صفحات من مدونات سورية

يوميات مجتمعية

بدأت في الغرب موجة  قبل \ وبعد
يعرض في التلفاز الكثير من تلك البرامج التي تختص بالتجميل , والتنظيف , والديكور
والتي تعرض المشاهد قبل \ وبعــد
حتى تلك الاعلانات لمنتج ما توضع صورة قبل استخدام المنتج \ و بعد
ودوما يكون  \بعد \ أفضل من \ قبل \
ويكون أشد جمالا واشراقا وحيوية ونضارة ونظافة وترتيب وتطور وازدهار
حاولت القنوات والمنتجات العربية تقليد ظاهرة\  قبل وبعد  \
سواءا في البرامج أو في المنتجات وكلا الاثنين باءا بالفشل ..
في برامج التجميل تكون الفتاة أجمل قبل أن تضع لها خبيرة المكياج كل ألوان قوس قزح على وجهها
في المنتوجات لم أسمع أحدا إلا وقال ” غشاشين بالدعايات ” المنتج شبه فاسد
كريمات البشرة تصيب بالتحسس , حبوب الريجيم تؤلم المعدة , الأدوات سهلة العطب
وحين ينجو منتج ما يكون مستورد , وكذلك خبيرة التجميل
لا أستغرب ذلك  أبدا , فكيف يمكن لظاهرة قبل وبعد أن تنجح
إن كنا لازلنا نتحسر على أيام \ قبل \ وعلى الزمن الغابر الجميل ,
أطفال أيام زمان , شباب أيام زمان , أسعار أيام زمان , اغاني أيام زمان , كتب ايام زمان
ونلعن الحاضر وهذا الجيل بكل تفاصيله !
ان كنا لازلنا ننظر للتاريخ وللوراء  ولأمجادنا الغابرة , كيف لـ بعد أن يكون أجمل من قبل ؟
….
اليوم كنت أسير بعجلة كبيرة لأصل في الوقت المناسب للمحاضرة ,
و ما أن وصلت باب الكلية حتى لمعت ورقة بيضاء ملصقة على الحائط قرب الباب , ورغم أني كنت على عجلة ولا أرى التفاصيل أو الوجوه  لكن الورقة أوقفتني
ربما لأن الموت وأوراقه يملكون الرهبة الكافية  , كانت ورقة نعوة لدكتور في جامعتنا , سبق أن درسني العام الماضي
ربما لم أتعرف به بما فيه الكفاية , لكني حزنت بشدة ,
أشعر بوحشة حين يموت شخص عرفته ولو لمدة دقيقة واحدة , أشعر بالفقدان
وشعرت بشعور غريب أشعر به كلّما قرأت ورقة نعوة ما
تستفزني صياغة بعض أوراق النعوة , وأذكر حين شهدت شخصيا محاولة بعض الأقرباء لكتابة ورقة نعي
كان يدور نقاش وجدال وخلافات حول من يجب ومن لا يجب ذكره بالورقة , ومن يجب ذكره أولا ,
وطبعا لا ننسى الصفات والألقاب  التي لا ينساها بها أقرباء الفقيد من مثل :
الدكتور , الأستاذ , المهندس , العميد , العقيد , المحامي , العضو في نقابة المحامين , الحاصل على كزا وكزا
وكأنها ورقة لاستعراض المناصب والصفات و عرض العضلات وميزات العائلات
فنحن لا نكتب :
النجار , والحداد , والبستاني .. الخ  ,, بل نضعهم في الوسط بين الأسماء نحاول أن نخفيهم , من أجل اسم العائلة
كم غريبون نحن  البشر !
حتى في أكثر  لحظات الفجيعة , قادرون على الاهتمام بأدق تلك التفاصيل الزائلة
إليهم أقول , لن يقرأ أحد اسماؤكم ,لن تعرض الورقة بالصحف أو التلفاز , ليست ورقة للانتخابات
النعوة للفقيد  , ولن يقرأ الحزين إلا اسمه
رحمه اللـــه !

تلك الجدالات في وسائل النقل لا تنتهي ابدا
” مين ما دفع ؟
يا أخي بيكفي تطلع عالم ماعاد يسع الباص
عداد ونص
العداد منزوع
مامعي صرافة ..
البنت ما بتعرف تسوق
سواقة البنات نزعت المواصلات
بدها نص ساعة لتصف سيارتها . الخ “
ان كنت فتاة فعليك أن تعارك لتقنع الجميع أنك تتقن القيادة
وان استخدمت أحد وسائل النقلدوما عليك أن تتحمل مزاج السائق,
الأغاني التي يسمعها ذوقه الموسيقي أو الديني
أو إن كان تعرض لمخالفة من شرطي ما ويعاني موجة عصبية تحولك مع  طريقة قيادته إلى ما بين كفي عزرائيل
إن كنت في الباص فعليك ان تتحمل من يقف قربك ومن بنحني على الأرض قربك ومن يجلس قربك , ان كان من هواة الجلسة الفتوحة , أو ان كانت امرأة مع اولادها كاملين على كرسي واحد ونصف كرسيك ., أو ان كان شخصا ودودا زيادة عن اللزوم ويحاول البدء بأحاديث لا منطق لها
عليك ان تتحمل, المطبات وتعتادها,  شخصا يتكلم بالصوت العالي من جهاز هاتفه , وقد تكون مجبرا لسماع حديث كامل بين اثنين خلفك مباشرة لتكتشف نهاية  أنهما تعارفا للتو
لا تفكر أن تقرأ كتابا ما لأنك ستجعل من نفسك محط أنظار وربما سخرية فمن يقرأ ” شايف حاله ” , لا تفكر أن تستخدم الانترنت من هاتفك لأن الشخص على يمينك او يسارك او امامك او خلفك , سيعتريه الفضول القاتل
ويحاول ان يكتشف ما تقوم به , لا تحاول أن تفتح النافذة فقد بدأ الشتاء والجميع سيعترضون  ويغلقون النافذة ربما بعد شتمك وعليك ان تعتاد التنفس مع عشرات الأشخاص دون هواء جديد كي لا تدخل نسمة تزعج الآخرين
وليس الحال أجمل مع عرق الصيف وحرارته ..
إن كنت في تكسي
عليك أن تتعرف بداية على مدى رغبة السائق في الذهاب الى المكان الذي ترغب انت بالذهاب إليه
وأن تتحمل جميع التمهيدات التي يقوم بها بالشكوى من ارتفاع الأسعار , لقلة الزبائن كي تفهم أن نهاية الطريق ستدفع مبلغا لا سظهر على الشاشة
عليك أن تعتاد فكرة العداد ونص , ومامعي صرافة , وما بتوفي معي  , و ركض الأرقام بطريقة هائلة على شاشة العداد
وأهم ما عليك ان تعتاده هو شعورك بأن السائق مفضل ع راسك ” لأنه سيقوم بإيصالك
المعادلة المغرية :
أن سائق الباص في لحظات غضبه يقول ” فيك تركب تكسي اذا موعاجبك الباص “
وسائق التكسي يقول ” فيك تركب باص اذا مو عاجبك التكسي “
وانت تقول ” بدي اشتري سيارة ” لأن الطريق حفريات ولا تتمكن حتى من المشي
لكن الأسعار لا تتناسب مع الدخل الفردي  القومي الوطني
ان علمت الحكومة أن الحل الذي اقترحه هو المعارضة والاضراب و البقاء حبيس المنزل  بلا مواصلات ورفع الرايات  للمطالبة بالحرية ربما حينها ستعتني الدولة بطرقاتنا ووسائل مواصلاتنا أكثر في ظل الازدحام المروري الخانق !
..
الجميع يشتكي من الحب ..
إن أحبوك لا تحبهم , وإن أحببتهم لا يحبوك ,
وإن أحببتهم وأحبوك لايحبكم المجتمع , وإن أحبك المجتمع يمنعك الدين وإن وافقك الدين يوقفك المال
وإن ساعدك المال توقفك المسافة , وإن قربت المسافة  توقفك العقد النفسية
وإن حلت العقد و أصبح كل شيء متاح , يمنعك الروتين !
ومع ذلك رغم كل تلك المتاهات لا نضل الطريق
و  كل يوم كلنا نصلي  , وربما البعض بصمت  ” يحيا الحب “

http://dmdoom.wordpress.com/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى