صفحات الشعر

قصيدة للشاعر الإنجليزي ستيفن واتس : “طيور شرق لندن”

null
للشاعر الانكليزي ستيفن واتس

عندما تسكنُ في الطابقِ الواحدِ والعشرين من برجِ  العمارة
وقد مضى وقتٌ طويلٌ من منتصفِ الليلِ،
وأنتَ تسمعُ تكسّرَ الأجنحةِ،
وفي الصباحِ، هناك يمامةٌ مطوّقةٌ،
على شرفتِكَ
هل هذا حلمٌ؟
عندما تسكنُ في الطابقِ الواحدِ والعشرين؛ وتصلُ
المنزلَ، عند بزوغِ الفجرِ،تماماً، من حفلةٍ،
أو كنتَ تعملُ في المكتبِ، طيلةَ الليلِ
أعني: مكتبَ للكلمات
وعَبْرَ الضبابِ كنت قد رحلتَ
إلى البيت
وقد وضعتَ
الحجاب المخادع، تحت قدميك، فقط
حيث لا يمكنك رؤية
الأرض، ومع ذلك، فكل السماء
هي انشقاقٌ أزرق
كلون الرفراف
من الأفق الأفتح، حتى الباروك المذهّب أكثر
هل هو حلمٌ أيضاً؟
لكن أليس هو كذلك
الأكثر حقيقة…؟
وخارجاً من هذه الأجواء، تأتي الطيور والقنابل…
عندما تسكنُ في الطابق الواحدِ والعشرين، وأنتَ

تلاحظُ أن ثمةَ تشقّقاً في الكسوةِ
على بعدِ بضعةِ أمتارٍ، إلى الأسفل
وقد صنع العاسوقُ عشَهُ

2

وعندما ترى ذلك العاسوقَ
جالساً؛ على مِفصل عظم جناحه، بارتياحٍ
في منتصف الهواء، محوّلاً جانباً،
على الرياح المفاجئة، أربطتَهُ غير المحتارة
الجاهزة لأن تغوصَ به، خلال
سماوات الحقيقة
عَبْر شبكات الأعصاب الممزقة
وعندما تمسكُ
ريشةَ اليمامة المطوّقة
عائمة عبر عينيك….
أهو ليس حلماً، و
أهي الحياة مجرد حلم؟
أو عندما ترى أوز القطب الشمالي تطيرُ تحت قدميك
نحو مرحلة الهبوط، فوق كمارغ، مثلما
رأيتها تحلّقُ، ذاتَ مرّةٍ
بين الجبل والبحر
في الفجوة، بين الرؤية واللاشيء
هناك بالضبط، فوق رأسك
على تلك الجزر البعيدة
من الصخور اللامعة
خارجاً إلى الغرب
إلى ما وراء أوقات

المشردين
أهو مجرد حلم، أم  نحن إذاً
حلم الحياة
اللغة وقد تعطلت
اللغة التي رُبطتْ مثل شمس
مثل شمس مضمّدة
ونحن نتكلم بمقاطع
من كلمات مخادعة
عندما اللغة
وقد غدت نفسها

3

أو عندما تكون – بمستوى العين – وأنت ترى، من شرفتك
إندفاعة طيور الخطّاف السوداء، وهي تموء برذاذٍ خفيف
أو مستديرة بأجسادها الملساء
في الشمس، فيما تعضُّ بعضَ حشرات بالغة الصغر
للقوت، فقط
أهذا هو مجرد حلم
حياة؟
أو طيور الأطيش التي تغطس أسفل منحدرات الضوء
كما مصعد مكسور ربما، من خلال أعمدة
الظلام، وهو يكسر سطوح
المياه الرائبة
وهو يترك خربشات لسانه
على سرب أسماكٍ، تحته
بعد أن يكون قد اختار واحدةً من الأسماك، فقط
لقانصته ولمريئه

يا عقلي المطاح: ياسوقي في مايو:
يا جسور أحلامي
أو ربما كما الغاق وهو يطير
باستقامة إلى الشمس
أو أنه سيتغضّنُ، ويجيش
مع الحرارة السوداء – وإلاّ فليلأمَ جرح الشمس
بالضمادات:
(لأن ما يعلمه الطير
هو الذي لم نعدْ نعرفه)
أو النوء العاصف، نائمٌ على تنهيدة
المحيط، يعطي تأييده
للحطام والتكسرات
في انتظار السدادة أو عَلَم الطحالب،
أو التدفق
من المدٍّ البحريٍّ

4

مرةً واحدةً؛ في كوخي، في الجزيرةِ المحروقةِ،
طائرُ النِمنِمَةِ – الذي أغطسهُ الصقرُ عميقاً – كان قد فرَّ
خَلَلَ بابي الأزرقِ المفتوحِ،
لكنه كان كما العظم المُفَرقَع، بفعلِ المكان الإنساني.
كما بفعلِ أيٍّ منقارٍ أو مخلبٍ
رغم أنني تحدثتُ إليه
بكلمات الطيور
على جانبٍ من موقدي

وأنا حفظتهُ بيديَّ المتشكّلتين كما الكوب
إلى أن يطيرَ بعيداً
لكن ذهني، جزيرة محترقة: كأيِّ أحدٍ
في هذا العالم المكدوم، أو في عالمٍ
من الأذهان المرضوضة
وهل كل أحدٍ هو مجرد
حلم؟
عندما كنتَ تسكن في الطابق الواحد والعشرين،
والرجل الأوكراني العجوز؛ أسفلك، في الطابق الحادي عشر
يحتفظ بحمائم السباق، على شرفته
هو يُدعى بوب
ويغني التنويمات
في
الحانة؛ التي يضيئها نور الشمس، في شارع كَيبُل
في الحانة؛ التي لم يتوقف عملها بعد –
و
حمائمه تحلّقُ؛ من شرفتهِ، في مدارات، من أقواسٍ واسعةٍ،
لكنها لا تستطيع اعادته إلى القرية
قرب ليفو: (أش أش أش..
تلك أمُّهُ ضامةٌ إياه بحميميةٍ
مغطّيةً عينيه، وهي تشبكه إلى جسدها
لئلّا يَتأوه

5

أو ينشج،
عندما المتعصبون
يتبوّلون
في
الأدغال.
أنها تخبّئه
ريثما يمرون عبر القرية المحروقة:
بـــــــــشش بشش.. بشش)
أهذا إذاً؛ مجرد حلم؟
أو عندما تسكن في الطابق الواحد والعشرين،
وأنت ترى أثنين من طيور الغاق يندفعان نحو السماء
وهما يخطان أقواساً واسعة، من اختيارهما
يتساومان مع لا أحد
ويتخليان عن اللاشيء:
ماذا في تركيب عظامهما
أيعلمان أننا أبداً لن
نعرف؟
ماذا في التوازن بين
أمعائهما وأعينهم؟
وبغتةً؛ من اندفاعهما فوق المدينة،
يخطّان وينطلقان
من أحدى قطّاعات المدينة،
لآخرى
من أحدى الجزر الصخرية
إلى الشمس الحارقة
(شركاتٌ؛ أسمت السيارات، بأسماء الحيوانات. وحكوماتٌ
أسمت القنابل بأسماء الطيور)
حتى اللغة بجوابها النهائي،
وحتى الكلمات إذ تعجز – أو الاّ تحلّق –
حيث حاجتنا إليها هي الأكثر

6

وحتى تحلّقَ الطيورُ في ايست لندن
آتيةً من آيسلندا أو الهبريدس الخارجية
ذاهبةً إلى المغرب أو الجزائر أوجنوب الصحراء…
هل هذا مجرد حلم؟
هذا                منطق الطير،
وتلك
الهجرات
هذا مسار التحليق؛ من طيور الخطّاف والسنونو
هذا الحديث عن سلامة العقل
هذه الرحلة، ليسافرها
عبر النَفَس
أو
غباءٌ؛ أبداً، رسم
الحدود
عندما تسكنُ في الطابق الواحد والعشرين؛ وتهبطُ
هناك، إلى الأسفل، في السوق المرصوفة، يمكنك أن ترى
أصدقاءَكَ….

كانون الثاني – نيسان 2002

Stephen Watts
ترجمة: مارغا بوركي أرتاخو
و
ع. الصائغ
– لندن –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى