صفحات الناسنبيل الملحم

جمعتهم الكرة وجمعنا أحمد منصور

null
نبيل الملحم
الوطنية المصرية، القلقة، بعثرها عبد الناصر وجمعتها كرة القدم ومباريات (مصر الجزائر)، وكرة القدم في هذا المكان، تجاوزت كونها شيء يتدحرج الى حقيقة كونها جامع للامة، وبغض النظر عن حجم الابتذالات التي شهدتها حكاية كرة القدم المصرية الجزائرية، فالاهم أنها كشفت حقيقة أن:
-الامة العربية فضفاضة، وحكاية من: ‘المحيط الهادر الى الخليج الثائر’، مجرد نشيد عابث، يلعب في الوقت الضائع، وهو الوقت الذي ذهب فيه العرب الى الوحــدة، فكانت النتائج:
– بطل أسمر فرد، يوطد زعامة تاريخ، ليتساقط التاريخ بعده، ويتحول الى مجرد (نكتة) تفككها الحروب العربية العربية، كما تفككها حروب (الزواريب) في كل اقليم عربي على حدة، مع ان صاحب الوحدة، ونعني عبد الناصر، بذل للوحدة الكثير، بما سمح له أن يدخل اليمن بجيوشه، ويدخل سورية باستخباراته، ويحولها من بلد يتلمس الصناعة الوطنية، وينافس في انتاج النسيج، ويذهب نحو برلمان تعددي يقف فيه خالد بكداش قبالة خالد العظم، الى بلد يجتاحه العسكر، ومعهم تجتاحه عقائدهم التي جعلت البلاد لونا واحدا، وهي مجموع العقائد المتجاورة المتناحرة، والتي تذهب في نهاياتها الى الاحتكام الى كل شيء عدا الخصوصية السورية، التي تعني الهوية السورية، وهي هوية تاهت في طموحات لم تكن ولا للحظة سوى ‘فضفاضة’، يكفر كل من لا يرتديها، وهاهي الحياة السورية منذ اعلان غباوة التاريخ، وصولا الى التكتم عن اعلان غباء الحاضر:
– اسلاميون، يحنّون للامارة الجامعة ويأخذون تباشيرهم وتعاليمهم من الامة الاسلامية، ليتوه السوري مابين الأفغان وطالبان والملالي والوهابيين.
– يساريون، انتظموا صفا واحدا للتعزية بالرفيق ف. ا. لينين، وتاهوا حين تساقط جدار برلين، وبات الرفاق الحمر يحملون أوسمتهم ونياشينهم ويبيعونها في مترو موسكو.
وقوميون، أرهقهم سقوط صدام حسين، فانكفأت قوميتهم الى مادون القبيلة.
ووحدها بقيت (السورية) يتيمة بلا آباء، فلا كرة سورية تجمع السوريين، ولا مطرب يهزهم وخصورهم، ولانكتة تجمعهم، ولا مباراة كما حال الفرقاء اللبنانيين الذين فرقتهم السياسة وجمعهم ستاد كرة قدم.
وحده أحمد منصور جمعهم، حين شتمهم على فضائية ‘الجزيرة’، وكأن الجامع الوحيد للناس هو الخصم، فاذا لم يكن لك عدو فليس ثمة اسوارة تجمع يدك، ولهذا فثمة من يشكر أحمد منصور وقد أطلقت شتيمته كل هذه (السورية) المنسية.
هو الحال هكذا، وللتدليل على الحال أكثر، بالوسع الوقوف أمام تسميات الاحزاب في سورية:
– الوحدويون العرب (تشرفنا)
-الاخوان المسلمون (زدنا شرفا)
-الناصريون (نحسدهم على الذاكرة)
-البعث العربي الاشتراكي (من المحيط الى الخليج).
-الحزب الشيوعي السوري (السوري هنا جاء رغما عن صاحب التسمية اثر انشقاق الحزب عن جناحه اللبناني وللمناسبة بات ‘الحزب الأممي’ حزب عائلة).
وأخيرا .. القومي السوري الاجتماعي، وهو الأكثر وضوحا في الجغرافية والأكثر انغماسا في (العقيدة)، بما جعله فكرة للحياة وليس حياة سورية.
أحمد منصور جمع السوريين على شتيمته..
شكرا لمن يجمعنا.

‘ كاتب سوري
القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى