صفحات من مدونات سورية

الجرائم في الإعلام السوري

تطرقت سابقا في مقالتين عن الإعلام عموما والعربي خصوصا، وكيف أن ما يسمى بالرسالة الإعلامية مجرد ادعاء زائف بعموم الممارسة الخاضعة لاعتبارات متنوعة تتحكم في آلية عملها وأهمها تحقيق الأرباح وتحقيق توجهات الجهات الداعمة . . لكن هذه المرة سأخص وسائل الإعلام السورية بالحديث كوني ومنذ فترة ليست بالقصيرة وأنا ألاحظ نهمها الزائد عن الحد في تتبع ونشر كل الأخبار المتعلقة بالجرائم وحوادث السرقات وعموم الأخبار الغرائبية والتي تثير فضول القراء!
شخصيا لست ضد نشر مثل هكذا أخبار من حيث المبدأ، لكنني ضد تكثيف الإهتمام بنشرها والتركيز عليها كما هو حاصل الآن، نظرا لأنني أعتقد أن لها تأثيرا سلبيا على الجمهور وعلى إحساسه بالأمان، خصوصا في ظل غياب تقارير إحصائية تبين نسبة انتشار الجرائم وهل هي بازدياد أم أن التغطية الإعلامية لها هي ما تعطيها حجما مبالغا فيه.
التركيز على أخبار الحوادث يزيد الوعي أم الذعر؟
إن كثرة تداول أخبار الإغتصاب عموما واغتصاب الأطفال خصوصا، أدت إلى زعزعة الإحساس بالأمان والثقة بالآخرين حتى أقرب المقربين، نظرا لتكاثر الأخبار التي تتحدث عن اغتصاب الأطفال من قبل غرباء، فضلا عن الحوادث المقززة التي يتم فيها زنا المحارم، مثل أخ يغتصب شقيته أو أب يغتصب إبنته أو عم يغتصب إبن أخيه!
لقد أصبح منظر شخص قريب من العائلة يداعب طفلا منظرا يبعث على الريبة أو على الأقل يدفع باتجاه التفكير – ولو العابر – ماذا لو كانت مداعبة غير بريئة!
قد يكون لهذه المسألة جانب إيجابي من حيث زيادة الوعي لدى الأهل، لكن أن تعيش بشك وريبة من الآخر – أيا كان – خوفا من وقوع ما تسمع عنه مع أبنك/بنتك أو أخيك أو مع شخص يخصك مسألة ليست بالإيجابية البتة.
والسؤال الذي تجب الإجابة عنه، هل هذه الأحداث كانت تحدث دائما ونحن لا نسمع عنها، واليوم بفضل وجود التغطية الإخبارية أصبحت غير خافية، أم هي أمر مستجد وطارئ على المجتمع من حيث تزايدها؟
نفس الأمر ينطبق على أخبار السرقات والقتل، لقد كنا دوما نتغنى بالأمن والأمان الذي نعيشه لكن اليوم أصبح هذا الأمر موضع شك كبير نظرا لكثرة الأخبار التي تتناول جرائم بشعة ولأسباب تافهة، فلم يعد يمضي بوم بدون أن نسمع عن حادثة سرقة أو قتل وهو أمر لم نعتد عليه في سنوات سابقة . . نعم لقد أصبحت –ومثلي كثيرون-أشعر بالخوف ونقص الشعور بالأمان.
في جميع الحالات يجب أن يكون لوسائل الإعلام دورا ثقافيا وإصلاحيا ولا يتوقف على نقل الخبر بدعوى نقل العالم كما هو بموضوعية! والضرب على وتيرة أن هكذا أخبار تجلب قراء كثر.
يجب أن تتحرك الجهات المسؤولة وتقوم بعمل دراسات تقف على أسباب تزايد الجريمة والعمل على تلافي المسببات، فحتما هناك أسباب موضوعية كامنة وراءها، لا علاقة لها بأسطورة الطبيعة البشرية الإجرامية، حيث أن تزايد هذه الجرائم يسير جنبا إلى جنب مع تفشي الفقر والبطالة وارتفاع معدلات سن الزواج.
سورية أصبحت بحاجة إلى مراكز أبحاث إجتماعية مهمتها دراسة هذه الظواهر التي أجدها غريبة على مسامعنا على أقل تقدير.

http://www.3bdulsalam.com/?p=2119

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى