ما يحدث في لبنان

عبقرية اللبنانيين داخل الفخ

null

سعد محيو

هل وقعت الأطراف اللبنانية، أخيراً، في الفخ الاقليمي- الدولي القاتل وانقضى الأمر؟

يبدو ان الامر كذلك، برغم ان معظم هذه الأطراف قرر ايقاع نفسه في هذا الفخ عن سابق تصّور وتصميم.

ونحن نقصد هنا بالتحديد قوى 14 و8 مارس/آذار معاً.

فقوى 14 مارس/آذار أعلنت بوضوح، وفي وقت مبكر، انحيازها الى محور الرياض- القاهرة، واعلانها الحرب على محور طهران- دمشق، حين قالت في وثيقتها التأسيسية الشهر الماضي إن “العالم العربي يواجه، في خضم سعيه لإعادة تكونه السياسي، بقوى اقليمية – إيران و”إسرائيل” – تحاول ابقاءه على ما كان عليه والحلول مكان الدول الكبرى في التحكم بمصيره”. وبالتالي “يجب العمل على ملاقاة التحّول الجاري في العالم العربي، حيث بدأت ترتسم معالم نظام اقليمي عربي جديد وحديث، بعيداً عن الديماغوجية السابقة.

القرار كان واضحاً: الانضمام الى الصراع الإقليمي- الدولي، في اطار “الاصطفاف الاستراتيجي الجديد” الذي دعت إليه كوندوليزا رايس لمواجهة محور طهران- دمشق، والذي يفترض في النهاية ان يقود الى حلف عربي- يهودي- امريكي، وربما أيضاً تركي وباكستاني.

في المقابل، كانت قوى 8 مارس/آذار تؤكد انحيازها الكامل لمحور طهران- دمشق، وتعيش في أجواء “مؤامرة كبرى” يحيكها المحور المضاد، سواء في شكل تفجيرات “إسرائيلية” في الضاحية والبقاع، أو في صورة حرب اهلية.

كلا الطرفين كان يعرف بأن الاطراف الخارجية تريد جره الى أتون حرب داخلية. وكلاهما بدأ ينزلق الى هذا الأتون بالتدريج، برغم معرفته بهذه المعرفة. لماذا؟

الأسباب تبدو عديدة.

فثمة من يقول إن كلا الطرفين وصل الى طريق سياسي مسدود، بعد ان فشل حزب الله في اسقاط حكومة السنيورة، وبعد أن فشلت حكومة السنيورة في انتخاب رئيس جديد من صفوفها يعزز مواقعها في السلطة. ومع غياب المخرج السياسي، لا يبقى سوى مخرج العنف.

وهناك من يرى أن قراراً اتخذ على أعلى المستويات الاقليمية والدولية بتوجيه ضربات قوية لحزب الله. وقد تجسّد هذا القرار في الاتهامات التي صدرت ضد الحزب في بغداد بتدريب المدربين العسكريين “الإسرائيليين”، وفي واشنطن بتحميله مسؤولية الاغتيالات في لبنان (بما في ذلك رفيق الحريري)، وفي تل أبيب بخرق قراري مجلس الامن 1559 و1701.

ثم أخيراً، ثمة من يعتقد ، كالكاتب في “واشنطن بوست” ديفيد أغناتيوس، أن الجهود في الشرق الأوسط وخارجه لا تزال مستمرة لإشعال فتيل المزيد من الحروب في لبنان وفلسطين وايران قبل نهاية عهد الرئيس بوش، وأن مسؤولين عرباً و”إسرائيليين” كباراً يسهمون في هذه الجهود.

أياً كانت الاجتهادات، فهي كلها تصب في طاحونة واحدة: ثمة فخ نصب للبنان، لتحويله الى ساحة صراع رئيسة بين المشروعين الاقليميين الأمريكي والايراني للشرق الأوسط. ونحو هذا الفخ تسير الآن كل الأطراف اللبنانية، أو معظمها على الأقل، كما تدل على ذلك صور الصراع في شوارع بيروت وأزقتها.

صفقوا ل “عبقرية” اللبنانيين، مجدداً!


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى