صفحات العالم

نماذج ديموقراطية

مصطفى زين
ماذا تريد الدول المجاورة للعراق من بغداد ومن سياسييها الجدد؟ ماذا تريد الولايات المتحدة من هؤلاء السياسيين الذين جاؤوا إلى الحكم بمساعدتها العسكرية والسياسية؟ ثم أين تلتقي مصالح هذه الدول وأين تفترق؟ هذه الأسئلة وغيرها الكثير يفرضها ما آل إليه العراق. وكلها يستبعد أهم سؤال عما يريده العراقيون من حكومتهم التي تصنع بتوافق الخارج أو بتغلب إرادة هذه الدولة على تلك، أو هذا التحالف على ذاك. وهم مجرد جماعات لا إرادة لها. يؤدون دورهم خلال الانتخابات ويعودون إلى بيوتهم وبؤسهم ليتفرجوا على لعبة لا علاقة لهم بها. ديموقراطيتهم تقف عند حدود اختيار هذا الزعيم أو ذاك ليقودهم إلى ما يريده الآخرون في المحيط أو في ما وراء البحار.
لنعد إلى الأسئلة. هي تستبطن اعترافاً من الجميع بأن العراقيين ليسوا شعباً واحداً. هم شيعة وسنة وأكراد وأشوريون وصابئة. هم كل هؤلاء لكنهم ليسوا عرباً. وليسوا مواطنين بالمعنى المعروف لكلمة مواطن. جماعات متفرقة لكل منها مرجعية سياسية داخلية مرتبطة عضوياً بالخارج. يملي عليها ما يتوافق مع مصالحه.
الخارج الآن متوافق، من دون تنسيق، على تهدئة الوضع. مصر والأردن طالبا المالكي بتشكيل حكومة يشترك فيها الجميع. في سورية وتركيا سمع الكلام ذاته. وأضاف إليه الأتراك والسوريون تحذيراً من تلبية مطالب الأكراد كي لا يرسّخوا دولتهم المعلنة ويشكلوا خطراً على الجيران. أما في إيران فكان تأييد المالكي واضحاً، خصوصاً أن طهران وظفت كل محبتها لمقتدى الصدر لإقناعه بالانضمام إليه مقابل إطلاق المعتقلين من تياره.
الولايات المتحدة كان لديها حل لا يتعارض كثيراً مع مطالب الجيران. أرسلت صاحب مشروع تقسيم العراق نائب الرئيس جو بايدن أكثر من مرة إلى بغداد. اقترح أن يكون المالكي رئيساً للوزراء مقابل توسيع صلاحيات مجلس الأمن الوطني وتعيين علاوي على رأسه، بصلاحيات واسعة. أي أن واشنطن أيضاً مع حكومة شراكة وطنية في العراق. الزعيمان على علاقة جيدة بها. الأول وقع معها الاتفاق الأمني الاستراتيجي. والثاني كان رئيساً أيام الحاكم «المدني» بول بريمر، ويوصف بأنه علماني وليبرالي.
ستشكل الحكومة العراقية في النهاية. وستكون لكل دولة ساهمت في تشكيلها حصة. وربما يكون لإحداها ثلث معطل، على الطريقة اللبنانية. أليس لبنان النموذج الديموقراطي الفريد في الشرق الأوسط؟
نموذجان للديموقراطية، وبينهما وفيهما نموذج آخر يتمثل بحداثة الإسلام السياسي. والاختيار لك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى