صفحات سوريةغسان المفلح

سورية اليأس والأمل.

null
غسان المفلح
من خلال متابعتي للنشاط الذي جرى من أجل معرفة مصير المدونة السورية طل الملوحي، وقام به العديد من الناشطين والمهتمين بالشان العام السوري، وتضامن معهم كثر من هوالم مختلفة، وصلت إلى حدود باكستان، مرورا باليمن، ووصلت إلى نشرة أبناء وكالة السي إن إن العربية، هذا إذا أضفنا قناة الجزيرة، والعربية ، والنشاط التضامني الذي تم في القاهرة، أعتقد لم يتوفر نشاطا تضامنيا مع أي معتقل رأي سوري آخر، كما جرى لمعتقلة الرأي طل الملوحي، ومع ذلك الحكومات الغربية ومؤسساتها نأت بنفسها هذه المرة عن إصدار موقف واضح، وهذا مفهوم في ظل انشغالهم بتهديدات القاعدة، كما سربتها وسائل الإعلام الأمريكية، بأن اوروبا مهددة، بعمليات من تنظيم القاعدة، وتلقفها ساركوزي وكأنها نزلت هذه الأخبار عليه من السماء.
ليعيد استنفار قواه الأمنية، ويحاول التخلص مما تعده النقابات وأحزاب المعارضة الفرنسية من نشاطات، من أجل مطالبها الاقتصادية والمعاشية المتدهورة فرنسيا.
في محادثة مع سياسي فلسطيني، بشأن قضية طل الملوحي لأنه سألني عن آخر الأخبار كعادته، متهكما على نشاط المعارضة السورية، وتهكما ليس من باب التهكم فقط، بل من باب حرصه وحبه لهذه المعارضة، ويأسه بالآن معا. قال لي” أن التسريبات الأمريكية بخصوص تهديد القاعدة لأوروبا، في هذا الوقت بالذات، أتت نتيجة لفشل المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، وبالتالي تحتاج إدارة أوباما لفقاعة إعلامية، خاصة وانها أهملت الأوروبيين ودورهم في ملف المفاوضات، التي أفشلها تعنت إسرائيلي ليس بجديد ومتوقع تماما، ولكن الطريف بالموضوع ما قاله عن سيناريو آخر” أن هذه التهديدات جدية، ولها علاقة بملف المحكمة الدولية في لبنان، قائلا” أو يكون جماعتكم في دمشق حركوا شي جهة قاعدية، وجعلوها ترسل إشارة تهديد لأوروبا عبر أمريكا من أجل إلغاء المحكمة الدولية! فاجأني في الواقع، قلت له”هذا تخريف” قال لي دعني أقول لك شيئا: ساركوزي وبعض الحكومات الأوروبية، لا تخفي أن أحد أسباب علاقتها بالنظام السوري، هي تبادل معلومات استخبارية، وهذا ما صرحت به أكثر من حكومة أوروبية، فلولا معرفتهم بعلاقة الاستخبارات السورية بتنظيم القاعدة، وخلاياه المفترضة في الشرق الأوسط وتوابعها في أوروبا، ما هي برأيك خارج هذا الإطار، يمكن أن تستفيد المخابرات الأوروبية من الاستخبارات السورية؟ قلت له هذا تبرير، لسياساتهم وعلاقاتهم مع النظام ليس إلا…فرد بشكل حازم” هو تبرير صحيح ولكن ليس تبريرا بلا أرضية، هنالك تبادل استخباراتي حقيقي لا يشكل أولوية سياسية بالنسبة لهؤلاء لكنه موجود، وهنالك ملفات لبعض المعتقلين سلمت للمخابرات السورية في السابق من أجل التحقيق معها على طريقة المخابرات تبعكم بالتعذيب، وسلمتها بعض الاستخبارات الغربية، وهذه أيضا معروفة” فقلت له إلى أين تريد أن تصل؟ فأجاب” تستغرب إن قلت لك: أنه لا الإدارة الأمريكية، ولا الاتحاد الأوروبي وخاصة ساركوزي ميركل، لديهما الاستعداد السياسي والنفسي والثقافي من أجل إصدار بيان إدانة أو تعقيد علاقتهم مع رئيسكم من أجل مدونة تضع حجابا، حتى لو كانت علمانية! ففي ذروة النشاط من أجلها، كانت الوزيرة كلينتون تجتمع مع وزيرخارجيتكم في نيويورك. قلت له هذا سيناريو فلسطيني متخيل من جماعة” ان الامبريالية كلها شر” ضحك مقهقها، وقال: هكذا أنتم جماعة اليسار الذي أصبح ليبراليا، لا تريديون تصديق أن موقف الدول الغربية عموما من النظام السوري، يتحدد برؤية إسرائيل لهذا النظام لكونه على حدودها، وما تبقى كله خزعبلات من أجل الإعلام أو من أجل الضغط على النظام في قضية عابرة، كأن يوافق على فتح سفارة سورية في بيروت، التي اعتبرها ساركوزي فتحا سياسيا، لكن لا توجد دولة أوروبية تتجرأ أن تخالف ما تريده إسرائيل في قضية موقفها من سورية ونظامها” لهذا أنتم الليبراليون ضيعتم، فلم تعودوا يسارا ولم تفهموا النظم الليبرالية كيف تمارس السياسية والمصالح، لهذا أنس قضية طل الملوحي وستبقى في السجن كما بقي غيرها…قلت له” يخرب بيت أبوك سودت الدنيا في وجهي…” وانتهى الحديث بعد أن شتمني مازحا كعادته…
إنها معادلتنا نحن السوريون على ما يبدو…سنبقى ننوس بين اليأس وبين الأمل، ولكن الأمل بمن؟ ولمن؟
إذا كان ما قاله صديقي صحيحا؟ فماذا نفعل كسوريين إذا التاريخ وضعنا على حدود إسرائيل؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى