صفحات سوريةهوشنك أوسي

عن واقعنا السياسي والثقافي الذي نتباهى به

null
هوشنك أوسي
إلى خلف داوود مع المحبَّة
عزيزي خلف… اترك خرائبهم وثرثراتهم، ولا تخطئ مرَّةً أخرى. حذاري من الخطأ.. حذاري. من “العار” أن تقول: “في السياسة: الكردي آخر من يعلم، وآخر من يفكر، وآخر من يعمل”!. من أين لك هكذا الكلام؟!. من لقَّنك أيَّاه؟!. أنَّه تطاول على كرامة الأمَّة الكرديَّة وعزَّتها وسؤددها، وإهانة بحقّ أحزابنا الكرديّة السوريّة الـ99 وعريق وعميق نضالها، ومديد مآلها!. قل: مَن لقَّنك أيَّاه؟!.. هيا اعترف؟!. ألا ترى فيض المنجر السياسي والثقافي، القومي والوطني الذي حققته أحزابنا الـ99 في سورية!. ألا ترى حجم التلاحم والتعاضد بين هذه الأحزاب؟!. ألا ترى أنها لا تنقلب على مقررات مؤتمراتها! ولا تنقلب على سكرتارتيها المعتقلين!. ولا تصطاد في الماء الآسن الآجن!. ألا ترى كيف أن هئيات العمل المشترك وتنظمات العمل المشترك، ولجان البوس المشترك، والخراب المشترك، والفشل المشترك، والدجل المشترك، والنفاق المشترك، توشك على خنق النظام السوري في المهجر؟!. ألا تراها كيف أنّها على وشك أن تقطع كل أواصر القارّة العجوز بالنظام الاولغارشي التوتاليتاري الأسدي _ البعثوي في حاضرة الأمويين؟!. ألا ترى كيف أن هذه الهيئات قد سدّت كل أروقة وشوارع وزواريب السياسة الأوروبيّة ومراكز القرار الأوروبي في وجه النظام السوري؟!. بالفعل، يا أخ خلف، لقد اقترفت إثماً عظيماً، يعتبر وفق فقه السياسة الكرديَّة السوريَّة، طامَّةً الكبائر، والخيانة والردَّة عن النضال العرمرم لتلك الأحزاب الـ99 وهيئاتها الـ99 وقادتها الـ99!.
يا خلف.. يا عزيزي… في السياسة: الكرديّ السوري، أوّل من يعلم، وأوّل من يفكِّر، وأوّل يعمل، وأوّل من يثرثر وآخر من يثرثر، وأوّل من يزرع، وآخر من يحصد؟!. في السياسة: الكردي السوري، لا يحبّ رفع أعلامه وأعلام أحزابه تحت سماء الوطن السوري، ويقارع كي يرفعها في سماء المهجر، في وقتٍ لا يستوجب الأمر أيّ نزال أو مقارعة أو جسارة!. ألم أقل لك يا خلف بأنّه يلزمك سنين ضوئيّة حتّى تقوى على مجارة فقهاء الدجل، وطهاة العلل، وعتاة الزلل. هذا النفر من البشر، لا طاقة لك على مجارتهم. هذا النفر، يتّهمونك بالعجر الفكري والقصور السياسي، ثمّ يطالبونك بترجمة بياناتهم ونشرها على موقعك!. نعم يا عزيزي، هذا غيضٌ من فيض حضيضنا الذي نتباهى به.
يا خلف… يا عزيزي.. ألا تعلم أن المنسوب العالي لتجربة أحزابنا الـ99 في السياسة والثقافة والصحافة والكتابة…، جلعها تخربط بين حقوق الإنسان الكردي، وحقوق الانسان العربي، وبين حقوق الإنسان الكردي الحزبي، وحقوق الانسان الكردي غير الحزبي، وبين حقوق الإنسان اليساري واليميني، الإسلامي والعلماني…، ثم تقول لي: الكردي آخر من يعلم وآخر من يفكّر وآخر من يعمل. والحقّ أنني ربما أختلف معك قليلاً: هو أوّل من يعمل، لكن آخر من يعلم ماذا يعمل؟ ولماذا يعمل؟! وكيف يعمل؟!. وحين تنصب لهذا الكردي السياسي الخرِب المعطوب مراياك، ينهال عليك وعلى المرايا بالحجارة، وأصناف التخوين والتقزيم، وكأنه فاتح قامشلو وعفرين من (“الاحتلال”) البعثي!. وهل تعرف أن كلمة الاحتلال التي وضعتها بين مزدوجين وقوسين ستفتح قرائحهم على قبائح القول، على شاكلة التي يتفوّه بها ذلك المعتوه الذي استيقظ يوماً، فظنَّ نفسه كاتباً من العيار الثقيل، لا يشقّ له غبار. وقد أعانه على بؤسه هذا، بعض مواقعنا الالكترونيّة، مع شديد الأسف. والشعار دوماً، حريّة التعبير. وأيّ تعبير!؟. وهل يجيد التعبير أصلاً؟!.
يا عزيزي خلف… ارجوك، اترك الحضيض على حال خرابه. واترك سدنة البؤس السياسي الكردي يتمرّغون فيه.. اتركهم يا أخي اتركهم. وحاول أن تردَّ الظلم والغبن اللاحق بالإنسان، العربي قبل الكردي، والإسلامي قبل العلماني، من موقعك، وضمن الحيّز المتاح لك. ولئن الرسول محمّد يقول: “الأقربون أولى بالمعروف” فليكن القسط الوافر من جهدك مخصصاً لبني جلدتك، ولا حرج عليك ولا هم يحزنون. لأن بني جلدتك هم الأكثر تعرّضاً للظلم والجور والغبن والعدوان في هذا “الشرق الأوسخ”، بتعبير أحدهم. اترك الطواحين الخربة تجعجع. فقد عانيتُ ما عانيت منها. وقد عانى الشعب ما عانى منها. وقد عانت القضيّة ما عانت منها. وقد ربح النظام القمعي ما ربح منها. نعم، هي طواحين الحضيض، التي جعلت من جاهلنا كبير العلماء، ومن عالمنا محطّ رشق الجهلة. وربما هذا ما دفع الإمام علي إلى القول: “الناس عدوّة ما تجهل”. وإن أتيتهم بخبر بؤسهم وتلفم وإتلافهم، ثاروا عليك ثوران الثور في حلبة الصراع. هم هكذا، منذ خمسين سنة. وسيبقون هكذا لخمسين سنة. يتهمون الناس بالدكتاتوريّة وهم قيعانها. يتَّهمون الناس بالجهل واللغو، وهم سندته. وقودهم النفاق، ونتاجهم الشقاق. العطالة ميراثهم، والتخوين تراثهم. كالجراد في تناسلهم وقضمهم للحقائق. هؤلاء، هم حملة القضيَّة ياعزيزي. فعلى القضيَّة الكرديَّة في سورية السلام، وعلى الأرض السوريَّة المزيد من الاستبداد والفساد والافساد، وفي قلوب جلاوزة البعث المسرّة، بفضل حملة قضيتنا الأفاضل. ثمّ نتساءل: من أين يستمدّ النظام جبروته ووحشيته تجاه أكرادنا. حضيضنا هو كنز النظام السوري. فهل بقي شيء آخر يمكن قوله عن هذا الحضيض المديد؟!. قلتها سابقاً، في مقالٍ لي: “يرجى الصمت… لئلا يرى الأعداء قبائحنا”. واعلم يا عزيزي خلف، أنَّ صمت عالمٍ أمام جعجعة جاهل، ليس بمذلَّة ولا ضعف ولا تخاذل. اتقن عملك، ولا تنظر للخلف. انظر الى الأمام، الى من هم أمامك كي تتجاوزهم جهداً وعِلماً. نريدك مجتهداً أكثر، في رأيك، وفي عملك. فإنْ “أصبت، فلك أجران. وأن أخطأت، فلك أجر”. أخطاء المجتهدين، من وزن أعمالهم، فهي تصقِّل وتحفِّز وتدعم وتغذِّي التجربة. أمَّا أخطاء العاطلين المعطِّلين، فهي مزيد من الحضيض. وكلّما ازداد الحضيض في سياسة وثقافة الشعوب، ازدادت الأخيرة انزلاقاً نحو الانقراض. كلَّما ازداد الحضيض في سياسة وثقافة أيُّ شعب، تزداد علل ومصائب وكوارث هذا الشعب، وتخور مناعته ومقاومته، ويصبح سائغ الاستعباد، ويستمرئ الاستبداد به من طغاته، وكأنّه شعبٌ، قد حلَّت عليه لعنة العبوديَّة.

كاتب كردي سوري
ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى