صفحات سوريةمحمد زكريا السقال

تحديات…الترقيع أم عقلية بناء جديدة

null
محمد زكريا السقال
على المناضلين التفاعل مع أية مبادرة تطرح من أجل تغيير الواقع وتطويره بما يخدم المصلحة العامة وإعادة الأعتبار للحرية والعدالة والكرامة باعتبارها مناخ يحدد المجتمعات بفاعليتها وانتاجيتها الإنسانية، وبقدر ما تمتلك أي مبادرة الرؤية والفهم المعمق للواقع والعوامل والظروف التي تؤثر به وتحيطه، اضافة لتهيأة المناخ الضروري لإنجاح هذه المبادرة وتشريع آفاق تطورها، لتكون قادرة على الوقوف أمام عثراتها واخفاقاتها بحزم باعتبارها ملك الجميع وتجسد مصالح الجميع، بالقدر الذي تستطيع شق طريقها وتحقيق أهدافها رغم كل الصعوبات والمنعطفات على كثرتها.
تتوخى هذه المقدمة أن تلامس طموحات وأماني الكثيرين ممن أخذوا يستشعرون خبو اعلان دمشق وانزوائه وتآكله، ويبحثون عن صيغ تحاول ان تعيد الدماء إليه وهذا حقهم ولكن كي يكون الجهد مثمرا ومقنعا ويمتلك مقدمات صحيحة لا بد من الوقوف أمام الإعلان والظروف التي حكمت بزوغه والقضايا التي طرحها والزوايا التي ارتكز عليها والعقلية التي سادته وحكمت سياقه. كلنا يعرف الظروف التي حكمت خروج إعلان دمشق، حيث صاغته مجموعة قوى توافقية مستعجلة، الأمر الذي أخرجه مرتبكا ومتلعثما، لكننا قدرنا أنه يفتح الباب لتطويره وصقله وتصليب بناه. نقول هذا الكلام مدركين تماما أننا لا نمتلك الحقيقة ولا ندعي الصواب فيما نطرحه، ولكننا اردنا ان نقول أن هناك هفوات وأخطاء بدت لنا، وعلى أهل الإعلان أن يقدموا لنا مبررات وتوضيحات على السياق السياسي والنظري الذي اعتمده البيان. هذا موثق، وتجاهله الغير علمي بل والإقصائي موثق أيضا، و ليكن معلوما أننا لا ننكأ جراحا بقدرما نحدد قناعاتنا، فالجديد أو التجديد لا يمكن أن يتقدم ما لم يدرك عثرات القديم والجمود والتعصب الذي حكمه. لقد حاولنا المستحيل من أجل أن يبقى الإعلان أتلافا ديمقراطيا وطنيا يرتقي ويتطور من خلال فهمه لدوره التاريخي كادأة تحريضية للتغيير الديمقراطي بعيدا عن الأرادوية وعقلية العصبة المتسلطة الى أن تشرنق وأغلق كل الأبواب بوجه النقد والتطوير، وسادت عقلية التسلط وتطاولت التجاوزات، الأمر الذي جعلنا نبتعد وننكفئ.
اليوم تطل علينا مبادرات وقراءات تطالب أن نفعل ونعيد الإعتبار لصيغة إعلان دمشق دون مراجعة ودون محاسبة ودون قراءة. وهذا أمر لا يبشر بخير مع كل احترامنا للذين يستشعرون ضرورة إعادة الإعتبار للعمل المشترك والتحالف أمام إلحاح الواقع له وضرورته باعتبار ما يسود واقعنا مزري وبائس، من الفساد المعمم الى البطالة وازدياد الفقر وتردي الحياة المعيشية بظل قوانين الطوارئ وغياب الدستور وانعدام القانون والقضاء وتطاول الخارج وتماديه وبقاء أرضنا محتلة. ما يعطي للتغيير ضرورة ملحة ومطلوبة ولكن كيف وماهي المهام الملقاة على عاتقنا وأين نضع أقدامنا وما هو الخطاب الذي سيحكمنا وكيف نبني الأداة أو الجبهة التي ستقود التغيير ولمن تتوجه وكيف تمثل أصحاب المصلحة الأساسية بالتغيير .
بقراءتنا للمبادرة التي أطلقها الرفيق المناضل عبد الحفيظ حافظ، لا نلمس توجها فاعلا وجديا، نلمس نوايا، قد نثمن هذه النوايا ولكن كي نخرج من دائرة الإستبطان علينا أن نتصارح وكيما نتصارح علينا أن نتفق على الذي ساد وعلينا ان نتحلى بالشجاعة والإعتراف بالفشل ولا نخشى الإعتراف به وعلينا ان نتصارح بشفافية وان نبتدئ من جديد منطلقين من الإبتعاد عن تقديس الأطر والقيادة والزعامة مع الاحترام للتاريخ الذي يتوهج عندما يقرأ وينقد بصوت عالي.
كل القضايا يمكن طرحها على طاولة الحوار بعقل مفتوح وصوت عالي أيضا وتصليب ما هو مشترك وفكفكة ما هو مختالف عليه من اجل نسج التقاطعات وتقويتها بالحوار والجهد .
ولكن من أين نبدأ وبأي عقل نتحاور، عقل إعلان دمشق !
الأعلان الذي أوصل لطريق مسدود ، طريق رسمه عقل لا يمكن الإستمرار به .
اذا أردنا أن نحترمه بعض الشيئ علينا أن نبتدأ من جديد وهذا ليس عيبا، العيب ان نرقع ما هو مهلهل.
برلين / 15 / 5 / 2010
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى