زين الشاميصفحات العالم

قمة لا تريدها الشعوب العربية… لكن مستمرة

زين الشامي
تنعقد القمة العربية قريباً في ليبيا في وقت لا أحد من السياسيين أو المعلقين قال انها ستتمخض عن قرارات مهمة، أو عملية تنعكس إيجاباً على قضايا المواطنين والشعوب العربية، وبصراحة أكثر فإن القلة من المواطنين العرب هم من يكترثون بهذا الحدث السنوي نظراً لأن القمم العربية السابقة جميعها لم تنعكس إيجاباً على القضايا الأساسية للعرب، فهذه القمم لا تستطيع أن تقرر السلام، ولا تتجرأ على اتخاذ قرار الحرب، ولا تستطيع أن تحل ولو أزمة بين قريتين حدوديتين، ولا تخرج سجيناً من سجنه، ولا تشبع جائعاً وفقيراً، ولا تساعد عاطلاً على إيجاد فرصة عمل كريمة، كما أنها لا تشجع مهاجراً على حزم حقائبه والعودة إلى وطنه. بصراحة انها قمم من أجل «الحكي» فقط كما يقول أهل بلاد الشام، لكنه بالطبع «حكي» على مستوى الزعماء والقادة «التاريخيين» الذين لا تستأهل جميع قراراتهم أن تكون حتى مجرد خبر صغير هامشي في نشرات الأخبار العالمية.
هل يعرف هؤلاء الزعماء والقادة أن لا أحد من الجماهير العربية يعلق ولو أملاً صغيراً على اجتماعاتهم وقممهم مهما كانت المناسبة، ومهما كان المكان، ومهما كان رئيس هذه القمة، ثم هل يعرف هؤلاء الزعماء الذين تملأ أخبارهم محطات التلفزيون المحلية أن الغالبية من الجماهير العربية تغير القناة بلمح البصر الى قناة أخرى بمجرد بدء النشرة الإخبارية أو البرنامج السياسي الذي يتحدث عنهم؟ لا أعتقد أنهم يعرفون، بل على العكس تماماً، لأن التقارير التي تصلهم يومياً، واستطلاعات الرأي والاستبيانات التي تجريها المؤسسات الأمنية المعنية وأجهزة المخابرات غالباً ما تسهب في تصوير حب الشعب لهم، وغالباً ما تصور كل تصرف قام به القائد، أو كلمة قالها للزعيم، كما لو أنه حدث فريد من نوعه استقطب اهتمام كل الشعوب العربية ووسائل الإعلام الدولية، وهذا بالضبط ما يجعلهم مصابين جميعاً بداء جنون العظمة وحب الذات، وما يسمح لهم بتكريس حكمهم وسلطتهم لتكون «للأبد»، وهو ما يجعلهم يصدقون حقاً أنهم حصلوا على 99 في المئة في نتائج الاستفتاء أو الانتخابات.
إن على الزعماء العرب، وفيما لو أرادوا حقاً أن يعرفوا إذا كان لقمتهم أي قيمة، أو فيما لو كانت تلبي احتياجات ورغبات شعبية، فما عليهم إلا أن يدعوا مؤسسة أجنبية مختصة في استطلاعات الرأي والاستبيانات ويطلبون منها حقيقة الموقف الشعبي وموقف الرأي العام العربي بمجمله من هذه القمم، إن النتائج ستكون مهمة لأنها ستظهر حقاً كم أن الشعوب العربية بعيدة عن زعاماتها وقادتها.
في الآونة الأخيرة، أو بالأحرى في القمم العربية الأخيرة، كان الشغل الشاغل لهذه القمم ورئاساتها، المنتهية منها والجديدة، هو حل الخلافات العربية – العربية وجمع الزعماء «التاريخيين» المتخاصمين على كرسيين متقاربين، أو دفعهم لتبويس شوارب بعضهم وتوزيع الابتسامات أمام عدسات المصورين، لتقوم الصحف العربية في اليوم التالي في كيل المديح وتسهب تحليلاً في نجاح القمة العربية التي حصلت واستضافتها الدولة الفلانية، ثم لنعود ونكتشف لاحقاً، بعد شهر أو شهرين، ان ما حصل لم يكن سوى عملية «تبويس لحى» على الطريقة العربية، وأن الخلافات بين العرب هي الحقيقة الثابتة والوحيدة.
كل ذلك كان يحدث في دول عربية عادية… فكيف سيكون عليه الوضع في ليبيا حيث سيرأس القمة الزعيم معمر القذافي، «ملك ملوك أفريقيا»، وزعيم الجماهيرية العظمى الذي لم ينجب التاريخ مثله قائداً غريباً وفريداً ونجماً تلفزيونياً… لننتظر ونرى حلقة جديدة من هذا المسلسل العربي الممل.
كاتب سوري
الراي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى