صفحات العالمما يحدث في لبنان

تحتاج 14 آذار للعودة كمعــارضــة فقط

أيمن شروف
في الأيام، لا بل الأسابيع الماضية، تحوّل النقاش في البلد من واقع الحديث عن الدولة ومفهومها، والعبور إليها، إلى الانقلاب على كل ما تحقق في السنوات الخمس الماضية، على مختلف الصعد، لاسيما السياسية منها، كون الاقتصاد أصبح مرتبطاً بعوامل خارجة عن إرادة الدولة وسلطتها.
هذا التحوّل بالنقاش لم يأت من عدم. مسببه الأساس، ضعف القوى السياسية التي حملت شعار “العبور إلى الدولة”. هذا الضعف أتى من خلال تراكمات منطق المواءمة بين مقتضيات الوضع الداخلي مع متغيرات الخارج. إلى حد ربطت ـ هذه القوى ـ نفسها بمعادلات فوق طاقتها على الاحتمال.
في السابق، وفي عز معركة الاستقلال خرج من يريد تغيير النظام في دمشق. آخر وضع اللبنانيين أمام معادلة البحر من أمامكم والعدو من خلفكم. ذهب هؤلاء في حملتهم لاستعادة سيادة لبنان واستقلاله إلى حدود، هي أشبه بضروب الخيال. شعارات لا طاقة للبنانيين على احتمالها في أي زمان او مكان.
من بديهيات السياسة، أن يُدرك أصحاب الشأن، بأن الانتصارات ينبغي أن تكون واقعية إلى أبعد الحدود، فطالما أن هذه البقعة الصغيرة في الشرق، مؤثرة إلى هذه الدرجة في سياسات المنطقة، يعني ان التراجع من هنا أو هناك، هو خيار قابل للحصول في محطة معينة، بالتالي الواقعية السياسية تقتضي ممن قاد “الانتصار الاستقلالي” أن يحسب “خط الرجعة” بدقة، فلا يتلاشى الانتصار في لحظة من اللحظات.
أي صعود سياسي ينبغي أن يكون مصحوباً “بإدراك” من قادة هذا الصعود لمهمة الحفاظ على الانتصار ويجب أن يكون أولوية في فترة الصعود هذه، وليس في زمن الهجوم المضاد على ربح سياسي كان قد حصل.
هذه الاستعادة لجزء من مسار “ثوار الأرز”، الهدف منه القول بما لا يقبل الشك، أن وحدها قوى الاستقلال مسؤولة اليوم عمّا يحصل من تراجعات موصوفة في صفوفها، وفي شعاراتها، وفي رحلتها نحو “دولة” بما لهذه الكلمة من معنى، قد يكون الجمهور الاستقلالي يدركها أكثر بكثير من قيادات انتفاضة الـ2005.
قد يخرج البعض ليقول بأن السلاح غير الشرعي واستعماله في الداخل، كان العائق الأوّل والأخير أمام الاستمرار بالتحرك السلمي الذي طبع “سنوات التحرر”.
لكن هذا المنطق، هو التأكيد بحد ذاته على أن حسابات هذه القوى لم تكن “موفقة”، إذ كيف لهم الا يعرفوا أنهم يواجهون ترسانة مسلحة باستطاعتها قلب المعادلات بالقوة حين تشعر بتهديد مباشر. أي عاقل باستطاعته أن يدرك، أن أي تنظيم عسكري مهما توغل في عالم السياسة، يبقى “العسكر” هو ملجأه الوحيد حين “ينحشر” سياسياً.
هناك من تخلّى عن معركة السيادة، وهناك من تراجع إلى الصفوف الخلفية. يبقى بعض من يريد استعادة المبادرة، والحفاظ على الإنجازات.
لهذا البعض، ليس له سوى أن يسعى للعودة إلى صفوف المعارضة، والبدء من جديد، علّه تعلّم من التجربة الماضية، ليدرك كيف تكون “الانتصارات” الواقعية.
صحافي في جريدة “المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى