الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّورية

الولي المستبد والمرشد الإيراني الأعمى!

كاظم حبيب
كان على المستبدين في أرض إيران أن يدركوا بأن القدرة على تحمل الضيم والقهر والبؤس والفاقة والمفاسد والإعدامات والسجون المليئة بالمعارضين من جانب الشعب خلال الأعوام الثلاثين المنصرمة لم تعد ممكنة, وكان على المستبدين أن يدركوا بأن الغضب الذي تفجر قبل ثلاثين عاماً في أوساط الشعب الكادح وأطاح بشاه إيران وأجهزته الأمنية يمكن أن يعود إلى الواجهة في إيران ليقض مضاجع المستبدين الجدد, وكان على المستبدين أن يدركوا بأن العراك مع العالم كله في عالمنا الجديد لن يسهم في تخفيف التوتر الداخلي ولن يسمح بالالتفاف على مصالح الجماهير من خلال تشديد الصراع بين إيران من جهة وكل العالم من جهة أخرى. ولكن, هل تمكن أي مستبد في العالم أن يدرك كل ذلك وأن يتعظ من غيره من المستبدين في الأرض؟
كلا, ليس هناك من اتعظ منهم وتخلى عن الحكم وسلمه بأيدي الشعب!
إذ أن كل الدلائل تشير إلى أن المستبدين في الأرض لن يتعظوا من غيرهم, بل أن كلاً منهم يريد ويصر على ممارسة التجربة ذاتها ويعيش المصير ذاته كما عاشها المستبدون من قبله, سواء أكان ذلك في إيران أم العراق أم في أي بلد آخر في العالم.
وتشير الدلائل في إيران إلى أن المستبد بأمره والمرشد الإيراني الأعمى هو الآخر لن يستمع لإرادة الشعب الإيراني, فهو يستمع إلى إرادته فقط, فهو وكيل الله في أرض إيران, وهو الولي الفقيه وهو المرشد المفسد لحياة الناس في إيران. ليس احمدي نجاد هو المسئول عما يجري في إيران وعن الفساد المالي والإداري وما يجري تحت العمائم, بل المسئول الأول هو المرشد الأعلى, فهو, وبأمره, يجري الحل والربط في إيران.
فما أن أعلن عن طريق الخطأ والتزوير نبأ انتصار احمدي نجاد, وكان يعرف النتيجة قطعاً, حتى أرسل هذا المرشد تهنئة له لانتصاره في الانتخابات ولم ينتظر لحظة واحدة وأراد أن يحسم الأمور, فاحمدي نجاد مرشحه الأول, وهو مرشح قوى الباسدران والبسيج والأمن الداخلي وجمهرة من القوات المسلحة الأخرى التي تهيمن على الوضع في إيران وتتحكم برقاب الناس, وهو مرشح جمهرة من الناس البؤساء المهمشين الذين لا يعرفون من أمور الدنيا سوى نصيحة المرشد الأعلى ويعرفون أن احدي نجاد هو مرشح هذا المرشد, أنهم الجمهرة التي استطاع المرشد الأعلى تخديرها, وهنا يلعب دين المرشد دور الأفيون لقسم غير قليل من الشعب الإيراني المؤمن.
نحن أمام ظاهرة شعبية لم يتوقعها الكثير, رغم أنها تتكرر للمرة الثانية, إذ أن لصبر الشعب حدود!
تؤكد الكثير من المصادر في وزارة الداخلية الإيرانية عن عمليات تزوير كبيرة جداً, وإلا لما انقلب الرقم 35% من الأصوات إلى 65% من الأصوات لصالح احمدي نجاد. وعلى المرشد الأعلى أن لا يبقى أعمى, عليه أن يرى الأمور بوضوح, إذ أن الشعب الإيراني لم يعد يحتمل المزيد من الكذب عليه وتزوير إرادته وممارسة سياسة دينية طائفية متطرفة دفعت بالكثير من الناس إلى ترك إيران والعيش في المهجر.
أتمنى أن يصبح ما يجري في إيران درساً مهماً لقوى الإسلام السياسي الطائفية في العراق, شيعية كانت أم سنية, وأن تتعظ من كل جوانب القضية الإيرانية وأن تتجنب ما يراكم الغضب العراقي ويفجره على رؤوس ممارسيه. إن الشعب العراقي يتعلم من الشعوب الأخرى وعلينا أن نتذكر أحداث إيران في أعوام 1951-1953 وما حصل في العراق في العام 1952.
إن الدولة الإيرانية وكل فئات المجتمع والنخب الحاكمة والحوزات الدينية ومجمع رجال الدين في إيران في أزمة حادة ومتفاقمة, ولا يمكن حلها بالترقيع رغم المحاولات الجارية من جانب مؤسسة المرشد ولجانه المشكلة بإرادته, وإذا ما تجاوز النظام هذه الأزمة فلن ينقذ نفسه من الأزمات الكثيرة القادمة لأن الحلول لن تكون جذرية في ظل نظام يقوده الولي الفقيه والمرشد الأعلى, فاتقوا الله, حكام إيران, إن كنتم من المؤمنين!
19/6/2009 كاظم حبيب
الحوار المتمدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى