صفحات العالم

ميتشل “العتيق” و”إسرائيل” “الجديدة”

سعد محيو
لندقق معاً في المواقف “الإسرائيلية” التالية:
* شمويل روزنر (في “نيو ريباليكان”): جورج ميتشل (المبعوث الرئاسي الأمريكي الجديد) العائد إلى الشرق الأوسط سيجد منطقة مختلفة تماماً عن تلك التي رآها العام 2000. وبالتالي، إذا ما أراد إعادة قراءة تقريره الذي قدمه إلى الرئيس بوش قبل ثماني سنوات (والخاص بوقف الاستيطان وتوفير ظروف إقامة الدولة الفلسطينية) فإنه سيكون كمن يقرأ فقرة عتيقة وساقطة من صحيفة قديمة.
* يوسي فيرتر (في “هآرتس”): ميتشل سيصطدم سريعاً بنتنياهو المرشح الأول للفوز بانتخابات 10 فبراير/ شباط، لأن هذا الأخير يرفض كل فكرة الدولة الفلسطينية ويدعو إلى استبدالها ب”سلام اقتصادي”. كما أنه سيحاول بناء ائتلاف مناوئ لإدارة أوباما في كل من “إسرائيل” والولايات المتحدة.
* ابراهام فوكسمان (مدير رابطة مكافحة التشهير اليهودية): ميتشل محايد للغاية. لكن الحقيقة أن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط لم تكن محايدة بل داعمة كلياً ل “إسرائيل”. ولذا أنا قلق من تعيين ميتشل.
* كارولين غليك (“جيروزاليم بوست”): على ميتشل أن يسأل نفسه قبل أن يباشر مهمته الجديدة في الشرق الأوسط: لماذا لم تقم الدولة الفلسطينية حتى الآن، على رغم كل الجهود الهائلة التي بذلها الرئيسان كلينتون وبوش طيلة السنوات الخمس عشرة الماضية؟
واضح من هذه المواقف أن “إسرائيل”، بكل أشطارها الليكودية والعمالية والكاديمية، ليست في وارد العودة إلى الحلول التي قدمت طيلة العقد الماضي، وأنها تريد من ميتشل الانطلاق من المتغيرات التي أحدثتها هي على أرض الواقع في هذه الفترة: من ترسيخ استيطان 500 ألف يهودي في القدس و10 في المائة من الضفة الغربية، ونسف كل فرص إقامة دولة فلسطينية أولاً في الضفة عبر شل السلطة الفلسطينية ثم بعد ذلك في غزة، حيث كان هدف العملية العسكرية “الإسرائيلية” الأخيرة في غزة (وباعتراف الأمم المتحدة) هو تدمير كل فرص إقامة أي دولة فلسطينية عتيدة.
وبالطبع، حين تكون الصورة على هذا النحو، لن تكون الدولة العبرية في وارد قبول الأفكار التي طرحها ميتشل في تل أبيب في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، خلال مشاركته في المؤتمر السنوي الثاني حول تحديات الأمن في القرن الحادي والعشرين، والتي دعت إلى معادلة: الدولة للفلسطينيين والأمن ل “الإسرائيليين”.
ما البديل “الإسرائيلي”؟
كل أطياف قوس قزح السياسي “الإسرائيلي” تتفق حالياً على القول إن الانسحابات “الإسرائيلية” من جنوب لبنان وغزة والضفة الغربية، أدت إلى اهتزاز الأمن “الإسرائيلي” لا إلى تعزيزه. وبالتالي من الأفضل الاعتماد على القوة وموازين القوى وحدهما لتحقيق الأمن. أما بالنسبة إلى المسألة  الفلسطينية، فمن الأجدى، وبعد الانشطار الفلسطيني الكبير بين غزة والضفة، أن تتم إحالة أوراقها إلى “المفتين” في كل من مصر والأردن.
بكلمات أوضح: الدولة العبرية تريد إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل العام 1967 حين كانت غزة تابعة لمصر والضفة للمملكة الهاشمية. وهذا بالطبع لن يتم عبر الحوار والتفاوض بل من خلال القوة وفرض الأمر الواقع.
فرض الأمر الواقع على من؟
ليس فقط على العرب، بل أيضاً على جورج ميتشل نفسه. أو هذا على الأقل ما تشي به كل المواقف “الإسرائيلية” الممتعضة من تعيين نصف عربي في هذا المنصب، بدلاً من سرب يهودي كامل يبدأ من دانييل كورتزر وريتشارد هولبروك وينتهي بدنيس روس ومارتن أنديك.
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى