صفحات العالمغسان المفلح

11 سيبتمبر بعد عقد.. الإرهاب ينتصر

غسان المفلح
انهيار برجي التجارة العالمية في نيويورك، بات رمزا لم ينتج ثقافته، لازالت بشاعة الصورة مسيطرة، ولازال من يريد بقاء الصورة بشعة في الإذهان هو المسيطر على ثقافة هذه الصورة، بشاعة الصورة، لها مسبب واحد هم العرب خصوصا والإسلام عموما، هذا عنوان ينتج ثقافته الآن.
الثقافة في الزمن الراهن هذا لا يولدها مجموعة من الكتاب الهاوين، بل تولدها أكاديميات ومراكز بحوث، وخبراء صورة، ومحترفي ميديا بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى..
نحن نكتب كهواة، لكن من يصل للبشر هي الصورة، ولا قدرة لنا على الوصول للصورة.. الصورة الآن في عالمنا العربي تديرها السلطات، مع الاختلاف النسبي بين بلد وآخر…والسلطات هنا ليست تلك المشخصنة التي نراها فقط في الصورة، بل هي أيضا ما استطاعت عائلات وشخوص هذه السلطات من مراكمته في أذهان الأجيال منذ أربعة عقود..عسف وخوف وتشرير لأمريكا..
وهاهي لازلت قوية…
بن لادن عندما قام بجريمته وشرعن لها، لم يكن لا مثقفا ولا عالم دين، كان منتج سياسي غربي، ولازال حرا طليقا ولازال يهدد الغرب بالخروج المذل من أفغانستان..لأنه رجل سياسة وليس عالم دين..الغرب نتيجة بشاعة ما صنعت يداه يحاول أن يصور بن لادن بوصفه عالم دين وهو الممثل الوحيد لهذا الدين، والذي هو الإسلام بالطبع..
عندما كانت بعض عمليات المقاومة الفلسطينية في بلدان أوروبا أيام وديع حداد وبعدها إيلول الأسود كخطف الطائرات وماشابه…كانت الإشارات تصور هؤلاء على أنهم من كبار مثقفي الشيوعية…الإرهاب الأحمر…لأن الشيوعية بالنسبة لهم كانت أيضا دين يجب اقتلاعه..
بن لادن كان رجل سياسة، يفتخر أنه يجلس مع الأمريكان متحالفا من أجل طرد الشيوعية بوصفها دين الإلحاد ومعتدية على بلد مسلم…لماذا الأمريكان الآن لا ينشرون القصة الحقيقية لظهور بن لادن كرجل سياسة؟ وما لم ينشروا الأمريكان هذا الملف للعالم، فإن الإرهاب لازال منتصرا…
بأي جواز سفر خرج بن لادن من بلاده وتوجه نحو أفغانستان؟ وكم كان عمره في ثمناينيات القرن العشرين؟ لقد تمرس وتعلم السياسة وفنون القتال وأسلحته على يد الأمريكان بكل شيء….
أمريكا إذا أرادت إنصاف ضحايا تلك الجريمة البشعة في 11 سيبتمبر عليها أن تقدم وثائقها السرية للمحاكمة…الموضوع ليس مؤامرت وإن كانت موجودة، لكن الموضوع مخز وفيه من العار سيلاحق السياسة الأمريكية مدى الحياة، في حال نشرت ما تعرفه هي عن بن لادن…
لم يصغ الأمريكان حتى اللحظة، استراتيجية حقيقية لمواجهة الإرهاب…لماذا؟
السياسة الأمريكية نتيجة لعدة عوامل، لسنا بصدد الخوض فيها الآن..لازالت عاجزة عن صياغة استراتيجية ناجعة لمواجهة الإرهاب الإسلامي…والسياسات الأمنية المتبعة هي للتصدير للرأي العام ولتحقيق أهداف أخرى..
أليس الإرهاب لازال منتصرا؟
بن لادن يشكل تهديدا لنقل المعارك إلى باكستان، هكذا تشير بعض البحوث…أية قوة امتلكها هذا الرجل، حتى يتحول إلى سوبرمان يهدد دول بكاملها؟
القاعدة تصل إلى لبنان والعراق واليمن والمغرب والجزائر وموريتانيا….وكل هؤلاء المقاومين إرهابا يمرون بالأراضي السورية والأردنية وغيرها..وتكشف المخابرات السورية بعضا من ملفاتهم لساركوزي وأوباما…أقول بعضا من ملفاتهم…وليس كلها.. الملف المفتوح فقط هو لماذا تسمح سورية بتمرير أسلحة لحزب الله؟ عجيب…
رغم أن السجل الأسود لحزب الله فقط هو المسجل في حقل العلاقة مع السلطة السورية…أي أنه خارج متطلبات هذه العلاقة….سلاح حزب الله لم يستهدف كثيرين من اللبنانيين؟ ما خلا منافسيه سابقا في الساحة الشيعية، ولكن الموضوع متبادل…ودول أوروبا وأمريكا تعرف هذه القضية…لهذا لازال الإرهاب منتصرا.
بن لادن أيضا استطاع تحويل القضية الفلسطينية إلى قضية دينية… كيف؟ يهود ونصارى يدعمونهم…هذا العنوان جعل قضية الوطن والأرض والشعب المشتت في أصقاع الأرض مختصرا بعناوينه…أليست قناة الجزيرة من صدرت هذه الأيديولوجيا؟
إسرائيل مستهدفه لأنها يهودية..وليس لأنها دولة مارقة…ولم تستطع رغم كل الهول الذي اقترفته، أن تتحول إلى دولة شرعية..
11سيبتمبر كان خدمة لطي ملف إسرائيل بوصفها دولة مارقة..وأصبحت دولة مستهدفة من الإرهاب الإسلامي لأنها دولة يهودية..لهذا تجرأت نخبها وأعلنت للعالم كله أن إسرائيل دولة يهودية خالصة، والفلسطينيين لاحق لهم في الحياة، لأنهم أصبحوا جميعا مسلمين إرهابيين!!
إسرائيل لم تعد سببا لما يجري في الشرق الأوسط..وهذا ما يريده بن لادن أيضا…توافق مصالح ليس إلا.
الضحايا من الشعب الأمريكي، لا ينصفهم ترك المسلمين لدينهم الإرهاربي! كما تطالب بعض كنائسهم، وكما يطالب الناشط الهولندي خيرت فليدرز صاحب فيلم فتنة والذاهب لأمريكا لكي يحرق المصحف. ينصفهم أن يكشف فيلدرز وغيره عن علاقاتهم ببعض السلطات العربية…والإجابة عن سؤال من صنع بن لادن؟ وتقديمه للمحاكمة العلينة أمام الرأي العام العالمي كما يجري في ملف يوغسلافيا وكما جرى في محاكمات نيوينبيرغ لقادة النازية الألمانية..
ثقافة الصورة في 11 سيبتمبر والتي يعاد إنتاجها بشكل موسع كل عام…بدأت تشكل رأيا عاما في دول أوروبا الغربية وأمريكا…يجب محاصرة المسلمين في كل مكان..وهذا ما يريده بن لادن…لهذا هو لازال منتصرا.
إيران تحاسب فقط على موقفها من إسرائيل وعلى مشروعها النووي.. أما دعمها للمنظمات الإرهابية، وتنكيل نظامها الاستبدادي بشعبه..هي خارج ملف تشدد ساركوزي وأوباما مع إيران…لماذا إذن لا تدعم إيران بن لادن وغيره، وفقا لمنطق هذه السياسة الآن؟
إسرائيل وبعض السلطات العربية هي الطرف الوحيد البريء من كل ما يحدث في الشرق الأوسط…
11 سيبتمبر…سيبقى عار.. ما لم ينصفوا ضحاياه…
ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى