التفاوض السوري الإسرائيلي

الصلح الإسرائيلي السوري المتعثر والوسيط التركي..!؟

null
نوري بريمو
وسط ضجيج إعلامي تضمّنَ مواقف مختلفة متأرجحة ما بين السلبية والإيجابية واللامبالاة..!؟، برزت على السطح أخبار مفادها بأنّ هنالك ثمة وساطة تركية ساعية لعودة الروح إلى مسار عملية المصالحة السورية الإسرائيلية المعطـّلة منذ سنوات بفعل فاعل معرقل لا بل بتأثير مفاعيل عديدة تلعب أدواراً معيقة لا يُستهان بها..!؟، وقد شاعت الأنباء وتصرّف المعنيون بالأمر كما لو أنهم قد أباحوا بسر الكنيسة.. مثلما يُقال!؟، إذ تناقلت وسائل الإعلام المحلية والعالمية (وخاصة السورية والإسرائيلية والتركية وغيرها) المهتمة بشؤون الحرب والسلم في شرق أوسطنا الغارق في مستنقع من المشاكل التي لا حصر لخلفياتها وأبعادها وتداعياتها ومخاطرها حتى أمسى ساحة مستباحة لتنافس مختلف الفرقاء المحليين المتخالفين والدوائر الإقليمية الطامعة والأطراف الدولية القادمة من وراء البحار والمحيطات لا بل المستقدَمة إن جاز لنا التعبير..!؟، حيث جاءت تصريحات مسؤولي كافة الأطراف متزامنة مع وصول رجب طيب أردوغان (رئيس وزراء تركيا) إلى سوريا التي رحبت من عاصمتها بالوسيط التركي الضيف المتهرّب من أزمات حزبه وحكومته مع العلمانيين المناهضين له والمتربصين به، والذي بدا وكأنه متفائل جداً برزمة المخارج التي إحتوتها سلـّته التي حملها تحت إبطه أو في جعبته، والتي يبدو أنها ـ أي تلك السلـّة الأردوغانية ـ قد أثلجت صدر الجانب السوري نوعا ما وأعطته قدراً من الأريحية السياسية والحظوظ الدبلوماسية الأوفر بالتحرك العاجل لجهة محاولة تصدير أزماته الداخلية وتسويف وضع حدّ لخلافاته مع دول الجوار وحلحلة عزلته العربية المشتدة والدولية الخانقة التي أضحى يعاني من أعبائها الثقيلة..!؟، إذ أكدتْ ـ أي سوريا ـ رسمياً بأنها جادة ومستعدة للخوض في هكذا مسار تصالحي لطالما إنتظرته، وبيّنتْ بأنّ المحادثات المباشرة التي ستجري لاحقاً ما هي إلا تتويج لإتصالات سابقة كانت قد جرت بشكل سري للغاية أو بمعنى أدق من تحت الطاولة كما وصفتها بعض أوساط المعارضة السورية التي تفاجأت بالأمر وأسمَتهُ بالمصافقة ولعبة شد حبل وليس بالمصالحة التي قد تجلب السلام للبلدين..!؟.
وصحيح أنّ الوسيط قد أبلغ السوريين بأنّ إسرائيل مستعدة لاعادة مرتفعات الجولان لسوريا مقابل توفير السلام لدولة إسرائيل..!؟، لكننا رأينا كيف أنّ الجانب الإسرائيلي قد تركَ لنفسه مسافة أمان في تصريحاته وذلك بمثابة خط رجعة للتشاور ولنيل موافقة ومباركة حلفائهم الإستراتيجيين أي الأمريكان الذين راقبوا الأجواء عن كسَب، خاصة وأنهم مشكوكين بمدى مقدرة سوريا على توفير مستلزمات معينة لتحقيق السلام وفق الشروط الإسرائيلية المطالبة بحفظ أمنها وبضبط سلوك حزب الله وإيران وحماس وغيرها..!؟، في حين أبدت الإدارة الأمريكية نوعاً من الفتور عبر تصريح وزيرة خارجيتها رايس التي أفادت لجريدة الشرق الأوسط اللندنية: “نحن لا نريد بأي شكل أن نقف حائلا دون أية محاولات لتحقيق السلام بين اسرائيل وكل جيرانها بما فيهم سوريا..، وإذا أراد الطرفان أن يبذلا جهوداَ من أجل السلام فان الولايات المتحدة ستبارك وتدعم هذه الجهود..، لكن المشكلة هي أن سوريا لم تظهر حتى الان رغبة في سلام شرق أوسطي..، تحديدا فيما يخص لبنان..، والأمر الذي يجب ألا يحدث هو أن نتحدث مع سوريا في السلام متجاهلين أمر لبنان”.
لكنْ هل سيستطيع أردوغان الحريص جداً على إنجاح مثل هذه الصفقة التي لبلاده أيضاً ثمة منفعة فيها..!؟، وإلى أي مدى سيقدر على إقناع أصدقائه السوريين المتوافقين معه على لعب أدوار إقليمية من شأنها أن تعيق ما يجري في العراق الجديد وخاصة ما يتعلق بمستقبل إقليم كوردستان العراق الفدرالي الذي بات يـُقلق كل من سوريا وتركيا وإيران اللواتي يحسبنَ أكثر من حساب للسياسية الأمريكية الجارية في منطقتنا الشرق أوسطية التي ينتظرها الكثير من المستجدات..؟!، ومَنْ ذا الذي يراهن على أنّ الوسيطة تركيا ومثيلاتها الإقليمية لا تزال تحظى بقدر من المصداقية لدى الأسرة الدولية وخاصة لدى الأمريكان الذين يبدو أنهم لم يعودوا يأتمنون لهذا الحيلف القديم المريض الذي كان يوماً ما شرطيهم وحامي مصالحهم ويدهم الطولى، ولا يثقون أيضاً بأدوار مثل هكذا مثلث إقليمي (سوري، تركي، إيراني) لا يكفُّ عن خرق الإستقرار في لبنان وفلسطين والعراق وقبرص وكوردستان وغيرها..؟!، وماذا عن الموقف الحقيقي لإسرائيل التي لن يرتاح لها بال ما دامت صواريخ حزب الله مصوّبة صوب الداخل الإسرائيلي المهدّد بشكل يومي لا بل لحظي يضع أمن مواطنيها على كف عفريت قد لا يرحمه حين الضرورة أي عندما يجدّ الجدّ..!؟، وهل لدى الشارعَين السوري والإسرائيلي ثمة رأي آخر مخالف أو موافق من هذه المصالحة أو الصفقة أو عملية السلام أو لنسميها ما نشاء ما دامت الأمور لا تزال طي الكتمان..؟!.
في كل الأحوال..، ليس بوسع أي مراقب سوى الترقب الحذر حيال ما يجري في الكواليس أو الأروقة أو ما يتم إطلاقه من تصريحات وأقاويل عبر البالونات الإعلامية..!؟، لأنّ ما يجري من مجريات على أرض الواقع وسط هكذا مناخات سياسية شرق أوسطية متوترة لأبعد الحدود وفاقدة للثقة المتبادلة ما بين مختلف فرقاء الصراع الدائر بحمية في هذه الرقعة الجغرافية الإستراتيجية المضطربة..!؟، يتجاوز حدود التوقعات والرهانات والصفقات والتكهنات..!؟، خاصة وأنّ تجربة هذه الأقطاب المتبارية قد أظهرت لنا عبر العقود الماضية..، بأنها أطراف متضادة ومتوازية وتستمد قوتها اللوجستية وبقاءها السلطوي في ديمومة هكذا صراعات دموية لم ولن تجلب لشعوب منطقتنا سوى المزيد من المآسي والويلات..!؟، لكنْ لا يعني هذا بأن نفقد الأمل في إمكانية تغيير مسرى هذه المعادلة الصعبة لصالح هذه الشعوب التي هي صاحبة المصلحة الحقيقية في إستتباب الأمن والإستقرار والإتيان بمسقبل أفضل لأجيال بلداننا المبتلية بمختلف البلاوي السياسية والدينية والطائفية وغيرها.
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى