صفحات سوريةفلورنس غزلان

اعتراف واعتراض موجه للمعارضةالسورية

null
فلورنس غزلان
أنا الموقعة أدناه المواطنة السورية بمولدها وتحت الإسم ، الذي حَمَلَته طفلة ولم يختره والديها، لأن اختيارهم رفضه أحد زعماء القبيلة فمزق أوراق النفوس ليمنحها شرف اسم زوجته ، اكتشفتُه كاسم حقيقي علي أن أحمله طيلة عمري في سنتي الدراسية الأولى…ورغم تقبلي له لأنه التصق بي وشكل هويتي السورية” فوزية غزلان” ، لكن تمرداً ما ظل يشتعل بداخلي إلى أن تخلصت منه حين حملت الجنسية الفرنسية…فقط لأقول لأي زعيم من زعماء السلالات والقبائل العربية…لاشيء يدوم ولا استمرارية حتى لاسم نولد به ، فمابالكم بأنظمة تأتينا على ظهور الدبابات وتفرض سطوتها من خلال ثقافة الثكنات وفوهات البنادق وتدق خيمها فوق روابينا..ثم تحرث الشوارع ميداناً لقتال الأهل لا على حدود اختَصَرت الوطن واقتطعت أكثر من بقعة خضراء فيه لتعيده لنا مبتور الساحل شمالاً مثقوب الخاصرة جنوباً.
من أجل حلم بتغيير لوجه وطن، حلم بتغيير واقع وطن تُغتصب كرامته وتُسرق لقمة أطفاله وضحكتهم، وتُغتال براءتهم ليُجَندوا منذ أن تستطيع أيديهم الصغيرة فتح كتاب أو الإمساك بقلم ليكتب أول حروف أبجدية يُراد له ألا يفقه منها سوى مايتم تلقينه وتحفيظه من آيات النظام ، أو آيات الغيب لرب مُخيف سوف يقوم بشَّيهِ وتعذيبه إن لم يعلن الطاعة للمعلم والزعيم الروحي أو القبلي ثم الرئيس…لأنهم سر خلقه وسر وجوده ، ثم سر نعمة سيحصل عليها حين يبلغ سن القدرة على التلاعب ونصب الأفخاخ واتقان التملق والتزلف..لأيدي وأقدام أعلى قدرة وكعباً في صالات التجارة السياسية، وفي فقه الأيديولوجيات المنتشرة سراً وعلناً…كل منها يتأبط مفتاح حريته الموعود، لكن جميع مفاتيحهم تفشل في فتح باب الزنزانة السورية…
أعترف أني معارضة لنظام الاستبداد والديكتاتورية غير الشرعية ، التي فُرضت بتفصيل للقانون يناسب الوريث لرئاستنا، دون أن يكون لنا موقف سوى واحد لايجوز الاختلاف حوله باعتباره لزوم مالايلزم وقانون قوة القهر والفرض وقوة الفراغ السياسي البديل لبلد أتقن خلال عقود الإذعان والصمت باعتباره أبلغ من الكلام أو حسب حكمة الأجداد ” السكوت من ذهب والحكي من خشب”، ولأنهم اتخذوه ديدنهم فانقلبت لغتهم إلى خشب غير قابل للنشر ولا للكسر…لكنه يغلق مجاري التنفس ويمنع هواء الحياة، فتحول المواطن السوري إلى شاهد حي على موته، ولايماني بالانسان خير المخلوقات على كوكب الأرض ــ ” لأننا لم نكتشف بعد مانوع سكان الكواكب الأخرى ، ولا نعرف سوى مجموعتنا الشمسية” ــ فإن معارضتي لاتقتصر على الاستبداد في وطني الأم سورية، وإنما تمتد لتتواصل مع بني البشر المقهورين مثلي والمنفيين مثلي والمحرومين مثلي…بغض النظر عن ألوانهم وأجناسهم وانتماءاتهم العرقية أو دياناتهم الأرضية أو السماوية…فلا فرق عندي بين بورما، ومدغشقر، ولا بين الصين وتشيلي، أو بين الأردن ومصر…أو نيكاراغوا وزيمبابوي ،اللهم إلا بحكم الاختلاف النسبي جغرافياً كان أم تاريخي.
وكوني امرأة عاشت في حي يؤمن بأن ينكح الرجل “مثنى وثلاث ورباع ، ما ملكت أيمانه” ـ هذا إن كان ثرياً وأكثر من القيان الفلبينيات والسريلينكيات أوالفقيرات المعدمات، المجلوبات للعمل عند الذوات ــ ورأت القهر والتنكيل والضرب المبرح وغير المبرح يطال عمتها وخالتها وجارتها..باعتبار أن” الرجال قوامون على النساء”، وأن تأديبهن واجب محتوم بالحديث والقرآن مطلوب، ومحزوم بالأعراف والتقاليد الغابرة الدابرة عند شعوب الأرض المستوطنة المتجددة ــ رغم مايحمله ثوبها من رقع ومزق وتلف في” بلاد العُرب أوطاني من الشام لبغدان، ومن نجدٍ إلى يمنٍ إلى مصر فتطوانِ”ــ، لأن أئمة الإسلام السياسي والسلفي والحكومي اتفقوا على ” الثوابت” واختلفوا على المناصب، وبما أن النساء في بلادنا يحملن تراث وئدهن وكراهية لجنسهن، فقد أجمعت ذكورة العرب أصحاب الحسب والنسب، متقني الوعظ والخطب على تلقينهن أصول الأدب والخلق وتلحيفهن بجلباب العفة والطهارة باعتبارهن عورة وقذارة، مصدراً للشهوة والإثارة، فحق على الذكور تأديبهن وتقريعهن بالحسنى لمن تسرع بالرضوخ والطاعة وبالعصا لمن تعصي أوامر النهي عن المنكر…لأنه في قلوبهن مغروس وفي عقولهن ” الناقصة ” مدروس…تلصق بهن تهم المكائد وترصد لهن كل أبواب الستر والستائر عبدات رقيقات كنَ أم حرائر!..
هذا كله وأكثر جعلني اتمرمط وأتحير، إلى أين تتجه بوصلتي وفي أي الشواطيء سيرسو مركبي؟!..التقطت خشبة تسبح على سطح مياه راكدة لكن صوتها صاخب وضجيجها مرتفع..أمسكت بجدارها أهزه عله يحملني لبر الأمان الموعود…كانت الأعمدة القائمة مستقيمة ولخبرات أهلها قدرة حكيمة ، فأسندت رأسي واتكأت هادئة ساكنة متيقنة بها آمنت وصدقت، وفي حضنها أقمت قائلة: هاقد وجدت ضالتي كإنسانة ثم كمواطنة والأهم كامرأة…مايزيد على أربعة عقود مرت ، الجدال يحتدم والصراع يطول وباع الطرح يقصر ويُختزل ، ثم يتقلص مشيراً للانحسار في وضح النهار…رغم ما يحصل من خلل في ميزان الأهل والديار، أغمضت العين على كثير من القذى ومنحت للنفس وللأيديولوجيا كل الفرص الممكنة وربما مايتجاوز حدود الممكن والمحتمل، لكن العمر يقصر والأمل بهذه المدارس عتيقة الشكل والفعل قديمة الأسلوب وإن لبست حلة جديدة واختلقت أساليب تسمى محنكة وفي رصدها فريدة ، لكنها باتت تخجل بقناعتها وتساير جماعاتها الملتفة حولها باسم الوطن ومستقبل الوطن!، قبلوها على عجرها وبجرها ، في السياسة العامة داهنوها ، زمام رقابنا ومستقبل أطفالنا سلموها، فصارت كالطبخة دون عيارات لا أساس لها في معاجم المطابخ لاهي بالشرقية ولا بالغربية ، يكثرون فيها من البهار عل حلوقنا لاتغص وتبلعها، رغم أنها تثير زوابعاً من النار والغبار…فقد أصبح ابتلاعها مستحيلا وتسويقها في مطاعم السياسة مرفوضاً مشلولاً، في شبر من الماء تغرق وفي بحر من معاجم نصفها آيات مرسلة لحلفاء كانوا بالأمس أعداء ألداء، في اليقظة ينتابهم النسيان أو يسهون عن حكمة القاعدة في أمور لايختلف فيها عقل ولا ميزان، هل يمكن للقاتل وللذئب الجائع أن يصبح صديقاً للحملان؟ بطرفة عين يتحول من قاريء في مساجد ابن تيمية ومعاهد ابن حزم إلى ديمقراطي متخرج من معاهد السوربون أو جامعة هارفارد …هل نكتفي بأنه تخلى عن القفطان وارتدى بدلة صنعها بيار كاردان؟…ينهال علينا في صفحاته بالضغائن والأحقاد وما أن يلتقينا حتى يأخذنا بالأحضان وكأننا من الأحفاد .ا
أحلامنا ليست لنا، إنها ملك من هم على شاكلتنا…إنها للجميع دون إقصاء أو اختزال…عرش الله يبقى له…وعرش الأرض للشعب لا لمن يتوجون أنفسهم ورثة الرب يَرُشونا بالزعتر والزعفران، حين نذعن في برامجنا أننا من صلب الإسلام نستخرج قانوناً يحكم الأوطان ، ونصطف كالبلهاء في طابور القومية وفي أظابيرها مازالت أسماءنا مسجلة بالخط الأحمر ممنوعة من الصرف حين يأتي الأوان ، فنكون الضحايا الأوائل على مذبح الأمة الإسلامية أو العربية، فكلاهما رعايا الإيمان…وحينها تنقلب الرؤوس والجلود والمواثيق وتصبح في خبر كان…ففي نظر الجميع مسطرون مُخَّونون كعبدةٍ للشيطان.
أما آن الأوان لسوريا وأحزابها التي شاخت أن تأوي لغرفة الإنعاش علها بعد لأي وإعادة درس يخرج من بقايا خبراتها ومن لبنات شبابها وبناتها حزباً لايفرق بين امرأة ورجل فكلهم في الهم سيان…يتبنى قضايا الوطن والإنسان؟ حزب لايخجل بعلمانيته ولا يخفي مافي سلته…لأن لعبة الحاوي لم تعد تنطلي على من عركتهم وصهرتهم كهرباء السجان ولازخارف الدين الملتبس من زمن عدنان إلى بيانوني ذهب ولن يعد ، لأن الثوب الدموي عاد من جديد ليكون للسيد شقفة فيه يد وصولجان…فكيف نغير ثوبنا العلماني لنداهن ونراهن على من يتذبذب من حضن صدام إلى حضن فهد ولنصر الله فيه يد ممتدة من حماس حتى إيران؟!
صارت الهوية الوطنية ملتبسة تحتاج لاثبات يختمه جهابذة الدم من الأخوان…يحاربون أمريكا في السودان كما أفغانستان، ويهتفون ضد المرأة في كل محفل وديوان، ناقصة عقل ودين لايحق لها أن تتولى حكم ولا سلطان، وللمختلف معهم في المذهب والملبس وبيت الله أحكاماً لاتشذ عن الفتك والجزية ولا تغفر لمن لايؤمن إلا بالإنسان…فكيف أستطيع أن أبني وطناً نصفه استبداد عسكري ونصفه الآخر من عبدة النصوص دون حساب لتاريخ أو زمان؟!
آن الأوان أن ينشأ من بين رؤوس شاخت وداخت فكر مناهض لكل هذه الخرافات والأساطير فكر ينتصر للمرأة ، لأنها سر وجوده ومعه وبه تبنى الأوطان..آن الأوان ليخرج من طيات ثيابكم القديمة بعد النفض والنقض…بعد العد العكسي أن يحمل الراية شباباً عاهدوا أن تكون السيادة للشعب بكل ألوانه الزاهية ومذاهبه العديدة من الحسكة شمالاً حتى أطراف هضبة حوران..آن الأوان أن نبني المدارس ونهتم بالثقافة مثل الخبز والنظافة ، كما الصحة والصحافة ، أن نحارب الاستبداد السلطاني والديني..أن نعلنها علمانية يتساوى ويتسامى فيها الأشوري مع الكردي والعربي في البرلمان..
قفوا نبني لا نبكي على خرائب كسرت ظهورنا وأحنت قاماتنا…صمتنا وابتعدنا…علَّ الغد يجلي ويوضح بعض الخطأ ، عَلَّ مسيح القدس ومسيح الصدق يسمع اعترافاً بالخطأ وغفراناً عما بدر وشَرّع…عل القلوب تتصافى والعقول تتلاقى من أجل إعلان الاستقالة من السياسة وتسليم الأمانة لمن يستحقها ، فربما يأتينا الغد بابتسامة ترسم لنا الحق والعدالة قانوناً والعلمانية منهجاً لابديل عنه ولا مساومة إزاءه…هو الحل …فإما ترحلوا عنا او أننا من عقدكم في حل.
ــ باريس 02/08/2010
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. كاتبة المقال فوزية غزلان – اعرفها وأعرف والديها وأصلها وفصلها – أولاً قضية الإسم بسيطة جداً ولاتستحق هذا التضخيم لتحعل منها وبسببها ضاعت فلسطين -في بلادنا وهي ريفية في اقصى جنوب سوريا كان من عادات الإلفة والتواصل الإجتماعي أنه عندما يأ تي الإ نسان مولود يتسابق أصدقاء الأبوين لإختيار اسم له – وليس الأمر فرض أو اجبار — ثم هي شيوعية حمراء قانية – فلالالالالالالالالالالالالالا يحق لها الكلام عن الحريات – كل الأنظمة الشيوعية في العالم هي منبع الديكتاتورية بل هي معلمتها لحكامنا العرب الذين كانوا يدعون ( الثوررية والإشتراكية ) هل تذكر فلورنس مافعل الحزب الإشتراكي في اليمن الجنوبي لقد أحرق الأخضر واليابس هل سألت أبوها مافعل به نظام عبد الناصر الإشتراكي ربيب الإتحاد السوفييتي – الشيوعية أم الشرور والظلم والدكتاتورية والتسلط والقهر وكل مايخطر على بالك من المصائب والمحن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى