صفحات من مدونات سورية

تلغراف – إلى القائمين على حديقة حيوان غزّة

null
السادة إداريي حديقة حيوان غزّة الكرام
تحيّة و بعد
تابعتُ باهتمام ما ورد في وسائل الإعلام المحلّية و العربيّة و الدّولية عن الخطوة الطيّبة التي بادرتم بها منذ أيام عندما استعملتم بعض الطلاء لدهن أجساد حمارين عادييّن (أعزّكم الله) بطريقة جعلتهم يشبهون حمار الوحش (الزيبرا), هذا الحيوان البرّي الذي يقطن السافانا الأفريقيّة, و قد علمنا في وقت سابق أنه كان يوجد في حديقتكم حمارين وحشيين حقيقييّن (ضمن مجموعة أخرى من الحيوانات) قتلا عندما ضرب الطيران الصهيوني الحديقة بالقذائف.
الحقيقة أنني فوجئت بالخبر يومها فلم أكن أعلم أن الصهاينة يقتلون الحمير و أشباهها, بل كان ظنّي أنهم فقط يذلّونهم و يتركونهم أحياءً ليضحكوا العالم بنهيقهم.. لكن هذا موضوع آخر
أخبركم يا سادة أن صورة بعض الأطفال و هم يلهون و يضحكون باسمين حول الحمير الوحشية المزيّفة كانت من المشاهد المؤثرّة الرائعة التي شاهدتها مؤخراً, و بنفس الوقت هي مستند و دليل على أنكم قد فعلتم من أجل أطفال غزّة أكثر مما فعل عددٌ لا منته من القمم و الاجتماعات و المفاوضات.
لا يوجد تشبيه حيواني للتعبير عمّا اقترفه و يقترفه العدوان الصهيوني بحق شعبكم بأكمله, نساءً و رجالاً و أطفالاً.. ستحتج و تزمجر الحيوانات و المدافعين عنها إن شبّهنا همجية و وحشية المحتل و عدوانيته بهذه الكائنات التي نسمّيها وحشية.. ربما لو نطقت لأطلقت هي هذا الوصف على بني البشر.
قصّتكم الصغيرة, قصة البسمة و البهجة الطفولية ضمن جوٍّ خانقٍ من الحصار و الدمار و القهر و الموت, تستحق أن تسجّل على صخرٍ ضخمٍ بحروف من ذهب.. إنها قصة البحث عن الحياة و نهلها من نبعها.. من بسمة طفلٍ يلعب.
نتمنّى أن نرى ذات الزّي المخطط الذي رسمتموه على أجساد هذه الحيوانات البريئة و هو يكسي بعض قبح المجرمين القتلة و هم في أقفاص كتلك التي تستخدمونها لإيواء الحيوانات, لكن لا نريدهم أن يقبعوا في هذه الأقفاص للفرجة.. بل لمحاكمتهم على ما اقترفوا من جرائم ضد الإنسانية… و أن ينالوا جزائهم العادل, و أن ينتهي الكابوس.
فكّرت يوم أمس للحظات أنكم أنتم من يستحق جائزة نوبل للسلام على مجهودكم في إسعاد أطفال غزّة و إبعادهم للحظات عن واقعهم الحزين… لكنني غيّرت رأيي عندما تذكّرت أنكم لا تستحقون أن يوضع اسمكم بجانب بعض من نال هذه الجائزة دون أن يكون له علاقة بالسلام إطلاقاً.
شكراً لكم يا سادة على إثباتكم بعملكم أن قوّة الحياة بتفاصيلها الصغيرة تتغلّب على كل آليات الحرب و الدمار و الموت.. مهما كانت قويّة, مهما كانت متطوّرة..

لكمّ مني أرق تحيّة و أطيب سلام

http://www.syriangavroche.com/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى