الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّورية

مفترق إيران

ساطع نور الدين
عندما قرر الرئيس الاميركي باراك اوباما ان يلوذ بالصمت إزاء أزمة الانتخابات الرئاسية الإيرانية الاخيرة وأن يكتفي بتسجيل الموقف المبدئي من القمع الذي مارسته السلطة في طهران بحق معارضيها الاصلاحيين، كان ينفذ توصية عدد من الخبراء الاميركيين في الشؤون الايرانية، وبينهم باحث من اصل ايراني يدعى رضا اصلان، له عدد من الكتب المهمة حول ايران، ولديه فكرة لامعة مفادها أن الايرانيين يقفون عند مفترق طرق، فإما ان يختاروا سلوك طريق كوريا الشمالية بسلاحها النووي وعزلتها الدولية، او طريق الصين بانفتاحها السياسي وتجربتها الاقتصادية الفريدة، فيقدمون نموذجا لدولة إسلامية باهرة.
منذ ان اهمدت الازمة في طهران، اصدر النظام الايراني سلسلة من الاشارات التي توحي بأنه ارتعب امام حجم الاعتراض الشعبي ( 13 مليون ناخب حسب الفرز الرسمي) على ادارته الداخلية والخارجية وعلى تمسكه بالخيار الرئاسي المكروه من قبل غالبية الايرانيين، وقرر المضي قدما في المواجهة حتى النهاية، وانتقل الاسبوع الماضي من الرد الناعم على الثورة المخملية للاصلاحيين التي حشدت مليونين ونصف مليون متظاهر في 14 حزيران الماضي في ساحة ازادي في العاصمة الايرانية، الى الرد القاسي الذي يشمل توجيه تهم الخيانة العظمى لقادة التيار الاصلاحي.
وحسب الكاتب محمد حسنين هيكل، فإن النظام الايراني لا يستطيع ان يتراجع امام هذه الموجة، لانه سيكتشف بسرعة انه ليس هناك حدود للتراجع، الذي يبدو ان المرشد آية الله علي خامنئي قرر وقفه بسرعة وشن هجومه المضاد، سواء في الداخل حيث تنصب الآن أعواد المشانق للاصلاحيين، او في الخارج حيث توقع الرئيس الايراني المنتخب محمود احمدي نجاد ان تعود ايران الى الساحة الدولية بقوة اكبر..
وهو اسوأ خيار يمكن ان تلجأ اليه سلطة تتعرض لتحديات داخلية وخارجية جدية، لانه يشكل وصفة جاهزة للسقوط بسرعة، سواء نتيجة ما يمكن ان يولده القمع للمعارضة من احتقان وانفجار، وما يمكن ان يلجأ اليه الخارج من اختراقات للوضع الداخلي الايراني، ثبت انها كانت حتى الآن وهمية ومفبركة من قبل النظام نفسه.. لكنها لا تلغي احتمال اعدام عدد من قادة الاصلاحيين وزج بعضهم الآخر في السجون، بعد ادانتهم بتهم التعامل مع القوى الغربية التي لزمت قدرا من الحياد في المعركة الانتخابية الاخيرة، وفوجئت مثلها مثل سواها بالحشد الاصلاحي في صناديق الاقتراع ثم في الشارع.
اما الخيار الاخطر والذي يعني كارثة محققة لايران، فهو ان يعمد النظام الى التخلي عن فتواه الخاصة بتحريم انتاج القنبلة النووية، وأن يعتبر ان تلك القنبلة هي مظلته وحمايته وقوته الوحيدة، على غرار ما رأت كوريا الشمالية التي خاضت تلك التجربة بنجاح، لكنها وضعت شعبها على حافة المجاعة، وأبقته في خندق حرب مع الاسرة الدولية كلها.. من دون اي امل بالنجاة.
إيران اليوم امام هذا المفترق. والامل ضعيف جدا في ان تسلك طريق الصين الشيوعية.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى