صفحات سوريةمازن كم الماز

ملاحظات حول الجدال الاقتصادي الدائر

null
مازن كم الماز
1 – تبدو النقطة المركزية في تعريف أو تحديد التوجه أو السياسة الاقتصادية محصورة , وفقا للجدل الدائر , بين الدولة و السوق . وهكذا فالخيارات المتاحة إما اقتصاد مخطط مركزيا أو اقتصاد تقوده قوى السوق “الحرة” , أو توليفات وسطية بينها . ساد تصور في الفكر اليساري سابقا بأن الاقتصاد المخطط مركزيا هو المعادل للاقتصاد الاشتراكي . لكن الاقتصاد المخطط مركزيا ليس اقتصادا اشتراكيا , ليس فقط لأنه طبق لفترات طويلة في أعتى الدول الرأسمالية المتطورة ( منذ سياسة العقد أو الصفقة الجديدة الروزفلتية و مرجعيتها الكينزية و حتى أواخر السبعينيات ) , بل لأنه لا يعني جمعنة وسائل الإنتاج و ملكيتها و إدارتها من قبل المنتجين . إن الملكية العامة – أي ملكية الدولة – لا تتطابق مع ما يمكن تسميته بالملكية الجماعية , و القطاع العام ليس قطاعا اشتراكيا , إنه يدار , و كان يدار , حتى في الدول التي كانت تسمي نفسها اشتراكية في أوروبا الشرقية – من قبل ممثلي الدولة . و الملكية العامة و القطاع العام وجدا , و ما تزال , في أكبر مراكز النظام الرأسمالي العالمي , و إن بدرجة أقل في ظل السياسات النيوليبرالية .
2 – رغم أن السياسات الاقتصادية الكينزية و تلك المخططة مركزيا أكثر رأفة و رحمة بجيوب الفقراء من تلك النيوليبرالية و حتى الليبرالية , لكن اقتصاد السوق الاجتماعي , كما طبق في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية و جزء كبير من أوروبا الغربية في ذلك الوقت , لم يكن نتاج فكر اقتصادي أكاديمي , إنه نتاج توازن طبقي تمتعت فيه النقابات العمالية و الأحزاب الاشتراكية الإصلاحية بدور مؤثر , و في ظل صراع دولي و أوروبي حقيقي مع دول حملت شعارات اشتراكية .
3 – لا تسمع النخبة المتلبرلة بالحرية إلا و تفسرها تفسيرا أحاديا : على أنها حرية برجوازية ما سياسيا , أو ما يسمى بالديمقراطية البرجوازية . واضعو السياسات النيو ليبرالية يفسرون حرية السوق على أنها حرية البرجوازية اقتصاديا في فعل ما تريد , أما من يدعو إلى اقتصاد مخطط فهو يتحدث عن حرية الدولة في التدخل في الاقتصاد . هذه هي الأشكال الوحيدة للحرية التي يمكن الحصول عليها من هذه المقاربات السائدة .
4 – هناك في الواقع طريقتان لجمعنة الملكية ( خاصة ملكية وسائل الإنتاج ) و لجمعنة الإنتاج : الطريقة التي تفرض هذه الجمعنة من الأعلى , كما قام ستالين مثلا بجمعنة الزراعة في الاتحاد السوفيتي بقرار من الأعلى بما في ذلك القضاء على ما كان يسمى بطبقة الكولاك و نتائج ذلك المعروفة على الزراعة و الفلاحين الروس , و الطريقة الأخرى , و هي جمعنة الملكية و الإنتاج من أسفل , كما فعل العمال و الفلاحين الإسبان في عام 1936 مثلا . هاتان الطريقتان مختلفتان جذريا في الوسائل و النتائج .
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى