الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّوريةصفحات العالمغسان المفلح

بين إيران وأميركا

غسان المفلح
تتواتر الأنباء والتصريحات، بين مسؤولين أميركيين ومسؤولين إيرانيين، ووزير الخارجية التركي، كان أول أمس في طهران، حيث طار إليها من الدوحة، بعدما التقى وزيرة الخارجية الأميركية هناك. تسربت أنباء عن وجود مفاوضات سرية بالدوحة، بين الطرفين، منذ لحظة وصول هيلاري كلينتون إليها.
اللوحة باتت معقدة، وتحتاج إلى فك رموزها قليلا، أو أن يساهم كل منا في فكفكة رموز لوحة الشرق الأوسط، بعدما تحاول أطراف دولية وإقليمية عدة أن تعطيه وجها إيرانيا، أمريكيا. والطليان المتشددين، كانوا سيشاركون في عرض عسكري في طهران، لولا أن الطلبة المحسوبين على الباسيج الإيراني حاصروا السفارة الإيطالية في طهران! هل فعلا أن المساحة الشرق أوسطية الآن، تأخذها إيران وأميركا ام أننا أمام عملية عض أصابع بين عدة أطراف دولية وإقليمية، تتفاوض وتتطاحن سلميا في غرف الفنادق، وأحيانا دمويا على أرض العراق واليمن، واحيانا تهديدا بين السلم وبين الحرب الأهلية لبنانيا، وإسرائيل لازالت تستوطن أراض فلسطينية جديدة، وتهدد بين الفينة والأخرى تارة لبنان وتارة نظام دمشق، وتارة طهران. والغرب في بعض عواصمه يتبجح، بأنه يقوم بتهدئة الجانب الإسرائيلي، لكي لا يضرب إيران!
إسرائيل عاجزة عن ضرب إيران لوحدها، ودون ضوء أخضر أمريكي فرنسي بريطاني، هذا كلام للتصدير، لا أكثر ولا أقل، لم تعد إسرائيل كما كانت عندما ضربت مفاعل صدام حسين النووي، وإيران الآن ليست العراق آنذاك 1981 إيران الآن قادرة قولا وفعلا أن تصل صواريخها مباشرة من طهران إلى تل أبيب، أو بالواسطة من الضاحية الجنوبية لبيروت إلى تل أبيب، فحزب الله ينتظر فرصة كهذه لتجديد مشروعية سلاجه، ولكي يحسن صورته، أمام قسم من الرأي العام اللبناني والعربي، ونعتقد أن النخب الموتورة في تل أبيب تريد إعطاءه هذه الفرصة.
بين أميركا وإيران مساحة مليئة بالنفط والدم العراقي، بينهما العراق، ساحة من يربح فيها يربح المنطقة! العراق وحده فقط سيكون العامل الحاسم في قيام أميركا بضربة عسكرية لإيران.
أما موضوعة النووي هذه، فلا تشكل بالنسبة لأميركا أكثر من هاجس مقدور عليه في أية لحظة، أميركا تخاف الانتشار الإيراني سياسيا ودينيا وطائفيا في المنطقة، المثال الحوثي أعطى صورة أيضا لقوة الحضور الإيراني في تلك المنطقة من العالم، حوثيين ونواب برلمان في الكويت، ونصف النخب السياسية البحرينية، ولبنان حزب الله، وفلسطين حماس، وليس آخرا العراق بيضة القبان في هذه المعادلة.
فرنسا ساركوزي: تتشدق تشددا ضد إيران، وتساعد أدوات نفوذها في سورية ولبنان، وآخر لقاء كان بين رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، وبين وفد من حزب الله في بيت السفير الفرنسي في بيروت.
هنالك درس بسيط يراد لأميركا أن تتعلمه” إسرائيل وأوربا الساركوزية البرلسكونية..الخ تركيا العدالة والتنمية، مفاد هذا الدرس، أن على أميركا أن تفهم” أن معالجة الدرس الشرق أوسطي يكون عبر استمرار التخلف، والتعاطي مع الاستبداد كسيد مطلق لهذا التخلف لشعوب المنطقة، أما الحديث عن ديمقراطية وحقوق إنسان وتنمية، فهذا حديث ذهب مع ذهاب نخب الليبرالية الجديدة. الاستبداد وإن رفع عقيرته، هم قادرون على ضربه في أية لحظة. العراق..جولات الطيران الإسرائيلي فوق دمشق، العدوان على غزة، وعندما تقتنع أميركا، لا مانع من توجيه ضربة عسكرية دولية لإيران.
كل هذه الأطراف وجدت من جديد ضالتها في التعاطي مع المعادلة الإسرائيلية الأوروبية القديمة الجديدة.
العراق” إرهاب مصدر إليه من عدة أطراف إقليمية تساتدها قوى دولية.
الإرهاب” منبعه الشعوب وليس نظم الاستبداد- تصريحات ساركوزي، وبيرلسكوني.
الفقر مشكلة تنموية وتقنية فقط!
الفساد ظاهرة عالمية ولا تخص نظم الشرق الأوسط.
الإسلام السياسي” مؤشر دائم على صحة الطريقة الإسرائيلية- الأوروبية التي تحدثنا عنها، في التعاطي مع شعوب المنطقة، استمراره مهم.
بعد ذلك سيبدو لنا الأمر ولأسباب كثيرة ولعناصر من اللوحة لم نتحدث عنها، كالصين وروسيا…أن الخلاف الرئيسي الأمريكي الإيراني يتمحور حول العراق، وإيران لا يمكن أن تسمح مطلقا بعراق أمريكي!
الطرفة الأذكى” هي التي صموا بها آذاننا: انهم يريدون فك التحالف بين طهران ودمشق.
العراق سيبقى إلى أجل غير مسمى هو الذي يقف بين أميركا وطهران، وأميركا كما أعتقد لن تقبل الهزيمة في العراق، لأن قيادتها للعالم الأوبامي ستنتهي.

بروكسل
ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى