صفحات من مدونات سورية

طل ّ الملوحي : قضيـّة أم إستثمار ؟؟

طل ّ الملوحي ، إسم ٌ لا أعتقد ُ أنـّه ُ بات غريبا ً على أي ّ من متصفحي الإنترنت ( السوري ّ بشكل ٍ خاص ) فقضيّة إعتقال ( اختفاء ) إبنة التسعة عشر عاما ً التي تكتب ُ بكل ّ شغف ٍ عن الحب و القضيّة الفلسطينيّة في مدوناتها الثلاث باتت معروفة ً و منتشرة ً بين الأوساط التدوينيّة بشكل ٍ واسع ٍ بالذات ِ بعد َ إطلاق حملة تطالب السلطات السوريّة بالإفراج عن طل ّ الملوحي و إعلان مصيرها.
قضية الملوحي تثير ُ الكثير من اشارات التعجـّب و الإستفهام ، صبيّة لا تكت ُ شيئا ً يمس ّ أمن الدولة و سياستها تعتقل ُ و يـُصادر ُ جهاز الكومبيوتر الخاص بها فجأة ً و دون السماح لذويها بالإطلاع على حالها أو التواصل معها و الإطمئنان عنها ، دون محاكمة أو إدانة !!
شهور ٌ قد مضدت و مصير الملوحي مازال َ مجهول ٌ تماما ً !!
على مدى هذه الشهور لطالما قرأنا الكثير من المقالات التي تشجـّب و تنادي بمعرفة مصيرها ، و أكرر ُ الآن و دائما ً المطالبة الفوريّة بمعرفة مصيرها و مصير كل ّ الغائبين عن عائلاتهم و الإفراج عن الذين لا تثبت ُ بحقهم أيّة ادانات حقيقيّة، كان آخرُها هو الحملة المنتشرة حاليّا ً “ حملة الحرية لطلّ الملوحي “ . انتشرت الحملة بـُعيد َ عيد الفطر المنصرف منذ ُ أيّام ٍ ، و بعد َ أن توجهت والدة الملوحي برسالة إلى الرئيس الأسد تناشده ُ فيها بمعرفة مصير إبنتها و إطلاق سراحها ، على صفحات الفيس بوك و مدونات سوريّة و عربيّة و بمشاركة مصريّة بالتظاهر أما السفارة السورية في مصر لمطالبة الحكومة السوريّة بالافراج عن طل و المعتقلين ؛ كلّ ذلك يدعوا للبهجة و الفرح ، فأخيرا ً نسمع صوت الشعب !!
و لــــكن قرأت ُ بالأمس في مدوّنة العزيز حسين غرير كلاما ً منقولا ً عن أحدهم و يدعى “ المدوّن نوار “ ، أفسح َ لمخيلتي المجال بالتحليق ِ بين مجموعة ٍ من التساؤولات . يقول المدوّن نوار أن ّ طل ّ الملوحي اعتقلت لأنها كانت تقوم ُ بتوزيع المناشير التي تدعم الطائفيّة في احدى الجامعات السورية ( على الرغم من أن ّ الملوحي لم تتقدّم إلى فحص البكلوريا السوري ّ الذي لا يمكن بدونه ُ الدخول إلى الجامعات السورية ، و لكن لا أهدف ُ هنا للدفاع عن الملوحي لذا لن أتعمّق في أيّ من النقاط المذكورة ) . و في هذا الكلام إتهامها واضح للملوحي بإثارة النعرات الطائفيّة و هذا أمر ٌ قد إعتدنا عليه ِ من قبل مجموعة ٍ من الذين يطلقون الكثير من الأخبار و الأحاديث لإثارة غبار ٍ ما حول قضايا معتقلي الرأي خاصة ً ؛ تكون هذه ِ الأخبار عادة ً متعلقة بأمور ٍ مرفوضة بشكل ٍ بديهي ّ ( حتى عند الذين يمارسونها ) ، كاثارة النعرات الطائفيّة ، في ما أعتقد ُ أنّه ُ يأتي في محاولة ٍ لتشتيت الدعم تجاه الشخص أو القضية .
قد يصدّق عددٌ لا بأس َ به ِ هذا التبرير المذكور من قبل المدوّن نوار و يراود الشكّ بعضهم الآخر و هذا أمر ٌ طبيعيّ في ظلّ عدم وجود أسباب واضحة تماما ً يُستند ُ عليها اعتقالها و لكن ما يثير ُ القلق هو سرعة الإنتقال من النقيض ِ إلى النقيض ِ عند البعض ، فيكون ُ مؤيدا ً تماما ً و يصبح معارضا ً تماما. فهنا أتساءل لماذا ندعم قضيّة ً ، أي ّ قضيّة ؟؟ و لماذا ندعم قضيّة طل ّ الملوحي بشكل ٍ خاص ؟؟ هل لأنها اعتقلت بطريقة ٍ غير إنسانيّة ٍ أو لأنها أعتقلت بسبب مقالة نشرتها ستتغير ُ بذلك أسباب دعمها بتغيّر عنوان المقالة ؟؟؟؟
بشكل ٍ شخصيّ لا أعرف ُ الكثير من التفاصيل عن طل و حياتها اليوميّة و ما إذا كانت طائفيّة ً أو عنصريّة ً أو غيرها و لا أعتقد ُ أن ّ هذا التفصيل يهم كثيرا ً اليوم ، فهي سواء ً كانت شخصيّة ً طيبة ً او حتّى سيئة جدّا ً في جميع الحالات إعتقالها بهذه الطريقة أمر ٌ غير مقبول و لا يغيّر ُ شيئا ً إن كان السبب هو سياسيّ أو طائفي ّ ، فلا أظنّ يهمّ الفكر الذي تدعمه ُ الملوحي الآن ، فما يهم هو الحق في معرفة مصيرها من قبل أهلها و ذويها و السماح لهم بالتواصل معها و الإطمئنان عنها و عدم الإستمرار في إعتقالها دون أسباب واضحة و معروفة . فلو كانت مخطئة ً سيكون ُ الجميع ُ مع محاسبتها و لكن وفقا ً لأحكام قانونيّة معروفة و واضحة و علينّة و كما ذكر َ حسين غرير في تعليقه ِ على الأمر “ ولأن لا أحد يريد أن يكون مطية لأهداف الآخرين من خلال تحمسه لحقوق الإنسان، فإن الكشف عن الأسباب الحقيقة لاعتقال طل الملوحي يتمتع بأهمية كبيرة. “
ليس َ الهدف ُ من هذا المقال هو الدفاع عن طل الملوحي ( أو مهاجتمها ) بأي ّ شكل ٍ من الأشكال ، فقد تكون ُ أسباب إعتقالها طائفيّة ً فعلا ً و تكون مخطئة ً ، و سأكون في حينها مع محاسبتها بشكل ٍ قانونيّ ، لكن ما أحاول ُ قوله ، هل ما يكون ُ إنسانيّا ً و مثيرا ً للتعاطف إذا كانت الأسباب ُ سياسيّة ً يختفي عندما تصبح ُ الأسباب طائفيّة ً ؟؟
في رواية أخرى على أحد المواقع الأخرى قرأت ُ ما يقول ُ أن ّ المدوّنة طل ّ الملوحي قد توفيت تحت التعذيب و لهذا يتم ّ التعتيم بشكل ٍ كلّي على قضيتها من قبل الجهات المسؤولة !! و هنا أيضا ً موقف ٌ آخر قد يصدقه ُ الكثيرون و يتناقله ُ الكثيرون ، دون أن يكون لهذا الخبر من مصدر ٍ واضح يُـعتمد ُ عليه ، فالذي استطاع الحصول على خبر ٍ يقول بأنها توفيت بإمكانه ( بشكل ٍ بديهي ّ ) الحصول على معلومات أخرى تفيد ُ في قضيّة اعتقالها ، أمـّا إذا كان هذا الخبر بدون مصدر و مجرّد اجتهاد شخصيّ فلا أعتقد ُ أنّ عليه ، و إن راود َ البعض في سر ّ أذهانهم ، أن ينتشر بهذه الطريقة و يثير َ ثرثرات ٍ مريبة حوله. من حق ّ جميع المهتمين بقضيتها المطالبة بمعرفة مصيرها و لكن ليس َ إجتهاد ذلك المصير !!
فيجب أن يتم ّ الأخذ بعين الإعتبار كيف َ يمكن لعائلة الملوحي أن تتلقى الخبر مثلا ً ؟؟ و كم يمكن ُ له ُ أن يؤثّر عليهم كأفراد و على اصرارهم و حماسهم للتواصل مع ابنتهم ! هذه ليست اشاعة ً كزواج نانسي عجرم و طلاق آخرى من الذين يتم ّ تداول إشاعات حولهن ّ ، أنها قضيّة إنسانيّة لا يصح ُّ التعامل معها كأنها أحداث ُ مسلسل ٍ رمضانيّ يمكن ُ فيه أن نجتهد توقعات كثيرة دون أن يؤثـّر ذلك على سير العمل .
كنقطة ٍ اخيرة أعتقد أن ّ العديد من الناس بدأت تستغل ّ و تستثمر في قضية طل ّ الملوحي ، بقصد ٍ أو بدون قصد ، في انجزاب ٍ انسانيّ بالدرجة الأولى و تعاطف ٍ يتحوّل بعد ذلك ، برأي ، في اللاوعي إلى لعبة ٍ تشبه ُ لعبة شدّ الحبل يأخذ كل ّ جانبه ُ من القضية أو الفكرة و يؤيّد به فلا يرضى أن يسمع أيّ ما ينافي خط ّ سيره و طرق دعمهٍ ، فيثور ُ و يطلق ُ عبارات تخوين ٍ إلى أي ّ من يخترق ُ ذلك الخط ّ الواحد ، كما حصل َ مع الفنان علي فرزات على صفحته ٍ في الفيس بوك عندما قدّم ملاحظة ما على شيئ ٍ ما يتعلق بقضيّة الملوحي ، لا أعرف ما هو تفصيلا ً لذا أستطيع التحدث عنه تفصيلا ً و لكنني فوجئت ُ بعبارة “ علي فرزات ينقل رسالة تهديد من المخابرات السورية بإنزال التعذيب بطل الملوحي إذا لم تتوقف حملتها “ نشرت على حائطه في الفيس بوك هذا الصباح !! و كم هو َ غريب ٌ ذلك !؟
في النهاية و كما دائما ً ، نطالب ُ بمعرفة مصير كل ّ معتقلي الرأي في سوريا ( و العالم ! ) ، و نطالب بمعرفة مصير طل ّ الملوحي و محاكمتها و فقا ً للأصول القانونيّة في حال إرتكابها أي جنحة تقتضي بذلك .

http://www.freesham.com/2010/09/blog-post_17.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى