صفحات الناسمحمد ديبو

مواطن يطلب خصخصته

null
شوكوماكو
محمد ديبو/ خاص
من يدقق في السياسة الاقتصادية السورية خلال العقود الأخيرة سيلحظ ولاشك تناقضات بالجملة في تصريحات المسؤولين عن إدارة العملية الاقتصادية, خاصة تلك التصريحات التي تعقب كل قرار اقتصادي يصدر، حيث يعدنا المسؤولون بتوديع الفقر وقبره إلى غير عودة, ودائما يكون الوعد أن الأمر سيتحقق بعد عشرة أعوام , و”عيش عالوعد ياكمون”!..
السيد الدردري يعدنا اليوم بأن الاقتصاد السوري سيكون أقوى اقتصاد في المنطقة اعتبارا من عام 2015، وبنفس الوقت يبشرنا رئيس هيئة تخطيط الدولة أن سوريا تتجه للاستدانة من البنك الدولي, هذا البنك الذي أتحفتنا القيادات الاقتصادية السابقة على مدى عقود طويلة بأنه سليل الامبريالية والرجعية, وأنه مصاص دم الشعوب وأنه رمز الرأسمالية العالمية وووو..
السؤال : مالذي تغير ؟
هل تغيرت سياسات البنك الدولي تجاه نهب الشعوب ؟ أم تغيرنا نحن وبتنا أكثر طواعية لقبول مالم يكن يقبل سابقا !!
مقابل ماسبق, يتم العمل بقدم وساق على خصخصة مشفى الأطفال في سورية, مما يعني أن الاطفال الذين وصف الشاعر السوري بدوي الجبل ضحكتهم بأنها “إن غردت في باطن الرمل أعشبا”, لم يعودوا بأمان, ولن يجدوا الدواء ولا الحضن الدافئ بعد اغلاق المشفى في وجه الفقراء الذين يشكلون النسبة الاكبر في سورية.
ويأتي العمل على خصخصة المشفى, بعد خصخصة العديد من المشاريع بالتقسيط, ولعل كهرباء سورية على الخط بعد اعتزام الحكومة السورية الموقرة منح امتياز على انشاء أول محطة كهرباء خاصة في سورية مطلع العام القادم, مما يعني أن هناك اتجاها لخصخصة كل شيء.
السؤال : هل تأتي الخصخصة هنا تنفيذا لاملاءات البنك الدولي, لأنه من المعروف أن البنك الدولي لايمنح أي قروض دون رزمة شروط تحقق مصالحه قبل مصالح البلد المعني, وعلى رأسها الخصخصة؟
وسؤال ثاني يأتي : أين مصلحة المواطن السوري, في هذه الخصخصة؟ وماهو الثمن المطلوب دفعه ؟
هل أطفال سورية وصحتهم هي ثمن املاءات البنك الدولي ؟
المسؤولون عن إدارة الاقتصاد السوري منذ عقود, دخلوا ضمن مايسمى “اقتصاد السوق الاجتماعي”, ولكنهم على ما يبدو نسوا أن كلمة ” اجتماعي” تعني أن القطاعات الاساسية التي تمس حياة المواطن وصحته وكرامته غير قابلة للخصخصة, ونعني بذلك قطاع الماء والكهرباء والصحة تحديدا !
وفي النهاية, نأمل من المسؤولين أن لايخصخصوا المواطن، لأنه مخصص أساسا للعمل في الليل والنهار ليتمكن من تسديد فواتير” البنك الدولي” !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى