صفحات العالمما يحدث في لبنان

في لبنان انتهى الأمر لسوريا وايران

سركيس نعوم
بدأ مسؤول اميركي سابق ورفيع – كانت له ادوار مهمة ولا يزال يتعاطى وإن على نحو غير رسمي الشأن العام بالتعاون مع المسؤولين الكبار في بلاده – حديثه معي عن الاردن، قال: “هناك تغيير قريب للحكومة في الاردن (وقد حصل ذلك). وهناك 280 ضابطاً سُرِّحوا من الجيش الاردني قبل مدة على الارجح بسبب توافر شكوك في ولائهم للسلطة والعرش الهاشمي”. تحدثنا معاً في السابق اكثر من مرة عن خيار الاردن دولة بديلة من فلسطين واعتبرتَ حصوله الاكثر ترجيحاً من بين الخيارات الاخرى. قلت. سأل: “ما هو؟”، اجبت: حلّ السلطة الوطنية الفلسطينية نتيجة الخيبة الفلسطينية من ادارة اوباما والتخلي عن حل الدولتين واعتبار الفلسطينيين أنفسهم رعايا في اراض تحتلها اسرائيل. ولا بد من ان يؤدي ذلك مع الوقت الى توسيع دولة اسرائيل والى نشوء دولة واحدة تضم الاسرائيليين والفلسطينيين، ولا بد تالياً من ان يشكل هذا الامر خطراً على اسرائيل بسبب توقع النمو الديموغرافي الكبير للشعب الفلسطيني بخلاف الشعب الاسرائيلي. علّق: “الاردن هو الدولة الفلسطينية. ليس هناك حل آخر”. هل سيأخذ ذلك وقتاً طويلاً؟ سألت. اجاب: “ليس وقتاً طويلاً جداً (Not too long). جورج ميتشل موفد الرئيس الى الشرق الاوسط وجماعته لن ينجحوا في مهمة اقامة السلام بين اسرائيل والفلسطينيين او التمهيد الجدي والنهائي له. وقد يعود واعضاء فريقه ادراجهم من دون اي نتيجة”. ماذا عن سوريا واسرائيل؟ سألت. رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بدأ يتحدث عن احتمالات حوار معها. اجاب: “نتنياهو يحكي عن سوريا والجولان وعن المفاوضات معها عندما يكون محشوراً. اتى ايهود باراك وزير الدفاع الى اميركا أخيراً. قابلته. قال لي إن نتنياهو تغيّر. لم اقتنع لأنني اعتقد ان تغيّره سيكون الى الاسوأ اذا تغيّر. هل ترى حلاً للمشكلة الفلسطينية؟” سأل. اجبت: كلا. ليس في حياتنا على الاقل. علّق: “هذا رأيي ايضاً. اعود الى الموضوع السوري لأقول إن الجولان ليس مهماً لاسرائيل من الناحية السياسية. فحدودها مع سوريا آمنة. والاتفاقات الموقعة بينها وبين سوريا (فك الاشتباك) والتفاهمات الشفهية المباشرة او غير المباشرة مطبقة حرفياً. ولا تمتلك سوريا اي امكان لشن حرب استنزاف على اسرائيل. فضلاً عن ان اعادة اسرائيل الجولان الى سوريا الآن يقتضي اصطفافاً جديداً لسوريا يؤدي في المحصلة الى فصلها عن الجمهورية الاسلامية الايرانية. ونحن نعرف وانت تعرف ان السعودية تعمل لتحقيق هذا الفصل. وقد اكد لي ذلك احد كبار الامراء المسؤولين في المملكة. نجح امير قطر حمد بن خليفة في جمع الرئيس السوري بشار الاسد مع الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز على عشاء عنده. مشي الحال وتطبعت العلاقة بين الزعيمين العربيين، لكن الحكي، اي الحوار بينهما على العشاء كان عاماً”. ماذا عن سوريا وايران ومحاولات الفصل بينهما؟ هل تدرك اميركا ان سوريا لا تستطيع “ترك” ايران حتى لو ارادت ذلك؟ سألت. اجاب بسؤال: “لماذا؟”، عددت العوامل وابرزها القوة السياسية والمعنوية التي وفرتها ايران لسوريا وخصوصاً بعد شعورها بالاستهداف نظاماً واستراتيجية في السنوات الماضية وامدادات النفط المدعوم وامدادات السلاح والمساعدات الاقتصادية والمالية والاستثمارات الضخمة وتدريب وحدات عسكرية مهمة. علّق: “ايضاً لا يستطيع احد ان يقدّم لسوريا العرض الذي لا تستطيع رفضه او بالأحرى لا يرغب احد في ذلك. لا في اميركا ولا في اسرائيل. في اميركا واداراتها أناس بل اختصاصيون جيدون يفهمون تاريخ المنطقة وكل ما يجري فيها. لكنهم بمعظمهم يكتفون بذلك ولا يبحثون خلف الزوايا كما نقول (Behind the corner) وعليهم ان يستمعوا اكثر الى الخبراء في المنطقة الذين هم من ابنائها”. قلت: في اعتقادي ووفق خبرتي وتجربتي لا تقبل سوريا شريكاً لها في لبنان وإن حليفاً استراتيجياً مثل ايران. كيف سينعكس ذلك على لبنان حيث صارت ايران شريكاً لسوريا بل الشريك الاكبر؟ سألت. وجهت هذا السؤال الى كثيرين في عاصمتكم ولم الق جوابا. اجاب: “لبنان خلاص. انتهى الامر لسوريا فيه بحكم الامر الواقع (Defacto). وهي تفعل فيه ما تريد. ومعها ايران طبعا. “المحكمة” ماتت. فريق 8 آذار صار في موقع افضل داخل السلطة علماً انه قوي خارجها. والشيعة صار وضعهم قوياً. المسيحيون صاروا واجهة (Façade). ليس لاميركا اهتمام بلبنان. انتهى هذا الامر. هي تعرف ذلك. وسوريا تعرف ذلك. ماذا عن حكومتكم الحديثة الولادة؟” سأل. اجبت: وجود حكومة لبنانية افضل من بقاء لبنان بلا حكومة رغم التعقيدات المعروفة والانقسامات السائدة داخله ورغم الالغام الموجودة داخلها. لبنان في مرحلة هدنة الآن اقليميا وداخلياً. هذا يعني ان المشكلات والازمات وخصوصاً المفتوحة على العنف قد تكون مستبعدة حالياً الا اذا حصلت تطورات سلبية مفاجئة. وربما يعني ذلك امكان بدء حوار وإن خجول وغير منتج في الوقت الراهن. وهذه الهدنة تنتهي اذا ساء الوضع الاقليمي وعادت المواجهة الحادة بين الجهات الاقليمية والدولية المتناحرة باعتبار ان لبنان احدى ابرز ساحاتها. وتتعزز اذا لم يسؤ او اذا تحسن”. سأل: “ما هي علاقة فرنسا بلبنان؟”.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى