صفحات سورية

مفاجاة امرأة

null
ساطع نور الدين
لا معنى لوصول امرأة الى قمة الهرم السياسي الاسرائيلي، للمرة الثانية في اقل من اربعين عاما، سوى ان اسرائيل تمر بمرحلة انتقالية بين حربين، تماما كما كانت الحال عندما وصلت غولدا مائير الى رئاسة الوزراء بعد عامين على حرب حزيران العام ١٩٦٧ وخرجت منها بعد اشهر على حرب تشرين العام .١٩٧٣
المرأة الاسرائيلية التي كانت قبل قيام الدولة شريكة في حرب العصابات وفي تطوير الكيبوتزات قبل ان تصبح بعد اعلان الدولة شريكة في مختلف مناحي الحياة العسكرية والسياسية، هي كما يبدو الملاذ الآمن للاسرائيليين في لحظات الفراغ او الضياع بين طبقة سياسية يغلب عليها الرجال الخائفون او المترددون او الفاسدون.. او الذين يدعون زعامة لا اثر لها في اي منهم.
لا تأتي السيدة تسيبي ليفني الى قيادة الدولة الاسرائيلية من المجهول. هي تحمل إرثا وخبرة لا جدال فيهما. لكنها لن تنافس غولدا مائير التي لا يقتصر تاريخها السياسي على عملية التنكر الشهيرة التي قادتها الى الملك الاردني عبد الله الاول والتفاوض معه على ترتيبات مشتركة للضفة الغربية ما زالت قائمة بمعظمها حتى اليوم.. الارجح ان مهمتها في الاشهر المقبلة ستركز على تنظيف البيئة السياسية الاسرائيلية من الفساد والفوضى. وهو شأن المرأة في كل مكان وزمان.
وما عدا ذلك، فإنه لن يكون لليفني اي دور خاص لا في السلام ولا في الحرب، الا إذا جاءت المبادرة اليهما من الجانب العربي وهذا شبه مستحيل. ولن يكون لها اي مسؤولية خاصة في تدبير امور المنطقة الا اذا جاءت الاوامر صريحة ومباشرة من واشنطن. والمرجح انها مثل هذه الاوامر لن تصدر خلال الاشهر المقبلة المكرسة لانتخاب رئيس اميركي جديد واختيار ادارته وسياسته المقبلة.
التدقيق في مواقف ليفني السياسية يشير الى انها ترجمة شبه حرفية لجدول اعمال سلفها ايهود اولمرت: في لبنان، لم تكن الحرب الاخيرة في العام ٢٠٠٦ اخفاقا كاملا. الحملة التدميرية الواسعة النطاق ساهمت في ردع حزب الله، وفي اقامة منطقة دولية عازلة على الحدود، تضمن أمن المستوطنات الشمالية. وفي سوريا، لم تكن المفاوضات غير المباشرة عبر تركيا خيارا استراتيجيا، بل مجرد مكافأة مؤقتة، وعملية استطلاعية غير مضمونة النجاح. وفي الاراضي الفلسطينية، ليس من مسؤولية اسرائيل انتاج الشريك الفلسطيني ولا حتى تقويض البديل الفلسطيني، الا استجابة لضغوط اميركية، او لنداءات عاطفية متأخرة من بعض الجمهور الاسرائيلي. وفي إيران، لا مجال لاي نوع من الاجتهاد في قرار الحرب او السلم الذي تحتكره واشنطن وحدها.
وصول ليفني الى القمة لن يكون اكثر من فرصة عابرة لاسرائيل للانطواء على نفسها وإعادة ترتيب شؤونها الداخلية، حتى يحين موعد الحرب المقبلة، التي قد لا تكون رئيسة الوزراء المقبلة صاحبة القرار في اشعالها، مثلما لم تكن غولدا مائير صانعة قرار اندلاعها في العام ١٩٧٣ .
لكن في كل امرأة مفاجأة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى