ما يحدث في لبنان

اختلاف أيديولوجي

خالد صاغية
طرح سمير جعجع مسألةً بليغةً للغاية. قال إنّ ثمّة اختلافاً أيديولوجيّاً بينه وبين العماد عون. وحين أُلِحّ عليه لشرح الاختلاف بين التوجّهين الأيديولوجيّين، أعلن أنّ العماد عون سافر إلى إيران. أمّا هو، فقد سافر إلى مصر. هل اختلط الأمر على «الحكيم» بين الجغرافيا والأيديولوجيا؟ الأرجح أنّ ذلك لم يحصل. فسرعان ما عرف السيّد جعجع أنّ إجابته لم تكن موفّقة، وجرّب أمراً آخر. قال: العماد عون يرى أنّ التدخّل الأميركي في لبنان ليس من مصلحة المسيحيّين. يمكننا أن نحزر أنّ جعجع يرى، بعكس عون، أنّ التدخّل الأميركي في لبنان هو لمصلحة المسيحيّين. لكن، مرّة أخرى، ما علاقة الأيديولوجيا بالأمر؟
الواقع أنّ «مصلحة المسيحيّين» باتت القاسم المشترك في خطابَي جعجع وعون. عفواً، باتت هي خطاب جعجع، وهي، في الوقت نفسه، خطاب عون. لقد تحوّل التيّاران/ الحزبان إلى تيّار واحد في الحقيقة، يحمل شعاراً واحداً وهمّاً واحداً، وإن اختلفا في التحالفات والتكتيك السياسي. إذا كان لهذا الخطاب المسيحي الطائفي أن يُسمّى أيديولوجيا، فلا بأس. لكن الحريّ بالسيّد جعجع أن يعترف في هذه الحالة بأنّه يحمل وعون أيديولوجيا واحدة.
فنحن لا نعرف ماذا بقي من «علمانيّة» التيار الوطني الحر، أو من رؤيته لبناء الدولة، أو للمساواة بين المواطنين. لقد بات دفاع جبران باسيل عن عطلة الجمعة العظيمة أعلى شأناً في أدبيّات التيّار من أيّ شيء آخر. وجعجع مقهور من دون شك. مقهور لأنّه يريد أن يدافع هو عن الجمعة العظيمة، وأن يتباهى هو بالعنصريّة تجاه الفلسطينيّين، وأن يأخذ هو «الحصّة» المسيحيّة ممّا بقي من الدولة.
الاختلاف الأيديولوجي عنوان لا يليق بترّهات الزواريب. سيكون صعباً إقناع الناخب البتروني مثلاً بانتخاب أنطوان زهرا بدلاً من جبران باسيل، أو انتخاب جبران باسيل بدلاً من أنطوان زهرا، بسبب الاختلاف في العقيدة. إنّها الجمعة العظيمة، يا غبي!
الأخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى