صفحات العالمما يحدث في لبنان

لسنا مع عودة سوريا إلى لبنان !

سركيس نعوم
تحدّث الموظف المهم في “الادارة” البارزة نفسها داخل الادارة الاميركية الذي يتعامل مع ملفات شرق اوسطية بارزة بينها لبنان، قال: “عندما نتحدث عن لبنان في احاديثنا مع سوريا فإننا نثير دائماً مسائل لبنان السيد والمستقل وترسيم الحدود ومزارع شبعا وغير ذلك من ملفات. والموضوع الوحيد الذي تشترك فيه الادارتان الاميركيتان الحالية والسابقة هو لبنان وضرورة المحافظة عليه. وقد سمعتَ اخيراً واللبنانيين والعالم السيناتور السابق جورج ميتشل موفد الرئيس اوباما يقول ان حل ازمة الشرق الاوسط لن يكون على حساب لبنان، وان الفلسطينيين الذين لجأوا اليه لن يوطنوا فيه. وهذا التزام الادارة الاميركية وستنفذه. كما صدر التزام مماثل حيال الاردن. اذ قال ميتشل كلاماً مماثلاً يشير الى ان حل الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي لن يكون على حساب المملكة الهاشمية. والمقصود بالالتزام لبنانياً عدم توطين الفلسطينيين في لبنان. والمقصود اردنياً عدم تحوّل الاردن دولة فلسطينية، وانهيار النظام الملكي الهاشمي الحاكم فيه”.
علّقت: انا اصدّق هذين الالتزامين. لكن دعني ألفتكَ الى امرين. الأول، ان حظوظ التوطين في لبنان صارت ضعيفة لأسباب داخلية. اما الأمر الثاني، فهو ان غالبية الاسرائيليين حسبما سمعت في واشنطن لا تزال مع نحو الاردن دولة فلسطينية. ما رأيك في ذلك؟ سألت. أجاب: “اعرف ان اسرائيليين كثيرين يراهنون على “الدولة البديل” او يميلون اليها. لكن لا يزال من المبكر جداً التركيز على خيار كهذا”. ثم انتقل بحديثه الى لبنان قال: “يتحمّل العماد ميشال عون مسؤولية رئيسية عن كل التحوّل الذي حصل داخل لبنان في السنوات القليلة الماضية بتحالفه مع “حزب الله” وانقلابه على فريق 14 أذار. اخذ المسيحيين الذين كانوا معه الى مكان آخر قد لا يكون في مصلحتهم. لقد رأيت اثنين من السياسيين المؤيدين لعون، حاول كل واحد منهما ان يُكوِّنَ لديّ انطباعاً انه مختلف قليلاً عن عون وسياسته، او ان هناك جهات تتصارع داخل “التيار الوطني الحر”.
ثم دار بحث مفصّل عن الوضع في لبنان فشرحت التحوّل الجاري فيه والذي ادى الى تنامي النفوذ السوري والايراني فيه. وشرحت ايضاً ان الدولة اللبنانية ليست في يد “اصحاب الدولة” ومؤسساتها، وقلت ان الوضع قد يصبح اسوأ مستقبلاً اذا حصلت تطورات يتعلق بعضها بالمحكمة الدولية وتمس القوى المسيطرة الآن في البلاد. سأل: “ماذا يحصل عندئذ؟ “اجبت: لا اعرف، لكن يمكن ان نتصور كل انواع السيناريوات. هناك احتمالات كثيرة ممكنة وقد تكون متناقضة. علّق: “نعود الى المشكلة نفسها. اساس الموضوع الصراع العربي – الاسرائيلي. وعملية السلام بين سوريا واسرائيل مهمة للبنان والمنطقة. هناك شعور في واشنطن ان حماسة سوريا للتفاوض مع اسرائيل خفّت قليلا. هل هذا صحيح؟” اجبت: لا اعتقد ذلك. فاسرائيل تريد سلاماً مع سوريا والعكس صحيح. لكن الاختلاف قد يكون على التفاصيل والاثمان.
بين اسرائيل والنظام السوري نوع من التقاء مصالح مزمن. والسلام السوري – الاسرائيلي لن ينتقص من مكانة سوريا ولن يرتّب اعباء عليها لا قدرة لها على احتمالها. فهي لا بد ان تغلق “حدودها” مع “حزب الله” والفلسطينيين مع ما يعنيه ذلك. لن تضرب “حزب الله”. وليس ضرورياً ان تفك تحالفها مع ايران لصعوبة ذلك. ولكن لا بد بطبيعة الحال ان يَضْعفَ هذا التحالف وان يَضْعفَ الحزب مع الوقت. علماً ان الترسانة المتطورة التي يملكها تمكنه من الاستمرار سنوات.
علّق: “هذا الامر لا يلغي احتمال الحرب مع اسرائيل. اي لماذا السلام اذا كان “حزب الله” سيبقى على حاله وسيستمر في الاحتفاظ بسلاحه والتمسك بمواقفه العدائية؟” رَدَدْتُ: هذا وضع على اسرائيل ان تتعامل معه. فإما ان يكون ثمة تفاهم اميركي – ايراني يحل هذه المشكلة. وإما لا تفاهم واذذاك فإن حرب اسرائيل على “حزب الله”، بضوء اخضر اميركي او من دونه وسلام مع سوريا او من دون سلام كهذا، تصبح متوقعة. وبعد حرب كهذه لا يعرف احد ماذا سيحصل علماً ان الحرب غير البرية لن تربحها اسرائيل في رأيي رغم انها تدمر لبنان. ناهيك بان ربحها الحرب البرية غير مضمون. أضف ان الحرب ربما تنشئ وضعاً دولياً اقليمياً يفَوِّض الى سوريا فرض الانضباط داخل لبنان وربما يفتح باب التفاوض السوري واللبناني مع اسرائيل. علّق: “نحن لسنا مع عودة سوريا الى لبنان، وهي تعرف ذلك. ولا مصلحة لنا في هذا الامر”. رددت: انا لا اخالفك الرأي. واصدّق ما تقول. لكن دعني اقل ان هناك نوعين من المصالح. الاول، مصالح حيوية واستراتيجية تُحارِب اميركا من اجل حمايتها. ومصالح مهمة يمكن ألا تبقى مصالح اذا اقتضت مصالحها الاستراتيجية والحيوية ذلك. ومع كل محبتي للبنان وطني فإنه ليس في رأيي مصلحة حيوية واستراتيجية اميركية. وقد لا يكون وحده في هذا الوضع. الم تكن ايران الشاه حليفاً مهماً لأميركا؟ ماذاحصل عند الثورة عليها؟ وماذا فعلت اميركا لانقاذها؟
كرّر الموظف المهم نفسه في “الادارة” البارزة داخل الادارة الاميركية سؤالا: “ما هي مصلحة اسرائيل في سلام مع سوريا اذا كان لا يتضمن حلاً لمشكلة “حزب الله” وسلاحه ولحركة “حماس”. ثم سأل: “ما هو تقويمك النهائي للوضع في لبنان؟ اجبت: شرحته لك في اثناء حديثنا. كي اكون اكثر صراحة دعني اقل لك باختصار: ليس في لبنان دولة الا على الورق. والتطورات المستقبلية قد تكون سلبية اذا لم يعمل على تدارك جملة قضايا وتطورات. واذا بدأ يحصل ذلك تذكّر انك سمعت هذا الحديث سابقاً وممن.
ماذا في جعبة مسؤول رفيع في “الادارة” البارزة نفسها داخل الادارة الاميركية يتابع عن كثب قضايا المنطقة؟
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى