الدور التركي في المنطقةصفحات العالممازن كم الماز

لماذا يجب الاقتصاد في التصفيق لأردوغان

مازن كم الماز
ربما علينا أن نقتصد أو نتحفظ أكثر في التصفيق لأردوغان , ليس لأن الرجل غير صادق في كلامه أو لأنه يتحدث بلغة قوية مستحقة افتقدها الجمهور العربي من قادته في السنوات الأخيرة , بل على العكس , يجب التحفظ في التصفيق للرجل تحديدا لأنه يبدو صادقا فيما يقول و لأن كلامه قويا بشكل غير معهود من قبل . لقد اعتدنا على فردية النظام السياسي و على غياب أي دور فعلي للناس في حياتهم لدرجة أن ثقافتنا السياسية تحولت إلى عملية مفاضلة بين الزعماء و خطاباتهم و في النهاية الاكتفاء بمجرد التصفيق لهذا الزعيم أو ذاك . إن العودة إلى ثقافة التصفيق خطيرة , و هي في نهاية المطاف تكرس , شئنا أم أبينا , ثقافة السمع و الطاعة و تستبعد ثقافة المشاركة و تحرم أو تدين ثقافة النقد و الاختلاف , و سواء كان السبب وراء ظهورها هو مبالغة الجماهير نفسها التي سئمت الهزائم و خطاباتها و التي اعتادت خطابات الأنظمة التي تكرس تهميشها هي أساسا عن قضاياها أو إلى خطاب النظام نفسه المتمركز حول إبراز دور الفرد – الزعيم أو المدعوم في بعض أشكاله الفعلية و التاريخية بسطوة أجهزة الأمن , فإن ثقافة التصفيق لم تخلق أوطانا بل أنظمة فردية . و لو أن اختفاء ثقافة التصفيق أو تراجعها مؤخرا كان نتيجة لوضعية النظام العربي الرسمي الذي أصبح أكثر اعتدالا بمجموعه و لم يعد قادرا على إنتاج ما يستحق التصفيق فإن هذا وحده لا يعني تحول بلادنا و مجتمعاتنا من أشكال سيطرة السلطة الفردية المطلقة , إن الليبراليين الجدد و أزلام النظام العربي الرسمي رغم انتقادهم لثقافة التصفيق يصرون بشدة على ثقافة السمع و الطاعة , بكل بساطة لأن هذه الأنظمة لا تقل , إن لم تكن تتفوق , تسلطا و فردية على الأنظمة التي أنتجت و رعت ثقافة التصفيق . لا يحتاج شهداء أسطول الحرية , و لا المحاصرون الجياع في غزة للتصفيق , إنهم إما مضطهدون باحثون عن الحرية أو أحرار يدافعون عن المضطهدين , و كلاهما ليس بحاجة إلى التصفيق , المستبدون وحدهم يحتاجون إلى التصفيق . رغم أن الأنظمة الفردية لم تنتج سوى النهب و الفساد و الهزائم , فلو افترضنا أنه قد أمكن لنظام فردي أن يحقق تقدما تنمويا ما , فعليا هذه المرة , أو انتصارا , حقيقيا . على القوى الخارجية الطامعة فالشيء الأكيد أن الوطن الذي يقوم على ثقافة التصفيق و السمع و الطاعة و تمجيد الزعيم ليس في حقيقة الأمر وطن بل إنه أشبه بسجن كبير……

مازن كم الماز
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى