الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّوريةصفحات العالم

السقف الإيراني ورسائل الخامنئي: حظوظ التسوية باتت ضعيفة

سامي كليب
رفع المرشد الأعلى للثورة الاسلامية آية الله علي خامنئي عاليا سقف المواجهة حول القرار الاتهامي العتيد بشأن اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وقال ما تفكر فيه إيران منذ فترة طويلة ان «المحكمة شكلية وتتلقى أوامر من جهات أخرى وان أي حكم تصدره مرفوض ويعتبر لاغيا وباطلا».
وهذه الجهات الاخرى التي لمّح اليها خامنئي، كان قد تحدث عنها رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني أثناء لقائه الرئيس السوري بشار الاسد في دمشق على هامش المؤتمر الخامس للجمعية البرلمانية الآسيوية حين قال ان «المحكمة مشروع أميركي يهدف الى ضرب الاستقرار في لبنان».
ويقارب كلام خامنئي الذي قيل بحضور أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الى حد ما تصريحات الرئيس السوري بشار الاسد التي أدلى بها في الدوحة قبل فترة قصيرة وبحضور الشيخ حمد نفسه حين أكد ان «سوريا عموما كدولة وكقيادة سياسية لا تقبل أي اتهام من دون دليل»، وذلك وسط القناعة السورية المستمرة منذ سنوات بأن المحكمة لا تملك دليلا حاسما، وبأنها «مسيسة ولا تهدف الى كشف الحقيقة بل تريد أهدافا سياسية» وفق تعبير سابق لوزير الخارجية السوري وليد المعلم.
وبين الموقف الايراني الرافض قطعا للمحكمة، والموقف السوري المحذر من الفتنة والمطالب بدليل فعلي من المحــكمة (اي انه يعترف بالمحكمة اذا كانت نزيهة وغير مسيسة)، بدا خامنــئي راغــبا في توجيه عدد من الرسائل الى المجتمع الدولي والجوار الخليجي ولبنان، أبرزها التالي:
ـ اولا، ان المحكمة المرفوضة ايرانيا صارت فعليا نقطة مواجهة دولية ودخلت بالتالي في سياق أوراق الضغط المفصلية. وان سقف التسوية بشأن المحكمة هو التخلي عنها أو إبطال عملها ما دام هدفها هو القضاء على المقاومة وحزب الله وإحداث فتنة، ثم ان المقاومة لا تزال وستبقى لفترة طويلة أولوية في الدعم الايراني والسوري، وان المساس بها هو مساس بالدولتين.
ـ ثانيا، ان على الخائفين من الفتنة الطائفية أو المذكِّين نارها، وبينهم دول عربية وخليجية، أن يفهموا رسالة خامنئي بوضوح ومفادها ان المحكمة صارت مشروع فتنة وعلى الحريصين على أمن لبنان ووأد الفتنة أن يساهموا في الخلاص منها.
ـ ثالثا، ان الامل بإيجاد تسوية تسبق صدور القرار الاتهامي صار ضعيفا الى درجة تدفع ايران الى رفع سقف الكلام الى مرحلة التحذير أو التهديد.
يتناقض هذا الموقف الايــراني ويتــزامن مع مواقــف محــلية لبنـانية أو دوليـة يراد لها تكثيــف الضغوط على «حزب الله» باسم المحكمة. واذا كانــت المواقــف المباشــرة تصــدر عن عــدد من قوى 14 آذار على غــرار أميـن الجــميل وسمــير جعجع وفارس سعيد، وتلتقي مع إشادة البطريرك نصر الله صفــير بالدور الاميركي وتشديده على أولويــة العــدالة ومطــالبته بنزع سلاح المقاومة، فإنها تتناغم أيضا مع رغبات رئيــس الحــكومة سعد الحريري وفريق تيار المستقبل بتسليط سيف المحكمة على رقبة الحزب وحلفائه.
في مثل هذه المواجهات يصعب الحــديث عن منــتصر ومهزوم، ذلك أن كل طرف يتسلح بحجم كبير من عوامل الاســناد، ولكن الأمل، الضعيف الى حد الانعدام حاليا، بإيجاد تــسوية سريــعة قبل صدور القرار الاتهامي، واعــتقاد كل طرف بأنه الأقــوى في المعادلة، قد يغرق لبنان مجددا في أزمات متعددة مباشرة بعد انتهاء فترة الاعياد.
وما دامت قضية المحكمة صارت موضع شد حبال بين ايران وعدد من الدول الغربية والعربية، فإن الامر لم يعد قابلا للحل بسهولة. ولعل مصير الحكومة اللبنانية سيكون فعلا على المحك لأن ما كان منتظرا من سعد الحريري هو أكبر من مجرد تبرئة سوريا، ذلك ان مثل هذه التبرئة ليس لها أي اساس قانوني عند المحكمة وعند من يريدون تسييس هذه المحكمة.

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى