خولة غازيصفحات الناس

الجنس والمخدرات … سورياً

null
خولة غازي
لكل مجتمع جرائمه .. تلك ليست مقولة غير مألوفة .. حيث أن لكل مجتمع وعي خاص مختلف عن غيره من حيث القدرة على استيعاب المستجدات اليومية الطارئة تكنولوجياً ومعرفياً … بالنسبة لسوريا لم يكن مسموحاً قبل عقدين من الزمن للدراما التلفزيونية ان تقدم مسلسلاً يتناول المخدرات ، فبعد عرض مسلسل الخشخاش الذي لاقى اقبالا جماهيراً حينذاك ، تم منع تناول هذه القضايا درامياً لانها تمس بالامن القومي ، وتروج لتناول المخدرات وتصور المجتمع السوري على انه مليئ بالحشاشين .. حتى الجرائم التي كانت تحدث تروى في نطاق ضيق ، وفي الاحسن الاحوال تظهر كقصة بوليسية في برنامج حكم العدالة الشهير من اعداد هايل اليوسفي ، ليأتي لاحقاٌ برنامج متلفز بعنوان الشرطة في خدمة الشعب ، وعلى الرغم من سذاجته الا انه لاقى نسبة عالية من .
أما الآن و بعد انتشار وسائل الاتصال سورياَ نجد ان الجنس والمخدرات هما العمود الفقري لها ، ولكن لماذا وماهي الاسباب التي تجعلهما الافراز الاساسي للمجتمع .
بالتأكيد التكنولوجيا اثرت في انتشار الجريمة الجنسية ، بداية في المجلات المصورة الى شرائط الفيديو ، إلى وجود الستالايت ، وانتشار الارقام الحمراء والخضراء و التي لم يقتصر الاتصال على الافراد بل تعداها الى المؤسسات فقدت سجلت فاتورة احدى النقابات الكادحة في حلب مبلغاَ قارب النصف مليون ليرة سورية اجور مكالمات حمراء ، ومع انتشار الانترنيت بات دخول الشبكات الاباحية يتم بسهولة ،كونها غير محجوبة ، بالاضافة الى انتشار السيديات على قارعة الطريق، فازدادت جرائم الاغتصاب بالتزامن مع السرقة و القتل ، إذ حتى السيدات الكبار في السن لم يسلمن من عمليات الاغتصاب ، ، اضافة الى اغتصاب الصغار سنا ، وقد ساهم غياب التوعية في البيوت والمدارس والبرامج التلفزيونية إلى ازدياد معدل الجريمة الجنسية ، فكل مدرسة في سوريا تخبئ بين مقاعدها حكايات شتى لأطفال تعرضوا للتحرش الجنسي والاغتصاب ، وعلى الرغم من زيارة الرئيس الاسد وزوجته للطفلة التي اغتصبت في حلب الا انها لم تردع الاخرين عن الاتيان بهذا الفعل ، فقد شهدت حلب بعد تلك الزيارة اغتصاباٌ لاكثر من طفلة ، بالاضافة الى حوادث مشابهة في المحافظات الاخرى ، لسبب بسيط أن الجناة لم تتم محاسبتهم الى الآن ، واكتفت بلدية حلب بهدم صالة الاعراس التي شهدت عملية الاغتصاب ، على اعتبار انها شاهداً على عميلة قذرة ، ولكن هل بهدم الصالة يتطهر المجتمع ؟ ، وتتم حماية الاطفال إناثاً وذكوراً !!، بالطبع لا ، ولو كان الامر تتم معالجته بالهدم لهدمت نصف بيوت سوريا !!.
كما ان من اسباب انتشار الجريمة الجنسية ناتج من مشكلة تعيشها المدن الرئيسية في سوريا وهي انتشار العشوائيات على محيطها ، والتي تفتقر لوسائل الحياة الأمنة من ومدارس ، وطرق ، وكهرباء ، وماء ، وغالبية الاطفال يعملون في مهن بائسة مثل جمع القمامة والشحادة ، والخ ، وأما الكبار بالبلطجة والسرقة ، بحيث اصبح عالم العشوائيات عبئاً ثقيلاً على المجتمع المديني وعلى سياسة الدولة والخطط الناجعة التي تهدف الى استئصال بؤر التخلف ، لسبب واحد وهو سيطرة الرشوة ، وامتداد اذرع العشوائيات الى مفاصل الادارات ، وظهور طبقة جديدة وهي تجار بالعشوائيات ، أضف الى ذلك أن سكان العشوائيات يتبعون الى عشائر ، وقانون العشيرة هو الذي يسود لا قانون الدولة ، لذا تكون علاقة تلك العشوائيات برجال الشرطة ملتبسة .
ولا تقتصر الجريمة الجنسية على الاغتصاب بل تمتد الى تنامي وازدياد شبكات الدعارة ، ففي اوقات متقاربة يتم الحديث اعلامياً عن القاء القبض على شبكات لا يفصل بينها زمنياً وقت طويل و منتشرة بين سويات مختلفة في المجتمع ، وهذه الجرائم مترافقة مع جرائم تعاطي المخدرات ، والتي اخذت تتفاقم بشكل ملحوظ بين الشباب في مختلف المراحل العمرية ،من انتشار حبوب ( الوش ) أو (الكبتاغون) ، وما علينا سوى التدقيق بحجم ما تتم مصادرته من الاسواق للحبوب لنكتشف حجم ازدياد الكميات مما يستتبع طرداً ازدياد كتلة المتعاطيين ، بالطبع المجتمع المديني ليس نقياَ مئة بالمئة ، بل يحوي جرائم متشابهة ولكن النوعية مختلفة ، فالتعاطي لا يكون بحبوب الوش ، بل بنوعيات مختلفة من المخدرات ، كذلك الحال بالنسبة للجرائم الجنسية التي تعددت انواعها من حفلات الشذوذ الى تبادل الزوجات ، الى الجنس الجماعي ، ومرده هنا ليس الفقر والجهل ، بل اسباب اخرى منها الاقبال على التجريب ، والتقليد وقد تكون الكلمة الادق هيي التخمة.
بالتأكيد لا يختلف المتجمع السوري عن غيره في ازدياد الجرائم ، الا ان ما يحدث هنا هو غياب الخطط ، والبرامج التلفزيونية ، والحصص المدرسية ، ناهيك عن أن غالبية الاسر باتت مفككة فضائياً و انترنتياً ، لا تجتمع على مشاهدة واحدة .. إن المسألة عويصة ومكلفة للغاية كونها تتطلب جهداً مضاعفاً من المكلفين حماية المجتمع ، سواء بوضع الخطط ، او من خلال تدريب الكوادر ، اضف الى ذلك تنمية الوعي من خلال البرامج التلفزيونية ، وايجاد حل لانتشار الستالاتيت العشوائي ، ووضع برامج تأهيل لمن يقومون بتلك الجرائم وبرامج تأهيل لضحاياهم ايضاً ، و الاهم حقيقة الاحساس الرسمي بوجود مشكلة تهدد شريحة واسعة من المجتمع منعكسة حكماً على الجميع ..
انفورمرسيريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى