قانون الاحوال الشخصية الجديد

نساء العالم تقتحم حصون البرلمانات ونساءنا ما زلن موطوءات في مشروع قانون الأحوال الشخصية

إيمان أحمد ونوس
بالأمس القريب دخلت أربع نساء برلمان الكويت الذي كان ولزمن طويل محصّناً ضد النساء لا اقتراعاً ولا تمثيل. نساء عملن بجهد وإصرار لتثبيت حقوق المرأة السياسية والاجتماعية، فنلن بجدارة ثقة الشعب ونيابته النزيهة. وها هو البرلمان الهندي اليوم وللمرة الأولى في تاريخه ينتخب امرأة من طبقة المنبوذين رئيسة له. حيث اختار السيدة- ميرا كومار 64 عاماً- المرشحة الوحيدة التي فازت بالانتخابات التشريعية الأخيرة عندما أعيد انتخابها في دائرتها في ولاية- بيهار- الفقيرة.

والمثير في انتخاب هذه السيدة الهندية أنها امرأة أولاً، ومن طبقة المنبوذين ثانياً
وهاتان صفتان جدُّ مثيرتان للجدل في مجتمع يعج اجتماعياً بمشاكل الفقر والتمييز ليس فقط ضد المرأة، وإنما التمييز في الطبقات بدليل وجود طبقة من المنبوذين فيه، حيث تشهد الهند وباستمرار أعمال عنف بين الهندوس والمنبوذين الذين يعانون مشاكل معيشية لا حصر لها في العمل والسكن والتعليم جراء وضعهم الاجتماعي المتدني. حيث يبلغ عدد الهنود المنبوذين الذين يعتبرون مواطنين ” خارج الطبقات” أو ينتمون إلى الطبقات الدنيا/165 مليون نسمة/ من أصل/1,17 مليار نسمة/ في الهند. يُشار إلى أن الدستور الهندي ألغى رسمياً في العام/1950/ التمييز ضد طبقة المنبوذين لكن الأمم المتحدة اعتبرت في عام/2007/ أن التمييز لازال قائماً.
أجل في هذه البلدان( الكويت، الهند،..الخ) استطاعت المرأة دخول البرلمان بجدارة حضورها الحقيقي والفعّال بين الناس والنساء، ومن خلال إيمانها بقدرات المرأة المقصية عن الفعل الحقيقي في المجتمع، حيث دفعت بها لساحة العمل البنّاء من خلال ليس تمثيل المرأة فقط وإنما باقي شرائح المجتمع.
بينما نجد أننا في سورية ما زلنا نرزح تحت كاهل( الكوتا) المفروضة وهذا التمثيل الديكوري المزيف والمقرون بفاعلية معدومة بفعل السياسات المعمول بها حالياً والتي تفرض وجود المرأة مشروطاً بصمتها عمّا يجري لنساء سورية، لاسيما في المعركة الدائرة حالياً حول مسودة مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، والذي جاهد كي تبقى المرأة تابعاً ليس للرجل فقط، وإنما لتشريعات من يهمهم ويرضيهم إقصاء المرأة عن الوجود، باستثناء دورها في إمتاعهم وإطفاء لظى شهواتهم وشبقهم المحموم. يريدون لها أن تعود للوراء.. لأيام الجارية والأَمَةِ والعبدة وربما الموؤدة… لتخلوَ لهم الساحة فيختالون طرباً بفحولتهم وعنجهيتهم باسم الشرع والدين، وليبقوا على نساء مغرر بهنّ همهنّ إرضاء الرجل قبل إرضاء الله، بحجة أن العلمانية تفقد المرأة أنوثتها ودورها الطبيعي في الحياة( إنجاب، إرضاع، تربية، ووووموطوءة) فتصرخ إحداهن بأعلى الصوت(نحن لا نلهث وراء الولاية والمناصب السياسية لأنها ما خلقت إلاّ للرجل وأن مطالبة النساء بالمساواة سببها جهلهن بالدين)
هذا ما يسعى إليه واضعو المشروع. بينما السيدات نائبات البرلمان يغططن في نوم عميق وكأنهن لسن معنيات بالأمر. إذ أننا للآن لم نسمع صوتاً نسائياً برلمانياً واحداً يستنكر ما يجري( بما في ذلك ممثلات الأحزاب اليسارية- الشيوعية-)مع أن الأمر يطالهنَّ قبل غيرهن، من باب أنهن نائبات أي وليّات أمر بالنسبة لمن انتخبهن. فالمرأة في قانون الأحوال الشخصية القديم والجديد لا يمكن أن تكون وليّة نفسها فكيف بها وليّة الناخبين وهذه أولى ضرورات تحركهن وخروجهن عن صمتهن ضدَّ هذا التناقض الصارخ بين ما ينص عليه الدستور من مساواة المواطنين( نساءً ورجالاً) في الحقوق والواجبات/المادة 25 فقرة 3 و12 منه/، وبالتالي هذه المادة بفقراتها هي من أوصلتهن للبرلمان وإن كان بطريقة الكوتا..؟
من هنا أرى أنه من واجبهن قبل غيرهن التصدي لكل ما يقلل من شأن المرأة وموقعها في الحياة والمجتمع، وما يخالف الدستور لبلد يدعي العلمانية والتطور، ويتحدث باستمرار عمّا وصلت إليه المرأة السورية من مكانة رفيعة منحها إياها الدستور فوصلت مرتبة نائب للرئيس، مستشارة، وزيرة، وسفيرة وما إلى هنالك من مناصب تشغلها المرأة السورية، ليأتي اليوم قانون أحوال شخصية يضرب عرض الحائط بالدستور وبكل التطورات الحاصلة في المجتمع السوري، وبما وصلت إليه المرأة السورية، بدل أن يأتي ملبياً لاحتياجات تطور المجتمع والمرأة معاً، وبعد طول انتظار واستغاثات وآمال كبيرة رسمها المعنيون والناشطون بقضايا المرأة.
** خاص ثرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى