صفحات سورية

سوريا: هل سيحدث قانون منع الاحتكار فرقاً؟

null

جوشوا لانديس

في 4 أبريل/نيسان، أقرّت سوريا القانون الخاص بالمنافسة ومنع الاحتكار (القانون رقم 7/2008)، وهو الأول من نوعه في هذا البلد،

ويعتبره بعض المراقبين خطوة مهمة نحو الانتقال من الاقتصاد المنظّم إلى اقتصاد السوق. ويأتي قانون منع الاحتكار على أعقاب العديد من القوانين الجديدة التي أُقرّت في الأشهر الماضية، وبينها قانون جديد للتجارة وقانون خاص بالشركات وقانون تحكيم، لتحلّ مكان قوانين تعود إلى عام 1949. والهدف من كل هذه القوانين هو إفساح المجال أمام الاستثمارات الخاصة، بما في ذلك الاستثمارات الأجنبية، وجعل سوريا تنسجم مع الممارسات القانونية والتجارية الدولية.

قال كنعان الأحمر، المحامي السوري الذي أدّى دوراً مهماً في إعداد قانون منع الاحتكار (اضغط هنا للاطلاع على النص الكامل للقانون)، لرئيس تحرير المجلة الاقتصادية الأولى في سوريا “سيريا ريبورت”، جهاد يازجي، إن للقانون خمسة أحكام أساسية:

تُحدَّد أسعار السوق عن طريق المنافسة الحرة باستثناء بعض الحالات المحدّدة. يشير الأحمر إلى أنه قبل صدور القانون، كانت الحكومة هي التي تحدّد الأسعار وتصدر تنظيمات من حين لآخر لتحرير الأسعار؛ أما الآن فقد تبدّل الوضع.

تُمنَع الكارتلات والاتفاقات الأخرى، سواء كانت مكتوبة أو شفوية، التي من شأنها أن تخلّ بالمنافسة الحرة في السوق.

لا يُسمَح لأي كيان اقتصادي إساءة استغلال موقعه المهيمن في السوق.

يُحظّر على التجّار والمصنّعين فرض حد أدنى لأسعار إعادة بيع منتجاتهم/خدماتهم، أو البيع بأسعار أقل من التكلفة، أو التسبّب بخلل في التوريد إلى السوق (بهدف رفع الأسعار).

ينص القانون على إنشاء مجلس المنافسة الذي يمنح الإذن لإجراء أي عملية دمج أو شراء تتجاوز فيها حصة الشركة المعنية 30 في المائة من مجمل معاملات السوق في منتج أو خدمة معيّنة.

لكن ليس هناك قانون أفضل من السلطة التي تشرف عليه وتسهر على تطبيقه. يشرح يازجي أن “نص قانون منع الاحتكار جيد وعصري بقدر أي قانون مماثل في بلد آخر. ساهم هذا القانون والقوانين الأخرى التي أُقرَّت مؤخراً بتحسين كبير في أجواء الأعمال في سوريا. غير أن التطبيق سيطرح مشكلة؛ يجب ألا نتوقّع الكثير في المدى القصير. تعيّن الحكومة معظم الأعضاء في الهيئة المكلّفة الإشراف على تطبيق القانون. بعبارة أخرى، إنه قانون جيد جداً لكنه يتطلّب إصلاحاً سياسياً قبل أن يحقّق الفعالية المطلوبة“.

ستكون للحكومة سيطرة كاملة على مجلس المنافسة المؤلّف من 13 عضواً الذي سيراقب تطبيق القانون. سوف يضمّ المجلس الذي يخضع لرئيس الوزراء، ثمانية خبراء ماليين وقانونيين يختارهم الوزراء ورؤساء اللجان المالية الحكومية، وثلاثة رجال أعمال تختارهم اتحادات غرف التجارة والصناعة، ونقابيَّين أحدهما من الاتحاد العام لنقابات العمال والثاني من الاتحاد العام للفلاحين.

أحد الأسئلة الأساسية المطروحة بشأن القانون الجديد هو كيف سيُطبَّق، أو بالأحرى هل سيُطبَّق على الصناعات التي تسيطر عليها الدولة حالياً. قال رجل أعمال سوري، وهو مدير تنفيذي في وول ستريت لديه مصالح متعدّدة في سوريا “ليست الاحتكارات في القطاع الخاص ما يقلقنا نحن رجال الأعمال؛ بل احتكارات الدولة. تملك الدولة نحو 250 مشروعاً تجارياً مختلفاً تدر حوالي ثمانية منها فقط أرباحاً. وهذه المشاريع هي في صناعات النفط والاتصالات السلكية واللاسلكية. أما المشاريع الأخرى فكلها تقريباً متعثّرة وتنتج الإطارات والجعة والبسكويت والمياه المعبّأة والسجائر… وتطول اللائحة. يريد كل رجال الأعمال الذين أعرفهم الاستثمار في هذه المجالات؛ يمكن جني مبالغ كبيرة لكن يجب أن تتخلّى الدولة أولاً عن احتكاراتها“.

في الوقت نفسه، وعلى الرغم من الإحباط المستمر من الوتيرة البطيئة للتغيير والوطأة الثقيلة للدولة، يعتبر رجال أعمال سوريون كثيرون أن الحكومة تسلك المسار الصحيح. قال أحد رجال الأعمال “إن كان من أمر قام به بشار، فهو تغيير بعض القوانين البالية والسخيفة”. وفتح الرئيس الأسد أيضاً العديد من الصناعات الإستراتيجية – المصارف والتأمين والإعلان – أمام الرساميل الخاصة. وكان تجاوب المستثمرين في هذه الصناعات جيداً جداً. فقد كان هناك إقبال شديد على عروض الشراء العامة التي أطلقتها المصارف الجديدة التي دخلت السوق السورية. فعندما دخل بنك عودة السوق السورية عام 2005، بلغت نسبة الاكتتاب في عرض الشراء العام 988 في المائة. ونظّم فرنسبنك الذي هو آخر المصارف التي تفتتح لها فرعاً في سوريا، عرض شراء عام في مارس/آذار الماضي بلغت نسبة الاكتتاب فيه 250 في المائة من قيمة العرض.

أثار نجاح القطاع المالي شهية المستثمرين الإقليميين. صحيح أنه لم يتّضح بعد إذا كان قانون منع الاحتكار والقوانين الجديدة الأخرى ستُطبَّق كما يجب، إلا أنها نجحت في توليد انطباع بأن المناخ في سوريا بات مؤاتياً للاستثمار. غير أن رجال الأعمال يعون جيداً المخاطر التي يمكن أن يواجهوها في بيئة ملتبسة كهذه. بدأ عرض للاستثمار في مشروع جديد في سوريا بقيمة 50 مليون دولار، بالتحذير الآتي “هذا العرض مخصّص للمستثمرين ذوي الإمكانات المتطوّرة الذين يستطيعون في أسوأ الحالات تحمّل خسارة الاستثمار بكامله”. الاستثمار في سوريا لا يناسب ضعيفي القلوب.

جوشوا لانديس هو أحد مديري مركز الدراسات الشرق الأوسطية في جامعة أوكلاهوما.

جوشوا لانديس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى