صفحات ثقافيةنبيل الملحم

فقهاء “اتّحاد الكتّاب العرب” يعلنون فتاويهم!

null
نبيل الملحم
اتحاد الكتاب العرب في سوريا أطلق بيانه الأول.. في بيانه، تخطى فصائل المقاومة بمنوّعاتها من “حزب الله” الى “حماس”، وبطبيعة الحال تجاوز أحمد جبريل، وتجاوز النظام العربي برمّته، كما تجاوز شعار بلاده : “السلام كخيار استرتيجي” الى حدود ازالة اسرائيل من الخارطة، بعد أن أكد أنّ : “فلسطين عربية”، وأنّ “الكيان الصهيوني مصطنع”، وأنّ “الصراع معه صراع وجود”، “، وذلك هو “الوسيلة الوحيدة الممكنة حتى زوال هذا الكيان”.
لاحظوا معنا : “الوسيلة الوحيدة”، مايعني، بالتالي، أنّ جميع جولات المفاوضات من “مدريد” الى “واي بلانتيشن” لعب بالوقت، أو أن خيار بلاده للسلام خيار خاطئ، وعلى “اتحاد الكتاب” تصحيح هذا الخطإ، والانتظام في حملات متطوّعين لممارسة الحزام الناسف بعد ممارسته الأدب المقاوم.
بيان “اتحاد الكتاب” لم يأت بعد تقديم الاتحاد سلسلة من الشهداء :” على دروب الحرية والنصر”، فجزء كبير من المنتظمين فيه تهرّبوا من الجندية، ولم يسبق لهم أن تطوعوا في العمل الفدائي، بمن فيهم جيل الستينيات الذين كان درب المقاومة سالكا أمامهم (أقلّه حين كانت منظمة التحرير الفلسطينية). والاتحاد ذاته لم ينجب حتى اللحظة أدبا مقاوما بمستوى ماأنتجه درويش أو القاسم.
وحين يتبرّأ الاتحاد من الجنس والسياسة، كما من (الهرولة) الى التطبيع، يتحوّل الى مجموعة من فقهاء الفتاوى والمفتين. وآخر فتاويه تذهب الى تخوين من يشارك في مسابقات كتلك المسماة باسم نجيب محفوظ، أو المسماة بجائزة “البوكر”. ولابدّ أنه في طريقه الفقهي الجديد، يذهب نحو التأكيد على أنّ : “جسد جمانا حداد”، رذيلة، والى تحريم الأعمال الروائية التي تتناول:” الجنس/ الاقليات/ الطوائف والاثنيات/ قمع المرأة/ ظلامية الفكر الديني ومخاطره/ عيوب المجتمعات العربية على اختلافها”، فيما كان لابدّ على الروائيين من إعمال خيالهم الخلاق في : ” الموعظة الحسنة/ والارشاد المدرسي/ والتاكيد على المواطن الصالح”، والصالح هنا لن يكون صالحا إلا اذا مهر بخاتم اتحاد الكتاب، ليخرج بعدها معقما ونظيفا من كلّ الشوائب السابقة، خصوصا نقد الدين ونقد الجنس والتقاط عيوب المحيط المعيش، وكلّه في بيان واحد، اقترحه اتحاد الكتاب على الكتاب الصالحين والمارقين بآن واحد، وبطبيعة الحال بعد تأكيده على هوية مانحي الجوائز الأدبية الملوثين بالصهيونية من مثل جائزتي نجيب محفوظ و”البوكر”، لتبقى جائزة واحدة جديرة بالاحترام هي جائزة اتحاد الفلاحين غير المعلن عنها بعد، والتي لابدّ من اعلانها لتشكل اغراء للكتاب السوريين، فيعودون اثر اغراءاتها الى الطريق (القويم). والأكيد أنّ المتسابقين إليها سيكونون خالين من الجنس والصراع الطبقي، وسيعبدون الطريق الى (التحرير) صعودا على مصفحّات اتحاد الكتاب وقد طرد منه ، أو همّش فيه، أو “طفش” عن حضرته أكثر الأسماء السورية احتراما من مثل الطيب تيزيني (وهو رجل إصلاحي)، أو نايف بلوز (وخلت جنازته من نعي باسم اتحاد الكتاب)، أو عادل العوا، أو صادق جلال العظم، وهكذا الحال مع أدونيس، الذي بات عليه طلب المغفرة من حسن حميد ليعود مواطنا صالحا، وربما شاعرا او ناثرا للبيانات التي تؤكد : ” موت الخيال”!
بيان اتحاد الكتاب السوريّين تجاوز أكثر ليتهم مؤسّسات إعلامية بعينها، ويشير إلى أنّها مضت، غفلة، في طريق التطبيع مع اسرائيل، ومنها صحيفة “تشرين” الحكومية، ربّما لتعاونها مع موقع “كيكا” الإلكتروني وبسبب كتابها الشهري. والجريدة، ووفق كلّ المعايير، هي من الجرائد الأولى التي تلبي احتياجات الخط السياسي لبلادها!
أما الاتهامات للكتاب السوريين “المطبعين” فكانت صريحة وواضحة ولا تحتمل الغموض. وتجاوزت الاتهامات المشاركين في جوائز أدبية، لتطال كل من يكتب بالجنس أو حول الاقليات أو عيوب المجتمعات العربية.
واذا ماكان لبيان اتحاد الكتاب من أثر رجعي، فلاشك انّه – والمؤسسة المشرفة على إصداره- سيطال أبا العلاء المعري صاحب : “الناس اثنان .. ديّن لاعقل له، أو عاقل لادين له”. ولاشك بأنه سيطال أبا نواس بخمرياته وجنسياته. ولا بدّ أنّه سيرفع حدّ السيف على جرير والفرزدق ، وسيلغي من التراث العربي “ألف ليلة وليلة”، وسيطال تراثا برمته بالتكفير، وهو تراث حافل بنقد الفكر الديني، وحافل بنقد الاوضاع الاجتماعية بما فيها الخلافة، ومحتفل بالرواية الجنسية حتى أخذ بلياليه الى لياليها، وكل ذلك تحت شعارات من طراز : التاكيد على نهج المقاومة!
اتحاد كتاب يغلق الطريق على الكتابة. هذا حال اتحاد ومؤسسة عريقة، وهذا حال بيانه، وتحت البيان خارطة من أسباب الخيانة يرسمها الاتحاد للكتاب العرب والسوريين، أبرزها أنّ مانحي الجوائز على صلة بالصهيونية العالمية.. اتحاد الكتاب ذاته يحنّ الى سيارات “فورد” ويبتهج بـ”المرسيدس”، ويستخدم “مايكروسوفت”، ويتناول مركبات دوائية ربما أنجزها (صهاينة).. والنتيجة: على الكاتب أن يقرأ بيان اتحاد كتابه!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى