صفحات الناس

لا نتكلم، لا نتابع، لا نهتم بالسياسة ( تحقيق)

null
رامي نخلة
المواطن السوري غير مهتم بمتابعة أداء من اختاره  ليمثله في مجلس الشعب، كما أنه يخشى الحديث بالموضوع.
هذا ما أظهرته نتائج استطلاع للرأي، شمل مئة مواطن موزعين على ثلاثة فئات رئيسية (طلاب الجامعات، العمال والفلاحين، أصحاب التجارات الحرة).
هَدَفُ الاستطلاع إلى الوقوف على مدى اهتمام ومتابعة الشارع السوري بما يجري في مجلس الشعب، بعد انتصاف عمر دورته التاسعة، وخصوصا في ظل أخبار الأخيرة التي تناقلتها وسائل الإعلام عن الفساد هناك.
هذا وكانت قد جرت الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب بتاريخ 22/4/2007، ودعت عدة جهات معارضة لمقاطعتها أهمها إتلاف إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي، كما سخرت الإدارة الأمريكية منها على لسان المتحدث الرسمي باسم خارجيتها “شون ماكروماك” الذي وصفها بالنوع الذي يفوز به المرشح بنسبة 90 % من الأصوات.
وجاءت النتائج الرسمية للانتخابات لتعلن فوز 172 مرشحا للجبهة الوطنية التقدمية، بينهم 135 عضو من حزب البعث الحاكم، من أصل 270 مقعدا في المجلس، وبنسبة مشاركة بلغت 56.12% كما أعلنها وزير الداخلية اللواء “بسام عبد المجيد”
وكان قد صادق مجلس الشعب السوري في مطلع شهر آذار الماضي على رفع الحصانة البرلمانية عن النائب “أكرم الجندي” لعدم سداده قروض مالية مستحقة بقيمة 21 مليون دولار، اقترضها عام 2005 من المصرف العقاري لإطلاق محطة شام الفضائية، كما ذكرت مصادر مطلعة لـ” إيلاف” عن تحقيقات حول ممتلكاته تفيد بأنه يملك فيلا تقدر قيمتها بـ 3 مليون دولار غير مسجلة باسمه.
هذا وكان قد حقق المجلس خلال ستة أشهر بتهم فساد طالت ثلاثة من أعضاءه هم عدنان السخني ومحمد  دعبول وعامر الحمصي، وتشير تقارير منشورة في الصحف الرسمية أن الفساد الحكومي يكلف خزينة الدولة 50 ألف دولار يوميا.
جرى الاستطلاع عن طريق طرح أسئلة مثل، هل سمعت بهذا الخبر، هل شاركت في لانتخاب، هل تذكر اسم العضو الذي انتخبته.
وكانت النتيجة أن 97% من العينة التي استطلعت أرائهم لم يسمعوا إطلاقاً بأخبار الفساد، و 38 % منهم لم يشاركوا في الانتخاب، و7 فقط من الذين انتخبوا تذكروا أسماء الأعضاء الذين انتخبوهم.
كما أن 26 شخصاً لم تشملهم العينة كانوا قد وافقوا في البداية على التحدث ألينا، ثم ما لبثوا أن انسحبوا بعد أن تم شرح الهدف من الاستطلاع وموضوعه، معللين ذلك بعدم اهتمامهم واطلاعهم بالأمور السياسية، هذا بالإضافة إلى أن 33% طلبوا عدم ذكر أسمائهم الكاملة، وهناك نسبة كبيرة غير محددة قامت بإعطائنا صراحة أسماء مستعارة.
حسين العلي (40 سنة) فلاح من دير الزور، كان يفترش مع زوجته والعشرات من أبناء القرى والمدن السورية البعيدة نسبيا عن دمشق أرض الحديقة المجاورة لمستشفى الأطفال في المزه بانتظار معالجة أطفالهم هناك، “حسين” كان متحمسا للحديث مع الصحافة عن معاناته في علاج طفله لكني ما أن أدرك أن الموضوع هو اهتمام المواطن ومشاركته بالحياة السياسية، عبر عن عدم رغبته بالتكلم بالسياسة وأشار إلى “ربطة الخبز وعلبة الجبن” بجانبه وقال.
” نحن فلاحين دراويش كل همنا في هذه الحياة هو تأمين رغيف الخبز لأطفالنا، والحمد لله لا ينقصنا شيء، طفلنا يعالج مجانا في هذا المشفى، ننعم بأمان غير موجود في كل دول العالم لدرجة يمكنني فيها مع زوجتي النوم هنا في هذه الحديقة دون أن نخاف من شيء”
عمر، طالب سنة رابعة ترجمة في جامعة دمشق، كان قد قال لي أنه انتخب، وبعد سؤالي له عما إذا كان يذكر اسم العضو الذي انتخبه، أجاب بعد تفكير بأنه “محمد حمشو” وهو رجل أعمال معروف جدا، كانت قد غطت العاصمة لافتات كبيرة له أثناء الحملات الانتخابية، لهجة عمر أوحت بأنه من مدينة السويداء ولا يحق له انتخاب “محمد حمشو” عضو دائرة دمشق، وحين صارحته بهذا قال لي بأنه لم ينتخب ويعلم بأنه لا يوجد أي قانون يجبره على الانتخاب  وأضاف.
“لكننا هنا في سورية، حين يتعلق الأمر بالشؤون السياسية والأمنية أخر شيء يمكنك الاعتداد به هو القانون، هناك جماعات دعت لمقاطعة الانتخابات وأخر شيء أريده هو تصنيفي كواحد منهم”.
محمد، صاحب بقالية في منطقة المزه دمشق انتخب ولم يتذكر اسم العضو الذي انتخبه لكنه تذكر بأنه العضو الذي أقام “مضافة” بالقرب من منزله وسهروا فيها مع رفاقه ورقصوا طيلة فترة الحملة ثم أضاف.
“هذا أقصى حد يمكننا الاستفادة فيه من مجلس الشعب فبعد نجاحهم في الانتخابات لن نسمع عنهم أي شيء، لأن الصحف الرسمية فقط تشيد بإنجازاتهم أما الصحف المحترمة فهي ممنوعة من الدخول إلى البلد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى