صفحات الناس

المضحك المبكي في ملف المعتقلين السياسيين من موظفي مديرية تربية اللاذقية

null
كامل عباس
بتاريخ 22/6/2005 أصدر وزير التربية – مشكورا – الدكتور علي سعد , تعميما حول تكليف السادة المحافظين بإيجاد شواغر في الجهات العامة
لاستيعاب المفصولين من العاملين في وزارة التربية بعد ان اخلي سبيلهم .
انقسم المفصولون في اللاذقية الى فريقين .
– فريق يقول : ذلك من اجل زر الرماد في العيون, والموضوع يحتاج الى قرار سياسي يشمل كل المعتقلين وفي كل الوزارات , وبالتالي سيذهب جهدنا سدى , والأمر برمته صدر عن الوزير كي يتخلص من نق هؤلاء ويصرفهم عن وزارته باتجاه الإدارة المحلية .
– فريق ثان رأى ان التعميم قد يكون طريقا جديدا في سوريا لبحث معاناة المعتقلين السياسيين ومساعدتهم , وقد تليه وزارات أخرى , وبالتالي قاموا بتقديم كل الأوراق المطلوبة منهم الى مديرية التربية في اللاذقية .
وبالفعل تم تامين شواغر في بقية المديريات للمتقدمين بأوراقهم وعددهم سبعة عشر شخصا , وكانت حصتي ان يتم تامين شاغر لي في الشركة لعامة للرخام والاسمنت.
اكتملت أوراق الشباب , ولم يبق لهم من اجل التحاقهم بأماكن عملهم سوى الموافقة الأمنية التي لم تأت حتى كتابة هذه السطور.
تشاء الصدف في تلك الأثناء ان تعود الهيبة لرجال الأمن بعد أن اهتزت قليلا اثر نشر صحيفة الثورة خبرا عن إعفاء ستين فرصة عمل في سوريا من الموافقة الأمنية .
تجدر الاشارة الى ان المتقدمين من اجل مساعدتهم , جلهم معلمي ابتدائي في الدرك الأسفل من سلم الوظيفة , وفقراء جدا ومن أبناء ريف اللاذقية, وقد عبر احدهم – جابر سلمى عن معاناته بتوجيه رسالة الى الرئيس بشارالأسد ختمها كما يلي :
(يهمني يا سيادة الرئيس ان أوضح لك أن كاس عرق عندي أهم من كل سياسة الأرض , وان وضعي اليائس يدعوني الى التفكير بالانتحار . أتوجه إليك يا سيادة الرئيس بإعطاء الأوامر لهم ليسرعوا في إعادتي الى عملي ’ عملا بقاعدة – ان كنت مظلوما لرفع الظلم عني , وان كنت مسيئا , رأفة بأسرتي وأطفالي – وكلي ثقة أنك لن تخذلني وشكرا سلفا .)
من جهتي : آلمني جدا ملف المجردين مدنيا في سوريا , وقد حاولت عرض تلك المأساة في كتاب أهديته لهم , سميته- الدرك الأوسط من النار – وختمته كما يلي(( ان مصداقية أي حكم تجاه شعبه تقاس الآن محليا وعالميا بمقدار احترامه للإنسان وحقوقه الفردية. ونحن نتمنى ان ينظر الى معاناة هؤلاء من جديد كأفراد مظلومين . وان يتم العمل على رفع الظلم عنهم وإعادتهم الى وظائفهم أسوة برفاق لهم لم يشملهم التجريد. ))
لم يعد خافيا على احد ما جرى في تلك الفترة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق , وتفاقم الصراع بين سوريا وامريكا , الأمريكيون رفعوا شعار حقوق الانسان كمادة للمتاجرة به ومن اجل مصالحهم ,والسوريون رفعوا مقابل ذلك شعار المقاومة والممانعة ضد المشروع الأمريكي, واي تقديم تنازل باتجاه حقوق الانسان يضعف هيبة الدولة في صراعها ضد عدوها الخارجي . وبالتالي ذهبنا فرق عملة بين الجهتين .
والآن وبعد المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل , ومحاولة السورين عبرها دق بوابة الإدارة الأمريكية من اجل التصالح معها , هل يجوز ان يبقى تفكير عباقرتنا الأمنيين بان مساعدة هؤلاء يقلل من هيبة الدولة ويضعف صمودها ضد عدوها الخارجي ؟
لي معاناة مركبة مع قضية التجريد المدني تحتاج الى سفر خاص , لا أمل من الكتابة عنها غير عابئ بالغمز واللمز من الآخرين .التي تتهمني بأنني أكتب انطلاقا من فرديتي .
تلك الفردية قادتني الى الاجتهاد من اجل عودتي الى وظيفتي بطريقة قانونية , ولقد وجدتها , فالقانون السوري يبيح للمجرد مدنيا عند انتهاء مدة تجريده , العودة الى وظيفته اذا اصبح مواطنا صالحا , وفعلا تقدمت بطلب الى محكمة أمن الدولة العليا ومن ثم الى الجهات المختصة وحصلت على هوية المواطنة من جديد , وقمت بعدها بالتقدم بطلب الى وزارة التربية من اجل العودة الى وظيفتي – الى جانب الطلب المقدم لمديرية التربية في اللاذقية استنادا الى تعميم السيد الوزير المذكور آنفا – وعن طريق الدكتور عماد فوز شعبي , وقد وافقت وزارة التربية ورئاسة مجلس الوزراء على عودتي الى وظيفتي كون العفو العام يشملني بعد انتهاء مدة تجريدي . تابعت الموضوع بمساعدة الدكتور عماد ( جزاه الله كل خير) , وكان رأيه ان عودتي الى وظيفتي واخذ تعويضاتي عن فترة السجن أصبح امرا مؤكدا ,والمسالة مسالة وقت وروتين بين وزارة التربية ورئاسة مجلس الوزراء . وبعد سنة على مرور موافقة مجلس الوزراء , وبين اخذ ورد مع الدكتور عماد , وجدت نفسي اكتب له
– لا تصدقهم يا سيدي , بإمكانهم ان يعيدوني الى وظيفتي خلال أربع وعشرين ساعة لو أرادوا , لكن أسلوب حكمهم يقوم على الحقد لكل من عارضهم يوما –
أطرف ما جرى لي في هذا المجال , ويكاد يكون مضحكا ومبكيا في آن واحد , محاضرة ألقاها على مسمعي كبير موظفي الشؤون الإدارية في اللاذقية الذي مّل من متابعتي للموضوع من خلاله , جوهر المحاضرة .
– هل تقبل على نفسك وأنت المناضل سابقا ان تعود الى وظيفتك بدون رفاقك .
– لماذا لا تنتظر قرارا سياسيا يعود به الجميع وأنت منهم وتحفظ ماضيك وكرامتك ؟
لم تنقصني الشجاعة لأرد له الصاع صاعين وفي مكتبه .
– يا سيدي تركت النضال لكم من خلال مكاتبكم الفاخرة وبيوتكم العامرة , أما انا فيهمني أن أؤمن لقمة حلال لأطفالي , والسلام عليكم .
( كلنا شركاء ) 8/9/2008

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى