صفحات سورية

سوريا وأمريكا وشبح إيران

null
حسام كنفاني
المسار السوري – “الإسرائيلي” هو أحدث التقليعات الأمريكية في شأن عملية التسوية في الشرق الأوسط، التي ينوي الرئيس باراك أوباما طرحها على دول المنطقة. الجديد في ما ظهر من الخطة هو المبعوث الخاص بسوريا، فريد هوف، الذي يبدو أنه جاء إلى “إسرائيل” بخطة جاهزة لتسوية الصراع على المسار السوري.
خطة عبارة عن خليط من الأفكار التي شهدها المسار خلال سنوات المفاوضات منذ مدريد إلى جولات التفاوض غير المباشرة في تركيا، بما في ذلك الاتصالات غير الرسمية التي كان يجريها رجل الأعمال السوري  الأمريكي ابراهيم سليمان مع المدير العام السابق لوزارة الخارجية “الإسرائيلية” ألون ليئيل. ويبدو أنها تستند بشكل اساس إلى محادثات سليمان  ليئيل، ولاسيما لجهة احتوائها على فكرة “المحميات
الطبيعية” المفتوحة لطرفي الصراع في الجولان المحتل، على أن تكون مرحلة مؤقتة قبل الانسحاب.
تسويق الخطة لا يزال في بدايته، وبالتالي لا يمكن الحكم على مدى نجاحها أو فشلها، لكن اللافت في الأيام الأخيرة ظهور اسم سوريا أكثر من مرة في اهتمامات الإدارة الأمريكية، ولاسيما إعلان الرئيس باراك أوباما استعداده لزيارة سوريا وتلبية دعوة الرئيس بشار الأسد، وترجيح وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير قيام أوباما بزيارة إلى عاصمة الأمويين، إضافة إلى رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على دمشق.
تطور جاء ليتوّج حال التقارب بين سوريا والولايات المتحدة. تقارب قد يتجلى في إعادة الوساطة الأمريكية بين سوريا و”إسرائيل”، وهو مطلب دمشق منذ اليوم الأول لعودة المفاوضات غير المباشرة مع الكيان الصهيوني. لكن التركيز على سوريا في المرحلة الحالية، يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الرغبة الأمريكية من دمشق.
لا شك في أن التصالح مع سوريا وإعادة المياه إلى قناة الاتصال بين واشنطن ودمشق، يهدفان إلى أكثر من محاولة إدارة أوباما نزع فتائل الأزمات في المنطقة خدمة ل “الأمن القومي الأمريكي”، كما قال أوباما في خطابه الشهير في القاهرة. فالإدارة الأمريكية تدرك أهمية سوريا الاستراتيجية في المرحلة الحالية، ولاسيما لجهة تحكمها بملفات حساسة في المنطقة من لبنان إلى فلسطين المحتلة وصولا إلى العراق.
ملفات تتفاوت أهميتها لدى الإدارة الأمريكية، إلا أن عين واشنطن، في تقاربها مع سوريا، تبدو متجهة نحو إيران في إطار المحاولات الغربية لتصعيد عزل طهران، في حال فشل المفاوضات الغربية  الإيرانية التي من المرتقب أن تنتهي مهلتها في سبتمبر/ ايلول المقبل. وتدرك الولايات المتحدة أن سوريا تمثل عمقاً استراتيجياً لإيران في المنطقة، إذ تشكل بوابة لطهران إلى ملفات المنطقة، وأي فصل لسوريا عن إيران، يشكل ضربة قاسية للجمهورية الإسلامية وحلفائها. محاولات سابقة جرت في هذا الإطار، لكنها لم تكن مباشرة من الإدارة الأمريكية، كما هو الحال الآن، ومن هنا تنبع جدية الطروحات التي يبدو أن واشنطن تقدمها إلى دمشق. سلة طروحات تبدأ من التقارب وإعادة السفير مروراً باحتمال تعليق العقوبات وصولاً إلى عرض رعاية المفاوضات.
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى