صفحات من مدونات سورية

راحل .. وسأعود بالأمل .. :)

لأني  راحل .
قدر لا تملك تقديره .
إلا أحزاني .
بكل تداوينا .
لولا فسحة الأمل .

لأني راحل ..

“دموعي لا تشهد زوراً .. فكيف لا تقبل شهادتها وقد كنت القاضي وفي يدي مقاليد الحكم ومطرقة المحكمة …
لا أستطيع أن أضع كل الرد هنا .. لأنه سيطول ويطول .. لكن فيما أرسلت أشياء كثيرة مني أيضاً …”

قبل حين .. أجبرت على الرحيل …. وكالعادة لم أكن صاحب القرار ولم يكن لشراعي أهمية في وجه الرياح ..
حجزت تذكرة واحدة .. – ذهاب فقط – .. ولا أدري زمان ومكان الإياب…
شرعت بترتيب ما يلزمني وجمعت كل ثيابي وأغراضي..
كانتا حقيبتين .. وربما ثالثة أخرى صغيرة ..
لكن واجهتني مشكلة أمام كم الذكريات التي أريد اقتلاعها من غابات مخيتلي
كلما هممت بباب الغروب .. شدتني ضحكات وقبلات وعبرات وبسمات

ونظرات من أجمل عيون ..
وآلاف الذكريات كبلت روحي التي عانقت روح من أحببت وأراوح الكثيرين من أولئك الذي نحتوا على قلبي قطرات دم بيضاء

عزمت على أخذ كل هذه الذكريات .. حتى الهواء جمعته في زجاجات ..

والعطر الوردي خبأته في وسادتي..
ياسمينات قد جمعتها في دفتر لم أنساها .. أشعاري ومذكراتي ..

وفعلت كل ما يفعل الشهيد حين يعاين منصة إعدامه ..
ودعت الأحبة وشممتهم .. لأني لا أريد  إلا أن أتنفس ذكريات جميلة ..

لكن ثقل ما حملت أقعدني .. إما الرحيل وحيداً ..
إو البقاء مكرهاً ..
ولو تركت حلقة القدر بيدي لما حركتها ..
لكن الدهر أرسل أمواجاً من ريح ..
دقت الباب ..وفتحت ما أغلقت سنين
وتسرب الرحيل إلى قلبي ..
وها أنا ذا .. راحل .. بعد أيام ..

* كان بإمكاني أخذ كل هذه الذكريات التي تجمعت في قلب واحد
لكن الأطباء أكدوا خطورة العملية الجراحية التي قد تودي بحياتها وحياتي ..

قدر ٌ لا تملك تقديره ..
مهما كان خبيثاً .. يبقى السرطان أرحم من الحب ..
المشترك في كليهما أنهما قدر لا تملك تقديره
لكن السرطان خبثه في أنه يستولي على خلايا الجسد فيصرعها ..
أما الحب فيستحوذ على الروح والجسد بآن معاً .. فيفتك بأحدهما الآخر ..
تتعدد الأمراض .. والموت واحد ..

إلا أحزاني ..
يقول نزار قباني في إحدى بحيراته العذبة ..
لا أملك في هذي الدنيا .. إلا عينيك وأحزاني ..

بعضهم من يصنف هذا النوع من الشعر تحت باب البكاء على الأطلال .. آخرون يقولون غزل مبطن ..
وثالث حب عذري ..
شخصياً لا أرى في هذا البيت تحديداً إلا شكراً وحمداً لله ..
نزار رغم كل أحزانه فقد ملك عينيها ..
وعادة ما تكون عينا المحبوبة هما مشرقي المحب ..
وما إن يتباعد عناق الجفون حتى تتنفس روح الناظر ..
أما لو كان الأمر لي لقلت ..
لا املك في هذي الدنيا ..عينيها .. ولكن أحزاني ..
أحسدك يا نزار .. فقد ملكت أجمل ما فيها ..
وعن نفسي فما زلت أبحث عنها .. ربما إن وجدتها يوماً .. فأسأل الله ألا تضيعني ..
يكفيك يا نزار أن عنوان قصيدتك .. عيناك ..

بكل تداوينا ..
أختم هذه الجرعات بأبيات كتبت بماء الذهب وقالها الشاعر الأندلسي ابو البقاء الرندي :
وقد زعموا أن المحبّ إذا دنا .. يملّ وأن النأي يشفي من الوجد ِ
بكل تداوينا .. فلم يشف ما بنا .. على أن قرب الدار خير من البعد ِ
على أن قرب الدار ليس بنافع ٍ..إذا كنت من تهواه ليس بذي ود
يشكو الشاعر عذابه لهجران حبيبته له ..
فما نفع قرب داره من دراها , في مد شرك وصاله لقلبها ..
ولا نفع البعد في إطفاء نيران شوقه ..
ومع ذلك فضل عذاب القرب على نار البعد ..
وكل له مذهبه في الحب ..

لولا فسحة الأمل ..
تقول صديقتي الحياة معركة.. يقول أبي الحياة سماء
أخي الصغير سألته بالأمس فقال : “الحياة انو الانسان يحط راسو عالمخدة مرتاح .. يكون فقير معلش بس يكون هو مرتاح “
أما أمي فقالت :صبرٌ , وعسر ويسر ..
جرعة زائدة :
الحياة هي كل , وفوق ذلك ..
أرجوحة بين مشرق ومغرب..
تارة نهار وتارة ليل
تهتز براكبها فإما يكسرها وإما تكسره ..
ولا تثبت على حال ..
تشتد ريحها حيناً وتستقر حيناً ..
والشقي من لا يعرف كيف يمتطيها
لا أسهل من الحزن في هذه الايام..
نشرة أخبار وحيدة تكفل لك المهمة .. وفي حال انقطاع الكهرباء بإمكانك ان تستوقف أي عابر في أي شارع
وتسأله”  كيف حالك؟ “
لكن الصعب هو أن تبتسم , والأصعب والأجمل هو أن ترسم ابتسامة ..
وأن تزرع فرحاً في حولك ..
ربما تثمر سعادة في المستقبل ..
فأعتذر عن كل حزن قدمته فيما سلف ..
وأدعو لابتسامة لا تفارق وجوهنا حتى لو كحلت بملح العيون ..
وأن نكون ملهمين وصانعين ومحرضين ومنشئين سعادة..
كل من حولنا بحاجة لها وبحاجة لنا ..
وكما تموت الأشجار واقفة .. لنمت ونحن مبتسمون ..
فرغم كل الألم .. ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل .. 🙂 🙂 🙂

ماهر

http://mahermon.wordpress.com/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى