صفحات سوريةمعتز حيسو

قراءة لواقع راهن

null
معتز حيسو
في أحد الحوارات عن الواقع السياسي والاقتصادي العام/ الكلي، والخاص / الجزئي، والتناقضات والصراعات التي تسيطر وتهيمن على كاهل المواطن العربي عموماً والمواطن السوري تحديداً، والتي أنأت بكلكلها على هامته لتساويه بالأرض التي نحب، تعرضنا لأزمة القوى السياسية المعارضة داخل الجبهة وخارجها وانعكاساتها على المستوى الاجتماعي، وانعكاس الواقع الاجتماعي على مستوياتها وآليات عملها، بحكم الترابط البنيوي بين المستويين، وإلى تراجع نشاط الجمعيات المدنية، لتتسلم ناصية النشاط الاجتماعي جمعيات أهلية ترتد في سياق تراجع المشاريع الوطنية والقومية لمجتمع ما قبل الدولة الوطنية،( عشائرية، أثنية، طائفية، عائلية، جهوية، عصبية، .. وحتى هذه الأشكال تعاني من التمزق نتيجة للأزمة الاجتماعية العامة ).
وكان يتمحور حديثنا حول تردي الواقع المعاشي وأسبابه إبتداءاً من الفساد وأسباب هيمنته المجتمعية،إلى التهرب الضريبي الذي أنهك وينهك اقتصادنا الوطني،إلى رفع سقف الملكيات الزراعية في خطوة لإعادة الأراضي المصادرة وفقاً لقانون الإصلاح الزراعي لعام / 1958/ لأصحابها الأساسيين / الإقطاعيين/، وأيضاً رفع مستوى تملك المستثمرين الأجانب، تحرير الأسواق والعملات والتبادل التجاري والأسعار والاقتصاد عموماً ( مداخله ومخارجه)، يتحكم بسيرورتها أفراد تتناقض مصالحهم الشخصية مع مصالح غالبية الشعب السوري، ليتحول وطننا لمنطقة عبور، وإلى محطة لرأس مال جشع وجبان وانتهازي بذات اللحظة، يتصارع ويتصالح على تدويره وتوظيفه وتهريبه مجموعة من مقتنصي الفرص واللحظات.
ــ وقد أرهقنا وأتعبنا كما يتعب جميع الوطنين هاجس الأمن الغذائي والاستقرار الأمني الذي ما زال قائماً بفعل سيطرة مفاعيل القوة المباشرة وغير المباشرة خارج ذواتنا وداخلها ( أي أنني لم نتجاوز حتى اللحظة عتبة الخوف) .
لكن اللافت هو أن أسباب الانفجارات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بأسبابها وأشكالها ومستوياتها التي نلحظها في محيطنا الإقليمي، مدفونة وكامنة في قاعنا الاجتماعي، و تجاوزها يحتاج كافة الجهود الوطنية، وهذه الأسباب لا تزال تشكل البنية الأولية للوعي الاجتماعي، ومكمن خطورتها يتجلى بوجود أطراف تنبش في الذاكرة الجمعية لقاع وعينا الاجتماعي لتعيد تشكيل ورسم وتحديد وتنشيط الوعي المجتمعي بأشكال ليست جديدة بل يعاد العمل على تجديدها وفق أشكال أهلوسياسيوية،عبر جمعيات تنكص بوعيها وممارستها إلى عصور الانحطاط والتخلف والتفكك والحرملك … وجل خوفنا من أن تحوّل هذه الانحرافات مجتمعنا إلى ساحات صراعات سياسية بأشكال مذهبية وطائفية وعشائرية… يكون وقودها المجتمع وفتيلها جمعيات سلفية عنفيه، في لحظة تحتاج لفتح أبواب مجتمعنا وعقولنا وذاكرتنا للتغيير ولحرية التعبير، لنؤسس معاً لمناخ ديمقراطي مفتوح للجميع وعلى الجميع.
وعند حديثنا عن الوضع الاقتصادي تناولنا ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء والهاتف الثابت والجوال، وكنا نؤكد على ضرورة شد الأحزمة على البطون، علّ الأزمة تقف عند هذا الحد من التأثير الكارثي لواقعنا المعاشي، الذي ازدادت فيه معدلات البطالة والتضخم والفقر وتراجعت فيه معدلات التنمية الحقيقية، وأيضاً كنا نؤكد على ضرورة التقنين في استخدام الهاتف والكهرباء الذي تساعدنا به الجهات المسئولة جرّاء قطعها للتيار الكهربائي تحت دواعي التقنين مما ينعكس سلباً على أبنائنا الطلبة( دون النظر إلى تأثيره على عمل المشافي والقطاعات الصناعية والزراعية والحرفية …. )، وربما يكون سبب التقنين كما بشرنا به وزير الكهرباء هو لجوء من لا حول لهم ولا قوة من المواطنين لاستخدام الطاقة الكهربائية للتدفئة..) لماذا إذاً يلجأ المواطن في أيام البرد ؟؟ هل نعود لزمن الجلّة والسراج…( الجلّة: روث المواشي المجفف، وكان يستخدم للتدفئة و … ).
ـــ لكن ما جعلني أكتب هذا النص، هو سؤال ابنتي: أبي لماذا أنت لا تعمل عملاً آخر؟ أعمل ماذا، أي شيء؟ لماذا؟ لنعيش أفضل ودون تقنين….؟؟؟
ـــ فاجئني السؤال: فأنا وزوجتي يقارب قدمنا الوظيفي ربع قرن، وليس لدينا سوى طفلين، ودخلنا يتجاوز قليلاً الأربعمائة ألف ليرة سورية سنوياً ( أي لا نستحق الدعم المازوتي… ).
نظرت لصديقي وهمست له سريعاً يمكن أن أحسن وضعي المعاشي من الكتابة في صحف الدول المجاورة…؟ لكن فكر معي: ماذا سيحصل عندما يتحول الفكر والثقافة لمصدر معاشي، ماذا سيحل بنا وبوعينا وبثقافتنا …. ولماذا أصلاً نفكر بأن نستكتب في صحف الدول المجاورة، لماذا لا تتسع صحافتنا المحلية لعقول أبنائها.. ؟ و لماذا يجاهد مواطننا للبحث عن فرصة عمل ثانية وثالثة … .
أسألكم جميعاً: كيف يمكن أن نستمر في الحفاظ على استقرار أمننا الغذائي، وكيف يمكن لنا أن نحافظ على أمننا واستقرارنا الوطني، وكيف ندافع عن حرياتنا السياسية والمدنية وعن حرية التعبير، وما الهدف من التضييق على أحلام وهواجس المواطن…وجعله يلهث خلف لقمة الخبز بكونها هدفه الأساس ؟ وهل بالخبز وحده يحيا الإنسان ؟؟؟؟ فكروا معي علّ عقلنا الجمعي يوصلنا لحل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى