صفحات العالمقضية فلسطين

“الفلسطينيون أولاً يعني سوريا أبداً”؟

سركيس نعوم
-3-
الدكتور ابرهيم سليمان الاميركي السوري الأصل الذي قاد حوارات بل مفاوضات غير مباشرة بين سوريا واسرائيل على مدى سنوات وخصوصاً ايام الرئيس الراحل حافظ الاسد وربما بعد رحيله يتحاشى التحدث عن هذا الموضوع وخصوصاً بعدما تعرضت علاقته بسوريا او بالأحرى بالحلقة الضيقة التي كان على تشاور مستمر معها الى الانقطاع على الاقل رسمياً. لكن محاولة معرفة ما يقوم به على الصعيد المذكور، اذا كان لا يزال يقوم به، امر بالغ الاهمية. لذا كان توجهنا الى احد اصدقائه او ربما احد الذين عملوا معه على الملف السوري – الاسرائيلي في السنوات الماضية لمعرفة مواقفه ونشاطاته. وأول ما عرفناه ان الاتصال المباشر بين سليمان ووطنه الاصلي انقطع بعد تسريب اسرائيلي متعمّد لكل ما قام به بين دمشق وتل ابيب وبعد نشر صوره وهو يلقي محاضرة في الكنيست. لكن الذي لم ينقطع هو الاتصال غير المباشر الذي يجري بواسطة احد الديبلوماسيين السوريين العاملين في الخارج.
كيف يرى سليمان الأمور والأوضاع والتطورات اليوم بعد وصول باراك اوباما الى رئاسة الولايات المتحدة وفي ضوء ما يجري في المنطقة من سلبيات وايجابيات والمفاوضات غير المباشرة التي رعتها تركيا بين سوريا واسرائيل والمرشحة للمعاودة في وقت غير بعيد؟
يرى، ودائماً استناداً الى احد اصدقائه والعاملين معه “ان نيات الرئيس اوباما جيدة، لكنه يخشى ان يتحرك في موضوع الشرق الاوسط في سرعة. ذلك ان هذا الموضوع يحتاج الى وقت ولا يمكن حله في سرعة. فالسرعة قد تولد آمالاً كبيرة وربما كاذبة وغير واقعية عند العرب الأمر الذي يحبطهم. كما انها تحرج اسرائيل لانها قد لا تكون مهيأة للسير في مسارين تفاوضيين سلميين في آن واحد”. ويرى ايضاً “ان جورج ميتشل موفد أوباما الى الصراع العربي – الاسرائيلي، اذا جاز التعبير، رجل حكيم. لكنه لم يزر دمشق الى الآن. وهو يركز على المسار الفلسطيني – الاسرائيلي ويعمل بهدوء. وهذا امر جيد. المهم والمفترض ان يتحرك الاميركيون على المسار السوري اولا، سوريا اولاً (Syria First)، رغم صعوبة موضوعها. ذلك انه على صعوبته يبقى أسهل من الموضوع الفلسطيني. لا شك في ان صعوبته ازدادت الآن اذ ان هناك ايران و”حزب الله” و”حماس” ولبنان. لكنه يبقى اسهل من الموضوع المذكور”. ويرى ثالثاً “ان معاهدة سلام وليس سلاماً بين سوريا واسرائيل امر مفيد وضروري في المرحلة الاولى. ذلك ان من خلالها يمكن معرفة الإنسحابات من الجولان وحدودها وتاريخها وموعدها ويمكن التفاهم النهائي على “البارك” او المتنزه الذي اتفق في المفاوضات غير المباشرة المذكورة اعلاه قبل سنوات على اقامته تحت السيادة السورية والذي يصل الى حدود بحيرة طبريا ويسمح للاسرائيليين بدخوله للتنزه خلال النهار من دون الحاجة الى تأشيرة دخول. من شأن ذلك كله اضعاف العلاقة بين سوريا وايران و”حزب الله” و”حماس”. بعد ذلك يصبح السلام كاملاً. هناك من يقول: “ان موقف الفلسطينيين اولاً يعني  “سوريا ابداً” (Syria never). على كل انضم الى السناتور السابق ميتشل السيد فردريك هوف. هذا الانسان نشيط ونبيل. يعرف الموضوع السوري جيداً. وهو سيكون جزءاً من عمله في طاقم ميتشل”.
ويرى رابعاً: “ان بنيامين نتنياهو يمكن ان يصنع السلام، وان حزب “كاديما” لا يستطيع ذلك ولا طبعاً حزب العمل ورئيسه ايهود باراك اللذان يمكن ان يكونا انتهيا. الاقوياء يصنعون السلام، والاقوياء اليوم هم اليمين في اسرائيل، ونتنياهو هو المؤهل لهذا الامر. انه (ابرهيم سليمان) يعرف ماذا يريد نتنياهو وماذا لا يريد. ماذا يقبل وماذا لا يقبل. ذلك انه عمل معه اثناء توليه رئاسة الوزراء في اسرائيل خلال التسعينات ومع الراحل حافظ الاسد، وكان مندوبه عوزي آراد. وحقق الفريقان اموراً كثيرة. لودر رجل الاعمال الذي قيل انه كان مفاوض نتنياهو في سوريا التي زارها ربما اكثر من مرة لم يكن مفاوضه الفعلي. كان آراد. ويعرف (سليمان) ايضاً ماذا يفعل نتنياهو وماذا يريد على المسار السوري. لكنه رفض ان اكشف عن كل ذلك لانه في الحكم حالياً ولأن مفاوضات “جديدة” قد تجرى بينه وبين سوريا ولأن ذلك قد يقتضي العودة الى كل المحادثات والمفاوضات التي جرت في السابق للاسترشاد بها. يومها لم يتم الاتفاق مع سوريا لأن نتنياهو خسر انتخاباته العامة. اما سوريا فكانت وافقت ونتنياهو على كل ما توصل اليه سليمان وموفد نتنياهو بمشاركة اطراف دوليين محايدين. لكن فشل نتنياهو في الانتخابات اوقف كل شيء”.
من كان على معرفة بنشاط الدكتور ابرهيم سليمان السوري – الاسرائيلي اذا جاز التعبير في سوريا او بالاحرى بمن كان هو على اتصال من قيادتها؟ اجاب احد اصدقائه والعاملين معه على الملف السوري – الاسرائيلي نفسه: “اربعة اشخاص فقط، الرئيس الراحل حافظ الاسد ثم نجله الرئيس الحالي بشار ووزير الخارجية سابقاً ونائب رئيس الجمهورية حالياً فاروق الشرع وأحد اعمدة الامن ايام “الراحل” الذي استمر وحده من دون من سمي “الحرس القديم” في النظام السوري مع خليفته بشار. كانوا مطلعين على اتصالاته ويعرفون ماذا يفعل. اما المهمون الآخرون في القيادة السورية العليا فقد غضبوا كثيراً عندما كشفت الاتصالات. هذا ليس رفضاً لها ولكن لانه لم يخبرهم بها ولم يطلعهم عليها رغم علاقاته الجيدة والمستمرة بهم. واضيف غضبهم الى الاحراج الذي تسببت به الزيارة العلنية التي قام بها سليمان لاسرائيل للقيادة السورية العليا. فانقطع الاتصال وضيق على افراد في عائلته داخل سوريا. علماً انه ابلغ الى من يتصل بهم في دمشق امر الزيارة او الدعوة التي تلقاها شفهياً ثم بواسطة البريد الالكتروني (Email)، فقالوا له: اذهب. وعندما وافق وقبل 14 ساعة من موعد الزيارة طلب منه هؤلاء عدم القيام بها وكان ذلك عام 2007. سأل عن السبب، لم يوضحوه له، فشعر انه لا يستطيع تلبية طلبهم لانه التزم الزيارة ولم يعد في وسعه الغاءها. فذهب الى اسرائيل وصار ما صار”.
ماذا كان اثر ذلك على القيادة السورية بل على العلاقة الطويلة للاميركي السوري الاصل الدكتور ابرهيم سليمان بها؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى