صفحات الناسمحمد زكريا السقال

للذين خرجوا وكل معتقلي الحرية

null
محمد زكريا السقال
خرجتم ولم نفعل شيئا، هل من عذر ؟
لأكرم وفداء وجبر وكل معتقلي الحرية .
ها أنتم تخرجون إلينا بعد أن قضيتم بالمعتقل سنوات أحكاما جائرة وقاسية بكل المقاييس المفقودة في هذه المساحة المسماة وطن. نعم وطن. قدرنا أن يكون لنا وطن وقدرنا أن نحبه ونناضل من أجل أن يكون جنة وليس سجنا، وهذا ليس منة على أحد وليس فضلا على أحد. كل الشعوب تحب أوطانها وتناضل من أجل حريتها وسيادتها، من خلال حرية إنسانها وكرامته، ونحن مثل كل شعوب الأرض نحب هذا الوطن ونناضل من أجل حريته وسيادته.
قد نختلف على أشياء كثيرة ولكننا لا نختلف على الحرية والسيادة.
الحرية والسيادة بالنسبة لنا هي حقوق مفقودة، حق الرأي وحق التعبير وحق الفرح والعمل والركض والصراخ والتظاهر وكل فعل انساني، والسيادة هي سيادة القانون والعدالة وضمان الحقوق.
نحن نقر ونعترف بأننا شعب جدير بالحرية، قادر على صناعتها وختمها بالماركة الوطنية وتأميمها من قبل جماهيرنا وشعبنا، باعتبارها حاجة عضوية للتقدم وصناعة المستقبل المليئ بالخير والحب من خلال التنمية والتحديث وصيانة وحدتنا الوطنية.
أحبائنا القادمون من وراء القضبان، أهلا بكم بين أهلكم وجماهيركم وبيننا نحن الذين انشغلنا بخلافاتنا وانتقاداتنا بزحمة هذا التعقيد، وهذا الضياع ، وهذا الفساد المعمم والمنتشر على مساحات هذه الأرض الثكلى الجريحة.
لا عذر لأحد بهذا الخواء وهذا التشظي. كل ساهم بقدر، وكل ولغ وبقدر ايضا، وبين الخواء والتشظي، كانت الحرية والوطنية ورغيف الخبز والأمن والعسكر والمقاومة وفلسطين والعروبة والعراق، وتركيا وإيران والعالم يتجول بساحتنا ونحن نتفرج وننفعل ولا نفعل.
أيها الأحبة لم يكن التأخير بالترحيب بكم تقصيرا، بقدر ما كان خجلا وحياء، لأننا مازلنا بلغتنا التي لم تتطور، وأفكارنا التي لم تنضج بما فيه الكفاية لندرك أن الإرادة على ضرورتها لا تكفي، والتحليل السليم لا يكفي على أهميته، والقراءة الجيدة لا تكفي على فائدتها وأهميتها. فمجمل العناصر يجب ان تتوفر وتتكامل وتتضافر، وتوفير المناخ الذي يجمعنا ويوحد همومنا وأهدافنا هو العامل الحاسم، وهذا لم يتوفر.
اليوم وانتم تخرجون مجدداَ للهم العام الذي انخرطتم به، ومستقبل الوطن الذي تناضلون ليكون جميلا ومزهرا تحفة الحرية والعدالة والقانون، تخرجون لنجلس ثانية وثالثة من أجل تحقيق اجماع وطني على التغيير الديمقراطي الذي توسمناه سلميا هادئا مثمرا نصنعه بأيدينا العارية ونضالنا الشاق لنستولد وطنا معافا سليما لا تنخره أمراض وفيروسات الواقع المميتة.
فهل يقدر لنا أن نفتح الأبواب والنوافذ ونجلس بالهواء الطلق لنقرأ ما حصل وكيف وماذا نريد.
أهلا بكم وسامحونا، لا شيئ لدينا سوى المحبة والوفاء لمستقبل البلد مفعما بالحرية وتسوده العدالة .
برلين
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى