صفحات سورية

صواريخ وعقوبات

null
ساطع نور الدين
قرار ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما تمديد العقوبات على سوريا عاما آخر، لا يسمح بالاستنتاج ان الحملة الاميركية الاسرائيلية على دمشق تحت عنوان تهريب الصواريخ الى حزب الله، قد بلغت ذروتها وأدت غرضها، وهي ستختتم في وقت قريب وسيعود الهدوء الى لغة التخاطب المتفجرة التي تعبر الاجواء اللبنانية هذه الايام وتضعها على حافة حرب.
لا شك في ان تمديد العقوبات كان من اهداف تلك الحملة المنظمة، لكنه لم يكن الهدف الوحيد ولا الاخير. ولم تكن ادارة اوباما بحاجة الى اثارة مثل هذه العاصفة حول صواريخ سكود التي لم تصل وربما لن تصل ابدا الى حزب الله، كي تتخذ ذلك القرار الذي كان الكونغرس بغالبيته الساحقة يضغط من اجل اعتماده ويعارض سياسة الانخراط التي اطلقها الرئيس الاميركي منذ وصوله الى البيت الابيض في كانون الثاني من العام 2009 والتي اثبتت بحسب تقدير واشنطن عدم جدواها لا مع سوريا ولا مع ايران.
المعروف انه سبق لاوباما ان مدد العقوبات على سوريا في مثل هذا الوقت من العام الماضي، لكن ادارته قدمت يومها ما يشبه الاعتذار من دمشق على ذلك القرار الذي وصف بأنه مجرد اجراء روتيني اضطرت الادارة الى اتخاذه (برغم انها وعدت بمراجعته)، لكنه لن يعطل بأي حال من الاحوال خيار الانخراط في حوار ثنائي سوري اميركي، كان قد بدأ للتو بداية واعدة. اما هذه السنة، فإن تمديد العقوبات الذي تقرر عن سابق تصور وتصميم، أُرفق باتهام لم يسبق له مثيل لسوريا بانها لا تزال «تهدد الامن القومي للولايات المتحدة وسياستها الخارجية واقتصادها»، وأنها تدرك ذلك وتعرف ما هي الشروط المطلوبة لرفع العقوبات.
البيت الابيض قال صراحة ان القرار يرتبط اساسا بقضية تهريب السلاح الى حزب الله، التي تحولت الى اسطورة تتردد بشكل يومي على ألسنة كبار المسؤولين الاميركيين والاسرائيليين، وصارت شغلهم الشاغل. وبدا كأنه لا يبرر تمديد العقوبات على سوريا بقدر ما كان يبرر الحملة نفسها التي اتخذت اخيرا شكل ملفات تحتوي على صور جوية عن قوافل الصواريخ المزعومة التي عبرت الحدود اللبنانية السورية، وتوزع على من يشاء من هواة النوع، وعلى من يضمن عدم التدقيق في صحة الصور وفي حمولة الشاحنات المصورة!
وهكذا جاء تمديد العقوبات كتحصيل حاصل، لا يتطلب «غطاء صاروخيا»، ولا حتى تفسيرا واضحا لهذه الحملة المتصاعدة، التي دُعمت امس بمعطيات اسرائيلية اضافية عن صاروخ جديد صُنع في سوريا وعن قواعد صواريخ جديدة موزعة على جميع الاراضي اللبنانية، ويبدو انها لن تتوقف قبل ان تحقق اغراضها كافة. وهذا بحث طويل، يفترض ان يبدأ باعتراف ادارة اوباما نفسها في البداية بأنها تبالغ في الحملة على تهريب الاسلحة الى حزب الله، ثم تبنّيها للمعلومات الاسرائيلية من دون مراجعة او تردد، ثم دفعها اخيرا الى مستويات غير مألوفة، تعيد الى الاذهان الخطاب الاميركي الاسرائيلي الذي سبق غزو لبنان في العام 1982.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى