صفحات سوريةغسان المفلح

انتصار السلطة يدعو- لبناء الذات-

null
غسان المفلح ”
انتصار السلطة وقوتها يسمى بلغة أخرى” الجذر السياسي” وعندما تنتهي معركة، يجب على الجيش المهزوم أن يلتفت لنفسه ويعيد ترميم قواه الذاتية. هذه المقولة يدور حولها الآن نقاش ولغط كثير، منذ فترة ليست قليلة وأنا أقرأ من جملة متابعاتي لكاتب سوري أسمه السيد” شبلي شمايل” وأرجح أنه أسم حركي. يبدو أن الرفيق يعيش وضع” نضال سري” في سورية أو خارجها!!! لهذا نقدر له ذلك، وسنعفيه من أن شرط الحوار عندما يتم تناول البشر شخصيا أن نعلن عن أسماءنا في وضح النهار، هذا أعتقد أنه بعد أخلاقي يطالب الرفيق الآخرين بالتحلي به. ومع ذلك سنقدر وضع الرفيق، الذي تعرض لي سابقا بشكل شخصي وأخلاقي… ولم أشأ الرد في المقالة الأولى..لأن هكذا نوع من النقاش لا يعنيني…ولكن ما عانني في مقاله الأخير بعنوان” بناء الذات” متبادلا المساندة بينه وبين الباحث الحقوقي السوري هيثم مناع! وفي مقاله هذا أيضا، استبشر خيرا فيما كتبه أخيرا الباحث ياسين الحاج صالح حول ما أسماه بناء الذات، وفي المقال هذا يهاجم شبلي شمايل حزب الشعب وإعلان دمشق ويتأستذ علينا جميعا…ومن مقاله هذا سأحاول تجاوز الجانب الشخصي والتحاور معه حول بعض أفكاره، أما هذا الهجوم العنيف على حزب الشعب، فالرفاق في الحزب قادرون على الرد، يقول الرجل في مقاله” بناء الذات” ما يلي” لن أتوقف كثيرا عند تجربة جبهة الخلاص كتجربة سياسية والموقف الانتهازي- يقصد موقف بعض قيادات إعلان دمشق” منها ممن يشير بيان حزب العمل لهم، فلست رب العالمين لأحيي العظام وهي رميم. لكن أليس من المأساوي أن بعض من خاض هذه المهزلة (صلاح بدر الدين وغسان المفلح..) مازال يزعق وكأن شيئا لم يحدث وكأنه لم يتحالف مع العقل الاستبدادي للتخلص من عقل استبدادي آخر وكيف قبل بقطبين أحدهما البيانوني أحد قيادات حقبة الرصاص الإخوانية وثانيهما خدام أحد قيادات حقبة التصفيات الجماعية ؟  اليوم، أظن أن من الضروري سؤال الجميع: ألم تتعلم الحركة السياسية العلمانية أن التحالف مع الإسلام السياسي دون وضوح اجتماعي واقتصادي وحول طبيعة وشكل الدولة وعلاقتها بالدين هو لفائدة الغيبي على حساب المدني” انتهى كلام الرفيق شبلي…
قبل أن نمضي بالحوار أقول أنه من باب الأمانة عندما نريد ان نحاور شخصا ما، أن نلم بما طرح ويطرح، ولن أقول للسيد شبلي ليعود إلى ماكتبته منذ بداية جبهة الخلاص وحتى انتهاءها، ليعرف أن نقده هذا في غير محله..ومع ذلك…رب ضارة نافعة…
الرجل يصرح عن نفسه أنه علماني، وأنه أقرب للتجمع الماركسي نيسان 2007″ تيم” منه إلى حزب العمل، وكنت قد كتبت مقالا عن هذا التجمع في لحظة تأسيسه يمكن العودة إليه، بعنوان”حنين العدالة أم ماركسية مقولبة ؟
أعجبني موقفه الشامت بصراحة من موت جبهة الخلاص، وهو لايحي العظام وهي رميم.! وهذا إن دل فهو يدل على أنه بقي ماسكا قلبه بيده خوفا على سقوط النظام منذ انشقاق عبد الحليم خدام…لأن الجميع كان يعرف أن انشقاق خدام ليست مسألة شخصية ولا حركة سياسية لشخص واحد، بل كانت سياقا دوليا وإقليميا، ويجب أن يقدم الرفيق العتيد شكره لإسرائيل وساركوزي وإيران وقطر بالدرجة الأولى، وللعاهل السعودي الملك عبد الله بالدرجة الثانية، لأنهم أنهوا جبهة الخلاص، واخرجوا النظام من عزلته التي كانت يمكن أن تتطور لتحقيق مكاسب جدية للمعارضة السورية ككل، وهذا ما لاتريده إسرائيل حتما، وهذا ما تعبر عنه نخبها ليل نهار، وآخرها النخب العسكرية التي طالبت بعودة السفير الأمريكي إلى دمشق- صحيفة الجيروزاليم بوست… وكي اختصر عليه خدام فاسد وشارك الأسد الراحل بكل شيء، والإخوان ليسوا سوريين، وبعض قيادات إعلان دمشق أيضا ليسوا سوريين، لا يوجد سوريون سوى الاتجاه الديمقراطي في السلطة و” تيم” وشبلي شمايل في عمله السري ضد الإسلام السياسي وإعلان دمشق وحزب الشعب وجبهة الخلاص الميتة. في كل ما قرأت للرجل لم أرى أن هنالك كتابة جدية تفكك نقديا علاقة سلطوية واحدة في سورية- إلا اللهم أنه يرى اتجاها ديمقراطيا لدى الرئيس الدكتور بشار الأسد، وما يعيق هذا الاتجاه هو ضباط المخابرات، يمكن العودة لمقالات الرفيق بعد اعتقال قيادات إعلان دمشق التي أوحت للرفيق أن يكتب بأسم مستعار- كتابة تنير لنا الطريق لكيفية التعامل مع هذه السلطة، لكي لا نبقى في جهلنا. شبلي شمايل مختص في تخوين المعارضة والتعرض لشخوصها أخلاقيا، وهذه ميزة يشكر عليها، لأنها تجعلنا دوما حريصين على سلوكنا الأخلاقي، ونخاف افتضاح أمرنا!!! لهذا نكتب ونعلن مواقفنا السياسية بأسماء حركية، سواء مع إعلان دمشق أو مع جبهة الخلاص، أو مع الحوار المستمر مع جماعة الإخوان المسلمين في سورية..
*****
الرفيق شبلي يؤكد أن دعوة العديد من المعارضين والمثقفين الآن، لبناء الذات من جديد على أسس جديدة، يكون فيها حضورا للوطني والاشتراكي والتفوق الأخلاقي، انتصارا لوجهة نظره…على من تتلو مزاميرك هذه؟ من هو الذي تمسك بأحد منا ومنعه من أن يتوفق في حقول الثقافة والإبداع والفن، هل مارست المعارضة كلها، منعا لأحد من مثقفي سورية أن يكون مبدعا في أي مجال ما، نحن ما نراه هو العكس أن مثقفي سورية بغالبيتهم، عندما يترمزون في حقل من الحقول، يريدون جر المعارضة كلها لما يقرره فهمهم المنطلق من شرطهم الذاتي الجديد، وهذه نقطة ربما نفرد لها بحثا خاصا.
*****
نعم بعد اربع سنوات من الأمل بتحول ديمقراطي جزئي أو كلي، في سورية نتيجة للضغوط على النظام، هذا الأمل انحسر الآن…وجبهة الخلاص ماتت، مع موت السياق الدولي، وليس لأنها كانت مغامرة، وليس لأن لدى من تبنوا حركتها السياسية مشكلة أخلاقية، أو أنهم مغامرون سياسيا…بل لأن مصالح دولية وإقليمية وموازين قوى وأخطاء الجبهة وخطابها ومعها أخطاء المعارضة كلها أنها لم تلتقط اللحظة، تحدثنا عن هذه الأمور مرارا وتكرارا، هي التي أوقفت هذا الأمل…
النظام الآن مرتاح داخليا هذا صحيح…وأنا شخصيا لا أطالب أحدا من المعارضين في داخل سورية أن يتبنى موقفا ما يودي به إلى السجن…لكن بالمقابل من يفعل ذلك يجب ألا يضع نفسه معيارا للآخرين لا أخلاقيا ولا سياسيا..هو يريد بناء الذات حسنا له ذلك، ولكن ليترك غيره يبني ذاته بطريقته…لأن طرق بناء الذات ليست واحدة..
المعارضة الآن، ليس لها مؤسسات في الداخل، ليبنوا أفرادها أنفسهم ابداعيا، ويتفوقوا أخلاقيا، وهذا يحرج النظام كثيرا… ويخيفه!!!! ويصبح لدينا بدل مؤسسات معارضة مؤسسة لكل فرد مبدع في حقله..!!
****
الأمل الآن بإعلان دمشق رغم كل ما يقال، أو لنقل بنوياته المتبقية، إن كانت قادرة على الخروج من المأزق الذي وصل إليه الإعلان. ربما يحتاج الأمر لإعادة صياغة أسس جديدة لتحالفات جديدة يجب ألا نلغي عقولنا على خيار واحد…
الإخوان المسلمون أصبحوا الآن من تيار شبلي شمايل، ومثقفوهم يبنون ذاتهم، لأنهم علقوا معارضتهم السياسية، وجاءت متناسبة مع تعليق المعارضة فكريا من قبل كثر من مثقفينا.
*****
إنني إذ أدخل في حوارات مع أصدقاء ورفاق وتيارات سياسية، وهذا أكثر من ضروري لبناء ذاواتنا، فرديا وجمعيا، ولكن لازلت مقتنعا” بأن الغرب محنتنا والغرب منقذنا لأننا منطقة مدولنة” علاقة معقدة، لكن هذا هو العالم الذي نعيش فيه، القوة لازالت سيدة الموقف، وعلينا أن نعيد النظر في الكثير من مفاهيمنا وآليات عملنا السياسي، والتعامل مع الغرب نقديا، لا يعني تشريره إطلاقيا..وبالمقابل يجب ألا نوفر ذاوتنا من النقد دوما وأبدا.
القوة مصالح متحركة…إنها يمكن أن تلغي الحق بلحظة، ويمكن أن تعيد التعامل معه في لحظة أخرى…
نحن ضعاف نعم، ولكن متى كانت المعارضة السورية في كل تاريخها قوية، ما خلا الفترة بين عامي 2005 و2007 ؟ ولم تهزم بسبب خطأ نظري أو أن دعاتها وناشطيها ليسوا مثقفين، أو لأنهم بلا أخلاق، بل أن قوى عارية غربية وإقليمية كانت في الجهة المقابلة لمطالب المعارضة السورية، لم يهزمها عدم تبنيها لفكر شبلي شميل أو صبحي حديدي أو ياسين الحاج صالح أو برهان غليون أو زهير سالم، والقائمة طويلة…المعارضة هزمت في هذه الجولة لأنها ضعيفة ولم يتركوا لها فرصة لكي تخلق مؤسسات حقيقة لمطالبها الديمقراطية. وهذه المسألة لم تكن تغيب عن بال كثر من المعارضين والمنخرطين في المعارضة” أن ميزان القوى الدولي يمكن أن يتغير في أي لحظة لصالح النظام”
واضح هذه الفترة ستكون مهرجانا لما يسمى بال” دعوات العقلانية لبناء الذات” والهجوم على المغامرين السياسيين…
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=228368 موقع الرفيق شيبي شمايل..
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=228368 رابط مقال” بناء الذات”
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=95070 رابط مقالي في الرد على تيم…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى