صفحات من مدونات سورية

أول تدوينة سورية ترد على تدوينة سورية

اثار ياسين حفيظتي عندما تكلم عن التدوين السوري ووضع بعض النقاط حوله وخاصة شبه انعدام الحوارات أو رد مدون على مدون يعني قصده كما أتوقع “حركة” ولو كانت مضادة… ولذلك قررت الرد وحسب رأيه سأكون أول مدون سوري (يا الله شو فخور أنا) يرد بتدوينة مستقلة على تدوينة أخرى.
أنا معه من جهة افتقادنا إلى الاختلاف وأختلف معه من جهة “اختلافنا”، فهو يكتب بجدية وتفكر بينما أكتب كشوفير عمومي (طحشة وتزمير) أو كما قال أحدهم وهو ينتفني (خريج بازار) وهو أمر صحيح، وأريد الاعتذار أولا من ياسين ان كان ما سأكتبه سيزعجه (وخاصة طريقتي التهكمية التي ظهرت في آخر تحليل لدمي) وخاصة أن كتاباته كلها مدروسة وبوعي وتركيز شديد ولكنني متأكد من انفتاحه وتقبله الرأي الآخر.
سأبدأ عن التدوين السوري أو أي محاولة تطوعية سورية هدفها ذو نية حسنة، اولا نحن نعيش في مجتمع يعتبر أي انسان ذو روح رائقة جحش ويتعامل مع الطيبين كحمقى، وتشهد حياتنا واسلوب تعليمنا وتفكيرنا ومؤسساتنا العامة والخاصة وما بينهما على ذلك نحن عبارة عن مجموعة لصوص برئين نؤمن بالسرقة والرشوة وننقدها ولكننا نعبدها في الشوارع والقطارات والتكاسي والسرافيس والسيارات الخاصة والمطارات والبواخر، والله وحده يستطيع أن يتعامل معنا ويفهم كيف يعيش هكذا مجموعة بشرية في ظل تخبط وعشوائية مميتة لأي مجموعة بشرية أخرى… وعندما نقول عن الانسان السوري أنه مقاوم فإننا نعنيها وهو مقاوم لكل شيء خيالي لا يمسه مقاوم للصدأ والعلم والتكنولوجيا… وهو مستعد لتأويل أي شيء بالطريقة التي يفكر بها فإن كانت فكرة غاية في العلو والسامية جعلها دونية حقيرة وإن كانت حقيرة قال: إنها جيدة…
نحن نكذب مع أول تنفس لنا، نقول: صباح الخير؟ وأية خير؟ نقول: تفضل لعنا، وفي قلوبنا يلعن صباحك..
هذه المقدمة هي مجرد رشوة لقارىء هذا الحشو وانا كسوري اصيل اجعل المقدمة أطول من المحتوى وذلك قدوة بأي قرار ينزل عندنا فنحن نسمع مقدمات عنه لعدة سنوات حتى نراه في الجريدة!
التدوين السوري هو انعكاس لنا، هو مرآة لعدد صغير ومحدود جدا من المجتمع ومعظمهم لا يمتون للواقع بصلة فهم جميعا يحاولون الهروب من الواقع الى الشاشة، وهم يجدون بعضهم ويقرأون بعضهم بدون أن تحرك هذه الكتابات والأفكار التي نفترض أنها عجيبة الدهر أي نملة شوكية في عقل القارىء اذا اعتبرناه من الواعيين، قد يتأثر، قد يبكي، ولكنه ومع وضع الماوس على زر X سيعود الى شاشة الواقع وأية واقع؟
أفكاري سوداء ولكنها واقعية على الأقل وقد مررت بعدد من التجارب التطوعية التي تنم عن جهلي وغبائي ما جعلني أتوب، فتلك الأعمال التطوعية كانت مجرد إضاعة وقت وهدر للجهد من ناس لا علاقة لها بالواقع وموجهة إلى ناس واقعية تعيش اللحظة السوداء وجل ما تفكر به حياة يومية رتيبة كان الانسان البدائي الله يرحمو يفكر بها وتفكر بالجلوس بالقهاوي وبمشوار بالسنة الى اقرب منتزه وترمي القمامة من السيارات والطيارات ولا تلحق فتح المجارير المغلقة، ويهمها شراء الدنكل لمشاهدة القنوات الإباحية والاشتراك بخدمات انترنت سريعة لتنزيل مقاطع اباحية هذا بالاضافة الى من يركبون انترنت فضائي لنفس الغاية، وحتى المتزوجين ينتظرون المساء بفارغ الصبر وبعقلية صرصورية استشعارية ولن أقول أن هذا عيب ولكنه رب العيب، مجتمع مكبوت لا يتكلم إلا عن أمور لا تؤثر في حياته وحتى لا يفكر في تطوير نفسه لأنه لا يعرف نفسه، فكيف يقدر متطوعون أن يغيروا هؤلاء من خلال تطوعهم؟
الفكرة لا تصل وهي لا تلامس قرن الاستشعار عند المواطن المحروم من عقله الإنساني وهو لا يرى أمامه ناس تشكر على جهودها وإنما يرى بضع مجانين لا شغلة لهم ولا عملة…
كنت ذات يوم في تدمر ولأيام عدة لاحظت أن جميع البائعين يطفئون النور عندما يخرجون من المحلات ويتقصدون الجلوس خارجا ليطفئوها! كاد هذا الوعي أن يصيبني بجلطة دماغية فأخذت حبة سيتامول لأفهم وخاصة أن الجميع كانوا يقومون بذلك وأخيرا وبعد السؤال أجابني الشباب: شيخ الجامع أوصانا بذلك في خطبة الجمعة وروى لي أحدهم السند الشرعي والقرآني لهذه المسألة!! هؤلاء يحتكون بالاجانب وبيشوفوا البشر! وهيك بيتصرفوا! فكيف إذا الناس في القرى التي تفتخر بالتخلف الذي يسموه تقاليد؟
كم راحت أموال وإعلانات في الشوارع والتلفزيونات والراديو والجرائد والمدارس وحدائق الحيوان على ترشيد استخدام الكهرباء؟
التدوين مجرد تسلية في بلد مثل بلدنا ومهما كانت قيمة الكتابات والطروحات ومهما وصلت إلى درجات العبقرية فإنها لا تخرج عن كونها وهم افتراضي يزول بإغلاق الشاشة وبالزواج من امرأة سورية وإنجاب أولاد سيعشون بسعادة لا توصف…
http://kenanphoenix.wordpress.com/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى