صفحات سوريةغسان المفلح

ليس لي بالماضي أو الحاضر أية ضمانة

null
غسان المفلح
هذا العنوان اخذته من حوار يدور منذ مدة بين مثقفين وكتاب ونشطاء سوريين، منذ أن ادلى الشيخ يوسف القرضاوي بتصريحاته الأخيرة، حول موقفه من بعض طقوس المسيحية وتعاليمها، حيث تابعت حوارهم، دون أن أشارك، لأنني لم أشعر انني معنيا إلى هذا الحد كمواطن سوري، ولكن تطور الحوار والنقاش، شدني في حلقاته الأخيرة، والتي أخذت عنوان مقالتي هذه، من مساهمة، لناشط شيوعي، يتحدث بوصفه مواطن مسيحي، ويشكو أنه كمسيحي لم يكن له ضمان في الماضي، وليس له ضمان في الحاضر، لخوفه من الأكثرية الإسلامية. بعد أن بدأ الحوار بين نيار علماني بنشطاءه، وبين تيار إسلامي بنشطاءه، وصلني الحوار لكي يأخذ الأول موقع المواطن المسيحي، والثاني يأخذ موقع الإسلامي المدافع عن تعدد الزوجات في الإسلام، ووصل الأمر للعودة إلى ما حدث في بدايات القرن التاسع عشر في دمشق، مما يقال أنه مجازر ضد الطائفة المسيحية في دمشق! هذا الحوار في الواقع، أصبح في الواقع بين مطلق مسيحي ومطلق إسلامي. وغابت السياسة عن العلماني كما غابت عن الإسلامي، والسياسة التي غابت هنا، هي الموقع الذي انطلق كل منهما في نقاش الآخر! والسياسة غابت بمعناها الحزبي الضيق الذي انطلقت منه، وكأن سورية محكومة من الإسلام أو كانت فيما مضى بعد استقلالها عن فرنسا محكومة من الإسلام، أو حتى من مسلمين إسلاميين! ألم يكن الدستور يسمح بالتعدد وإن كان تعددا ناقصا، لكن كان بإمكان كل التيارات والمعتقدات السياسية والأيديولوجية التعبير عن نفسها، حزبيا ومدنيا. واود في الواقع ان أسأل الرفاق جميعا، عندما قام البعث بانقلابه 1963 هل كان الوضع الديمقراطي للمجتمع السوري بكل شرائحه، وتعبيراته الأهلية والمدنية والسياسية، أفضل، أم بعد مجيء البعث أفضل، والتفضيل هنا يحمل صفة النسبية، وليس المطلق؟ ثم سؤال آخر خطر ببالي: ما هي الضمانات التي أخذتها الأقليات البروتستانتية من كاثوليك أوروبا؟
كما أنه اتضح لي من خلال عدة حوارات غير هذا الحوار، هنالك احتقار لمفهوم الدولة، سواء كانت مرتبطة بالأمة، أو مرتبطة بالقومية أو الإسلامية، ولكنه مفهوم مرذول لاعتبارات كثيرة، كنا تعرضنا لها سابقا، ولكن أهمها هذه الاعتبارات هو النظر إلى الواقع السوري كواقع انتقالي، انطلاقا من موقع أيديولوجي رسالي: أممي أو قومي أو ديني. كما يمكن العودة لكتابات الصديق ياسين الحاج صالح حول هذا الموضوع.
الدولة- الأمة- المواطن، هي الضمان الأول والأخير، وهي بديمقراطيتها تتيح للجميع التعايش والتنافس السلمي، لتحقيق برامجهم.
الدولة- الأمة- المواطن، مفهوم ذو سيادة واحدة. فالعقد السيادي هنا، هو للدولة كما هو للمواطن. وهذه قضية ربما نعود لها في مقال آخر.
لماذا يثيرنا تصريح للشيخ القرضاوي وهو يتحرك ضمن دوائر القرار السلطوي العربي؟ ومع ذلك لم يأت حوار الأصدقاء، مطلقا على أي دور للسلطة العربية في الثقافة السائدة، إن افترضنا أن هنالك ثقافة عربية واحدة وسائدة؟ وفي هذا السياق أشير إلى قضية كنت أنوي أن أكتب فيها مقالا مستقلا، وهي بمناسبة الحلمة التي انطلقت للتضامن مع الكاتبة الكويتية ابتهال الخطيب. يعتقل يوميا في سورية نشطاء وكتاب ومثقفين، وفي أكثرية البلدان العربية، لا نسمع بانطلاق حملات تضامن مع هؤلاء المعتقلين؟! لا نسمع بحملات تضامن مع الفقراء الذين يشكلون ثلثي العالم العربي، ضد الفساد النظم كسبب رئيسي ومرجع لما نحن فيه. ونقاشنا لتصريحات الشيخ القرضاوي تشبه إلى حد بعيد هذه النغمة، التي تظهر أن بعضا من مثقفينا يتعرض لبعض هجوم من إسلاميين، لكي تنطلق الحملات التضامنية، وكأن الإسلاميين بيدهم الحل والربط؟!
هل الحل والربط في سورية بيد الإسلاميين؟
السؤال الذي يستدعيه هذا الحوار هو أية دولة نريد في سورية؟
ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى