إشكالية المنع من السفر في سورية” أحصى فيه منع 414 شخصاً من السفر من بينهم 41 كاتباً وإعلامياً ومنهم طيب تيزيني، وحازم نهار، ومحمد سيد رصاص، وبكر صدقي، وجاد الكريم جباعي، وسليمان يوسف يوسف، ومازن درويش، ورزان زيتونة، وعمر قدور، وياسين الحاج صالح، إضافة إلى العديد من الكتاب والصحافيين الكرد.
ولم تسمح السلطات السورية لفارس مراد، أقدم سجين سياسي سابق في سورية، بالسفر لتلقي العلاج بعد خروجه من السجن حتى وفاته (9/3).
3- إقفال/منع صحف:
وتتعرّض بعض أعداد الصحف السورية الخاصة للمصادرة والمنع بشكل مستمرّ، كما تُمنع بعض الصحف التي تصدر في الخارج من الدخول إلى سورية، بما فيها صحف مصنّفة على قائمة “الأصدقاء” بالنسبة إلى السلطات السورية، فيما تمنع السلطات السورية وبشكل نهائي دخول الكثير من الصحف والمجلات التي تصدر في الخارج إلى أراضيها، مثل صحف “النهار” و”المستقبل” و”الانوار” اللبنانية، و”السياسة” و”الراي” الكويتيتين، و”المحرّر العربي” التي تصدر في لبنان، و”الشرق الأوسط” اللندنية، و”الحقيقة الدولية” الأردنية، وصحيفة “روز اليوسف” المصرية.

إضافة إلى ذلك، تمّ إقفال مراكز إعلامية وقنوات مرئية أو التشويش عليها وإقالة صحافيين.
فقد أغلقت وزارة الإعلام مكتب دمشق لقناة “المشرق” الفضائية (29/7) وجرى التحقيق مع أكثر من 15 إعلامياً من العاملين في المكتب من دون إيضاح الأسباب الموجبة لذلك.
كما أقدمت السلطات أيضاً على الطلب من القائمين على قناة “الدعوة” بالتوقيع على إقرار في أحد فروع الأمن بأنهم أخطأوا في الإقدام على العمل في المحطة والمساهمة في إطلاقها، وأنهم “بدون إكراه” سيوقفون العمل. وكان من أبرز الموقعين على التعهد صاحب شركة “الهزار للانتاج الفني” عمار الرفاعي، ابن الداعية الشيخ سارية الرفاعي، وتمت حينها مصادرة كل الأجهزة الفنية والمعدات والأرشيف ولم يبق لـ “الهزار” سوى اسمها الذي ألغي حتى من السجل التجاري.
كما منعت وزارة الإعلام السورية العدد /54/ من جريدة “الخبر” الأسبوعية الاقتصادية للمرة السادسة عشرة خلال أقل من سنتين، وهو عمر الجريدة (31/5)، من دون إيضاح الأسباب.
ومنعت المؤسسة العامة لتوزيع المطبوعات التي تحتكر توزيع المطبوعات في سورية توزيع العددين 47 و49 من المجلة الشهرية “شبابلك” (أيار/مايو) من خلال اتصال هاتفي من وزارة الإعلام.
• وأعلن رئيس تحرير مجلة شبابلك إياد شربجي، إيقاف إصدار مجلته احتجاجاً على ما أسماه “المضايقات التي تتعرض لها المجلة”، ريثما يتحسن المناخ الإعلامي في سورية، في حفل ختام “مهرجان شبابلك الثقافي” بتاريخ 24/10/2009.
كما أنهى وزير الإعلام السوري محسن بلال تكليف رئيس تحرير جريدة “العروبة” أحمد تكروني، الصادرة عن مؤسسة “الوحدة للصحافة والطباعة والنشر” والتي تخص المنطقة الوسطى – حمص وحماه (2/8) بسبب مقال نشر في الجريدة تحت عنوان “نحن الحماصنة متعصبون لحمصيتنا”.
وأصدر وزير الإعلام قراراً شفهياً يقضي بإنهاء عمل الإعلامي إبراهيم الجبين في التلفزيون العربي السوري، وكذلك وقف إنتاج حلقات جديدة من برنامج “علامة فارقة” (13/8).
وأغلقت مجموعة مشتركة من إدارة المخابرات العامة وشرطة دمشق “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” (13/9)، وهو المركز السوري الوحيد المتخصص في مراقبة قضايا الإعلام والتعبير من داخل سورية.
• وقال مدير “المركز السوري للإعلام” مازن درويش لمركز “سكايز” إن إغلاق المركز في هذا التوقيت “يأتي تتويجاً لمرحلة جديدة من الضغوط المستمرة التي يواجهها منذ تأسيسه في نهاية العام 2004، هذه المرحلة الجديدة بدأت في شهر شباط/فبراير الماضي عندما أصدر المركز دراسة بعنوان (إشكالية المنع من السفر في سورية) و تصاعدت مع إصدار التقرير السنوي الثالث حول حالة الإعلام والحريات الصحافية في سورية بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافي في الثالث من أيار/مايو وحمل التقرير عنوان “صمت الأقلام وضجيج الرقابة” لتصل إلى إغلاق مقر المركز بعد حملة الكشف عن قرارات منع توزيع الصحف الشفهية الصادرة عن وزير الإعلام”.
واعتبر درويش إغلاق المركز “ضربة موجعة لم تكن في الحسبان” وأكد أن المركز سيطلق موقعاً جديداً يقدم من خلاله الدعم القانوني والمهني للعاملين في الإعلام وحرية التعبير، إضافة إلى مواصلة “رصد الانتهاكات الواقعة على الحريات الصحافية وكشفها والتشهير بها من خلال البيانات الصحافية “.
ومنعت السلطات السورية دخول العدد (9/10) من مجلة “الآداب” اللبنانية، بسبب بحث نقدي لحسّان عباس بعنوان “حكايات ضدّ النسيان: قراءةٌ في بعض النتاج الروائي المعاصر في سورية”، يقارب “أحداث الثمانينيات وتأثيرها في المجتمع والمبدعين والكتابة”، حيث يتعرض الملف لروايات وكتابات حول العنف المتبادل بين السلطة والتشدّد الإسلامي في هذه الفترة، مروراً بأدب السجون.
ومنعت السلطات السورية صحيفة “الأخبار” اللبنانية من توزيع أربعة أعداد في أراضيها (29/8 و30/8، و10/10 و8/12).
كما منعت وزارة الإعلام توزيع العدد 145/146 (17/11) من مجلة “بقعة ضوء” السورية ولم تتمكن إدارة المجلة من معرفة سبب منع توزيع العدد على الرغم من المراجعة المتكررة من قبل رئيس تحريرها علي عبد العزيز الراوي لمديرية الرقابة الداخلية في وزارة الإعلام.
وعادت قناة “بردى” (22/12) إلى البثّ بعدما جرى التشويش على إرسالها، وهي محطة معارضة مقربة من تحالف إعلان دمشق.
• وأكد مدير قناة “بردى” أسامة المنجد في حديث إلى مركز”سكايز” أن التشويش على محطته جرى من داخل الأراضي الايرانية.
4- الرقابة الإلكترونية:
يخضع الإعلام الإلكتروني في سورية إلى رقابة مشددة تفرضها الأجهزة الأمنية المختصة، مستعينة بتقنيات عالمية توفرها شركات متخصصة بالرصد والحجب والمراقبة. وتلجأ السلطات السورية أيضاً إلى حجب المئات من المواقع الإلكترونية حيث حجبت الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية والمؤسسة العامة للاتصالات أكثر /244/ موقعاً إلكترونياً حتى تاريخ 6/12/2009 بحسب “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”.
وتتربع المواقع الكردية على صدارة الحجب، إضافة إلى مواقع المعارضة السورية والمواقع العربية والأجنبية التي تقوم بنشر مواضيع تنتقد السلطات السورية. كما تحجب أيضاً مواقع تواصل اجتماعية عالمية مثل الـ”فايس بوك”، و”يوتيوب”، إضافة إلى الآلاف من المدونات الشخصية. كما تحجب السلطات السورية مواقع معظم المنظمات الحقوقية السورية وبعض المنظمات العربية ومنها اثنتا عشرة منظمة وهي: المنظمة السورية لحقوق الإنسان- سواسية، والمنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سورية، واللجنة السورية لحقوق الإنسان، ورابط معلومات حقوق الإنسان في سورية، ومنظمة حقوق الإنسان في سورية، ورابطة حقوق الإنسان والمجتمع المدني، والمرصد السوري لحقوق الإنسان، ومركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية، واللجنة العربية لحقوق الإنسان، ونشطاء الرأي، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومركز عيون سمير قصير “سكايز”.
وكانت السلطات السورية قد حجبت موقع مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية “سكايز” عن المتصفحين السوريين، لينضم إلى قائمة المواقع المحجوبة من قبل المؤسسة العامة للاتصالات بالتعأون مع أجهزة أمنية (14/9).
• وتعليقاً على حجب المواقع الإلكترونية في سورية قال الكاتب والناقد السوري صبحي حديدي لـ”سكايز” إن الرئيس بشار الأسد الذي “جاء أصلاً محمولاً على أكتاف تكنوقراط اقتصاد السوق ودعاة الثورة المعلوماتية، ضاق ذرعاً قبل أيام بأحد هؤلاء، تيسير الرداوي رئيس هيئة تخطيط الدولة، وأقاله بسبب انتقاداته للخطة الاقتصادية العاشرة. فكيف يمكن له ان يجيز موقعاً على الانترنت، يعكس آراء أمثال رياض الترك أو ميشيل كيلو أو هيثم المالح؟”، واستغرب حديدي كيف أن “أسماء الأخرس، عقيلة بشار الأسد، لديها صفحة خاصة على الـ”فيسبوك”، لكنّ الموقع ذاته محظور في سورية!”.
5- قمع اللغة والثقافة الكرديتين:
تعاني الثقافة الكردية في سورية ضغوطاً كثيرة، فاللغة الكردية ممنوعة من التدريس في مدارس ومعاهد وجامعات الدولة، كما أن النظام السوري كان يمنع التحدث بها في جميع دوائر الدولة وفي الجيش والمدارس والجامعات. ولا يرخص بأي شكل من الأشكال لأي دورية أو مطبوعة أو إذاعة كردية في سورية، إلا أن السلطات تتغاضى عن بعض حفلات الأعراس والحفلات الموسيقية، وتتدخل أحياناً كثيرة لمنعها، واعتقال المشرفين والقائمين على إعدادها.
أ‌- قمع الاحتفالات بعيد “النوروز” والمناسبات الكردية
اعتقلت السلطات الأمنية السورية العشرات من أبناء القومية الكردية قبل احتفالاتهم بقدوم عيد “النوروز” (21/3) وهو العيد القومي لدى الأكراد كما يمثل رأس السنة الكردية.
وقامت دوريات من الأمن العسكري والأمن السياسي (16/3) بهدم مسارح فرق شعبية كردية في عدد من المناطق، وفي اليوم نفسه اعتقلت الأجهزة الأمنية في عامودا صاحب محل تسجيلات بسبب بثّه أغنية عن مجزرة حلبجة وحوّل إلى فرع الأمن السياسي.
وقامت قوات أمنية مدعمة بشرطة مكافحة الشغب (20/3) بإطفاء الشعلات التي أوقدها العشرات من الشبان الكرد في إحد أحياء المدينة، وهدد مدير المنطقة باعتقال أي شخص يحاول مجدداً إشعالها. وبعد معرفة القيادة المحلية في المدينة بوجود وفد دبلوماسي صوّر ووثّق بالفيديو عملية إطفاء النار، لجأ إلى تهدئة الجموع وتقدم إليهم بالتبريكات بالمناسبة.
وفي اليوم نفسه عمدت أجهزة أمنية في مدينة الحسكة إلى اعتقال عضو اللجنة السياسية ل”حزب يكيتي” الكردي المهندس سليمان مجيد أوسو مع مواطنَين آخرين، عندما كان يشرف على إقامة منصة لفرقة “زفين” الفلكلورية، وأزالت المنصة باستخدام جرّافة.
واعتقلت الأجهزة الأمنية (20/3) خمسة مواطنين من قرية “تمويا” (45 كم شمال مدينة الحسكة) بعدما أوقدوا شعلاً فوق التلال المحيطة بالقرية.
وفي اليوم نفسه قامت أجهزة أمنية وقوات حفظ النظام في مدينة حلب بقمع تجمع سلمي في كل من حي الشيخ مقصود وحي الأشرفية، واعتقلت نحو مائتي شخص أشعلوا الشموع على الأرصفة، إلا أن قوات الأمن لجأت إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع والهراوات في ضرب المجتمعين وتفريقهم، واعتقال بعضهم، ومن ثم قامت باقتحام المنازل القريبة من مكان التجمع واعتقلت من كان فيها.
وجرى اعتقال القيادي الكردي مصطفى أوسو بسبب مشاركته في أعياد “النوروز”، وأخلى القضاء سبيله بعد أقل من ثلاثة أشهر.
واعتقلت مفرزة الأمن الجنائي في مدينة المالكية ثلاثة أكراد (23/3) على خلفية مشاركتهم بأعياد “النوروز” بتهمة رفع أعلام كردية، وجرى تحويلهم على فرع الأمن السياسي بالحسكة.
وأحال رئيس جامعة حلب محمد نزار عقيل 123 طالباً كردياً على لجنة الانضباط الجامعي، على خلفية وقوفهم خمس دقائق صمت على أرواح شهداء أحداث آذار/مارس 2004 التي راح ضحيتها عشرات الأكراد إثر اشتباكات بين الأمن السوري وجمهور نادي الجهاد الرياضي، وأيضاً وفي ذكرى قصف مدينة حلبجة الكردية في كردستان العراق بالأسلحة الكيماوية من قبل نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
ب – “تمكين اللغة العربية”:
في إطار “تمكين” اللغة العربية في سورية، أجبرت السلطات أصحاب المحال التجارية الكردية على تغيير أسمائها تحت طائلة المسؤولية. ووجهت بعض الدوائر الرسمية إلى أصحاب المحال التجارية والمطاعم والمقاهي، إضافة بعض محال الهواتف النقالة إنذارات كتابية وشفهية بهذا الشأن.
وقد أنذر رئيس مجلس مدينة “ديريك” المعربة إلى المالكية (شمال شرق سورية)، في كتاب رسمي، أصحاب المكتبات والمكاتب ودور النشر والطباعة والخطاطين، بضرورة العناية باللغة العربية والاهتمام بها والمحافظة عليها والارتقاء بها (13/11) جاء فيه: “يمنع منعاً باتاً طباعة أي بطاقة أو كارت أو إعلان أو لوحة إلا باللغة العربية، وإذا كان أصل الإسم غير عربي فيكتب بالأحرف العربية كما يلفظ ثم يكتب بالحرف اللاتيني بشكل أصغر مثل “ماريا “Maria ويمنع منعاً باتاً وتحت طائلة المسؤولية والعقوبة أن يقتصر الإعلان أو اللوحة على الكتابة بالأحرف اللاتينية فقط مهما كانت التسمية”.
وتم تنفيذ هذا التوجه في محافظة الحسكة ذات الأغلبية الكردية وأصدر بذلك مدير التربية في المحافظة تعميماً (15/4) جاء فيه: “من خلال الاطلاع على تقارير الجولات التربوية، والتوجيهية الواردة عن السادة الموجهين الاختصاصيين والتربويين، ومن عدد من مديري المدارس، لوحظ أن بعض المعلمين والمدرسين والإداريين، يجهل أو يتجاهل دوره في تعزيز اللغة العربية، وترسيخ الاعتزاز بها في نفوس ناشئتنا وطلبتنا، وإثرائها والحفاظ على سلامتها ونقائها، وعدم المساس بهيبتها وسمعتها، بإعطاء النموذج والقدوة للمتعلمين باستعمالها، دون غيرها من اللغات داخل البناء المدرسي، سواءً في أثناء الحصص المدرسية أو خارجها، والالتزام بالعرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى